بسبب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يتحقق، حتى اليوم، حلمهم بالعودة إلى وطنهمم. إنهم ملايين اللاجئين الفلسطينيين المشردين في أنحاء العالم.
يعيش بعضهم في الصين. كريم الذي يعيش في بكين منذ سنوات واحد منهم. هو ليس متشائما بمستقبل حياته.
قال كريم، وهو رجل ضخم الجثة: "لا يمكنني أن أعود إلى فلسطين حاليا، لكني وجدت الشعور بالطمأنة والأمن كأنني في بيتي، حيث أمضي كل يوم سعيدا ومفيدا.
يذهب كريم إلى البار الذي فتحه في شارع سانليتون للبارات ببكين في الساعة الثامنة صباح كل يوم ليبدأ مع طباخ صيني وبعض العاملين الصينيين أعمالهم الكثيرة يوميا.
مساحة هذا البار، أو المقهى، الذي يسمى دارين كافيه، أقل من 60 مترا مربعا، تسوده أجواء عربية. تعلق على جدران البار الأرجوانية لوحات رسم زيتي غربية وعربية قديمة. على منصة البار شطرنج عربي وأباريق شاي نحاسية وماكينة طحن البن مستوردة من إيطاليا وأكياس من البن الكولومبي. تنتشر الطاولات والمقاعد الحديدية المنقوشة بأشكال كلاسيكية في أرجاء المقهى الضيق والمزدحم، حيث يجلس الضيوف ذوي ألوان البشرة المختلفة واللغات المتعددة يتناولون الأطعمة ويتذوقون القهوة ويتجاذبون أطراف الحديث بحرية ودون إزعاج الآخرين.
تقول فتاة بلغارية اسمها الصيني /داي يا/ :"عملت في ليبيا، وهناك أحببت الطعام العربي تدريجيا. في بكين وجدت الطعام العربي في هذا البار الأصيل." قالت هذا وهي تأكل الكسكس التونسي. وقالت أيضا إنها جاءت من محطة إذاعة بكين الدولية الواقعة بالضاحية الغربية التي تعمل فيها حاليا إلى هذا البار/ المطعم الواقع بشرقي المدينة.
جاء كريم الذي ولد في سورية إلى جامعة بكين قبل 20 سنة لدراسة السياسة الدولية، ومن يومها أمضى في الصين معظم أوقاته. عمل في بعض السفارات العربية في بكين واشتغل في تجارة أجهزة الكمبيوتر والبرامج، لكنه لا يفتخر بذلك التاريخ، لأنه يعتقد أن عمله بدأ يزدهر حاليا.
قال كريم:"نشاطي الرئيسي ليس البار، عملي الرئيسي هو بيع البن. هذا البار ليس إلا نافذة لعرض وترويج القهوة بعلامة دارين التي سجلتها. باري هو البار الوحيد الذي لا يبيع الخمور في هذا الشارع، لأني مسلم، المسلمون لا يشربون الخمر بالإضافة إلى أن رائحة الخمر القوية تؤثر في رائحة القهوة الطيبة.
إلى جانب البارات التي يديرها في شوارع سانليتون وهونغتشياو وتيانتان وحديقة القصر الصيفي، استأجر كريم حوالي ثلاثة هكتارات من الأراض الزراعية في حي شونيي بمدينة بكين، لإقامة معمل لمعالجة البن المستورد من كولومبيا، ثم يبيعه للفنادق والبارات والسفارات والأجهزة ذات العلاقة بالأجانب في بكين وبعض المدن الصينية الكبيرة.
مشروعه الاستثماري الآخر هو استقدام أشجار الزيتون من الدول العربية الواقعة على شاطيء البحر المتوسط لزراعته على مساحة واسعة في محافظة وودو بمقاطعة قانسو التي تشبه في مناخها وتربتها وبيئتها تلك الدول العربية. وسوف يقوم بعصر ومعالجة الزيتون الذي سيشتريه من الفلاحين المحليين بالأسلوب العربي التقليدي ليبيعه للفنادق والسفارات والمطاعم التي يتجمع فيها الأجانب دائما.
"كل أعمالي من الأعمال الصغيرة، الفكرة ممتازة، لكنها تفتقر إلى دعم الحكومة والشركات الكبيرة في المال والسياسة، لذلك يصعب عليها أن تتطور بسرعة وبحجم كبير." قال كريم. إنه يحسد التجار من الدول ذات السيادة، حيث يمكنهم أن يحصلوا على مساعدات حكومية معنويا أو ماديا كثيرا أو قليلا.
حسب تعريف سعدي جابر القائم بالأعمال المؤقت بالسفارة الفلسطينية، يوجد في الصين 200-300 فلسطيني يقيمون في الصين بغرض التجارة مثل كريم، يقيمون رئيسيا في مدن ييوو وقوانغتشو وشنتشن وشانغهاي المزدهرة والمنفتحة اقتصاديا. إلى جانب ذلك يوجد في الصين نحو 100 طالب فلسطيني وافد وأكثر من الف تاجر فلسطيني يأتي إلى الصين للتجارة في فترات قصيرة سنويا.
كريم راض بحياته في الصين. قال إن المواطن الصيني ودود ومتحمس يرغب في مساعدة الآخرين. زوجته فرنسية وله أصدقاء صينيون كثيرون، لأنه يتكلم الصينية بطلاقة، ، فلا يشعر بالغربة.
بعد حرب الشرق الأوسط الأولى عام 1948، تشرد عدد كبير من الفلسطينيين مضطرين إلى الأردن ولبنان وسورية والسعودية وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول. يقترب عدد اللاجئين الفلسطينيين من 5ر3 ملايين. أصبحت عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم إحدى المشاكل الرئيسية للصراع الفلسطيني والإسرائيلي.
يتمنى كريم أن يعود إلى فلسطين في يوم من الأيام، لأنه ولد في سورية ولم يرجع إلى فلسطين.
قال: "ما دمت لا أستطيع العودة إلى بيتي، سأبقى في الصين، لأنها أصبحت وطني الثاني. هنا كثير من الأعمال علي أن أنجزها، مثل تجارة الأرز بين باكستان والصين وإنتاج وتصدير الأثاث الأوروبي. في وقت الفراغ أحب أن أقرأ الكتب مع زوجتي ونزرع الزهور ونركب الخيل."
شبكة الصين / 4 ابريل 2006 /