20 ديسمبر 2016 / شبكة الصين / الانطباع الأول الذي يظلل مخيلة الكثير من الأجانب حول الصين أنها كتلة واحدة غير مُتمايزة، ولكن من يدقق في فسيفسائها يدرك أن هذا ليس صحيحا، فحتى البشر يبدون مختلفين في عاداتهم وتقاليدهم وصورهم تبعا لاثنياتهم التي تتجاوز الخمسين، كما تبدو المقاطعات الصينية متابينة في مستوى التنمية حتى يبدو الفارق بين شرق الصين وغربها كما الفارق بين عالمين، فيما يُماثل الاختلاف بين مدينتي هاربين في أقصى الشمال وهاينان في أقصى الجنوب الفارق بين مدينة روسية واُخرى استوائية، حيث بدأت كل واحدة من المدن الكبيرة التصرف اقتصادياً كما لو كانت بلداً صغيراً، بينما اختطت المقاطعات والبلدات الصغيرة ما يناسبها في النهوض وفقا لمشروع الحلم الصيني.

شيامن.. حديقة على البحر

تعكس مدينة شيامن في مقاطعة فوجيان جنوب شرق الصين التي يصل سكانها إلى 3.9 مليون نسمة وتصنف بأنها من افضل المدن الصينية للمعيشة، قصة الصعود السريع للمدن الصينية وتحولها من بلدات فقيرة لمدن عصرية والتي انطلقت من شانغهاي، فجزيرة شيامن التي تقل مساحتها عن 1700 كيلومتر شهدت تحولات تنموية كبرى خلال العقدين الاخيرين بفضل اعتمادها كمنطقة تجارية حرة، لتصبح واحدة من أسرع المناطق نموا في الصين، خاصة بعد ان زادت شهرتها كواجهة سياحية، خاصة بعد ان اشتهرت بوصفها "حديقة على البحر".

قال مدير الادارة الافريقية بالخارجية الصينية لين سونغ تيان إنه لم تكن شيامن شيئا مذكورا في مطلع التسعينات مجرد بلدة صغيرة تفتقر للبنية التحتية والخدمات، وأضاف لين:" أنا فخور بما تحقق الان، هذه روح الصين. نحن متواضعون ومنفتحون على العالم ونسعى للتعلم منه وتجريب الأفكار الجديدة، ومن يريد ان يربح عليه ان يكن مستعدا لان يخسر، لسنا مثاليين، نحن نخطئ ونصيب ولكننا نتحرك ونمضي الى الامام".

تتطلع العديد من الدول النامية لاستلهام التجربة الصينية، وتحقيق نهضة سريعة في بلدانها، وتبدو المهمة اسهل من الصين بوفرة الموارد وقلة السكان مقارنة بالصين، الا ان السؤال الاساسي يتعلق بكيفية الحصول على المال لأحداث نهضة في زمن قياسي.

يلخص لين سونغ تيان المنحدر من مقاطعة فوجيان المسالة بقوله ثمة تخطيط استراتيجي شامل للنهوض بالصين، والذي يشتمل على خطط عامة للدولة وخطط تفصيلية حتى لاصغر قرية، وأضاف:" تقوم السلطات المركزية بوضع الخطة والسياسة، والمساعدة في تأسيس البنية التحتية والخدمات، بينما تقوم السلطات المحلية بالترويج للمشروع وجذب المستثمرين، وإيجاد تمويل طويل الأجل من البنوك بضمان المشروع.

تلفت السلطات المحلية الى ان تسهيل الإجراءات امام المستثمرين لعب دورا مهما في جذب الاستثمارات في تجربة شيامن، فقد كان تستخرج خمس رخص لمباشرة استثمار يستلزم شهرا على الاقل من التنقل بين وحدات حكومية مختلفة، أما ان الآن فيمكن إنجاز كل ذلك من نافذة واحدة في أقل من ساعة.

بدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ حياته من هذه المقاطعة كنائب عمدة مدينة شيامن ليتدرج ويصل لقيادة الصين ككل، ويلقي هذا بدور الضوء على اهتمام الحزب الشيوعي الصيني بصنع القيادات وتداول السلطة حيث يعمد الحزب لتجهيز قيادات مؤهلة وملتزمة حزبيا لعقدين من الزمان، ويتم تأهيلها وتدريبها ومراقبة ادائها لوقت طويل، تعلق قيادات بالحزب الشيوعي على الامر وقالت :"هناك معايير صارمة الامر ليس لعبة لياتي شخص من الشارع ويصل للسلطة عبر المناظرات التلفزيونية دون سابق خبرة أو معرفة، وهو ما يعرض حياة الامة والعالم للخطر خاصة اذا كانت الدولة مهمة".