في جامعة شرق الصين للعلوم والتكنولوجيا بمدينة شانغهاي قابلنا مجموعة من الطلاب العرب الذين يدرسون تخصصات مختلفة بالجامعة. لكل منهم قصة وراء قدومه إلى الصين والدراسة بها. مريم الساعيد، المغربية، التي تدرس الهندسة الإلكترونية قالت إن شقيقتها درست الطب في شانغهاي، وبقت في الصين بعد تخرجها حيث تعمل طبيبة وتقيم في مدينة إيوو مع زوجها. وتضيف الشابة المغربية أنها بعد المرحلة الثانوية تشاورت مع أهلها حول المكان الذي تدرس فيه، فأجمعوا على الصين. وتقول إنه إذا كان المغرب وطنها الأول فإن الصين هي وطنها الثاني.
ناصر علي عبد الله الهاجري، اليمني، الذي يدرس الدكتوراه في الهندسة الكيماوية قال: إن العلاقة بين اليمن والصين تاريخية، وقد ساعدت الصين اليمن في بناء الطريق السريع الأول من صنعاء إلى تعز إلى الحديدة. يوجد باليمن كثير من الشركات الصينية التي تتعاون مع الشركات اليمنية لبناء اليمن، فكان تأثير الصين علي عظيما. كما أن لي أصدقاء كثيرين في الصين، وأخبروني بأشياء كثيرة عن الصين. عندما أتيحت لي فرصة الدراسة في الصين، أتيت إلى الصين. درست تخصص هندسة البتروكيماويات في مرحلة البكالوريوس ثم عدت إلى اليمن وعملت في وزارة البترول اليمنية، وجدت فيها مسؤولين ومهندسين تخرجوا في جامعة شرق الصين للعلوم والتكنولوجيا أيضا، بعد عدة سنوات أتيت مرة ثانية لدراسة الماجستير والدكتوراه.
اللغة الصينية
الطلاب العرب في الجامعة يتحدثون اللغة الصينية جيدا باستثناء نمير إبراهيم عباس حداد،
العراقي، الذي يدرس الدكتوراه في الهندسة البيولوجية ولذا يدرس باللغة الإنجليزية. ظننت أنهم درسوا اللغة الصينية قبل القدوم إلى الصين، ولكنهم قالوا إنهم لم يدرسوا اللغة الصينية إلا بعد القدوم إلى الصين ودراسة اللغة لمدة سنة قبل دراسة التخصص.
وقال منيب شهدا شهدا، السوري الذي يدرس دكتوراه الهندسة الكيماوية إنه درس اللغة الصينية لمدة سنة قبل الدراسة التخصصية، ثم درس الماجستير باللغة الصينية التي يعتقد أنها صعبة للغاية. وقال إنه يصعب عليه أن يفهم كلمات الأساتذة فيسجل ملاحظات ويستعين بأساتذته وزملائه في دراسة اللغة والتخصص.
أما محمد حسن جب، الفلسطيني، الذي يدرس الهندسة الكيماوية في مرحلة البكالوريوس، فقال إنه واجه بعض الصعوبات في دراسة اللغة الصينية، فالصينية تكتب من اليسار إلى اليمين، عكس العربية، وتوجد اختلافات كثيرة بين قواعد اللغة الصينية واللغة العربية، ولكن أساتذته وزملاءه ساعدوه فارتفع مستواه في اللغة الصينية بصورة سريعة. وقال: أظن أن البيئة اللغوية عنصر هام لدراسة اللغة الأجنبية، وحيث أنني أعيش في الصين فإنني أستفيد منها لدراسة اللغة الصينية والتعرف على الثقافة الصينية.
الطلاب العرب هنا يعتقدون أن دراسة اللغة الصينية خطوة هامة للدراسة في الصين، لمدة سنة أو سنتين أمر هام لدراسة التخصص. نمير قال: لا أجد صعوبة في الدراسة وفي الحديث مع أساتذتي وزملائي باللغة الإنجليزية، ولكن أشعر بالأسف، لأنني مشغول وليس لدي وقت لدراسة اللغة الصينية.
دراسة التخصص
كنت أظن أنهم يواجهون صعوبات جمة في دراسة التخصص بعد دراسة اللغة الصينية، ولكنهم قالوا:"لا توجد صعوبات في دراسة التخصص". قال منيب: مستوى الأساتذة مرتفع، ويمكننا أن نسألهم في أي وقت، والطلاب الصينيون متحمسون وطيبون. ومن لا يستطيع دراسة تخصصه جيدا فتلك مشكلته هو.
الحكومة الصينية تولي أهمية كبيرة للتعليم والبحث العملي وتخصص أموالا كثيرة لتعليم الأكفاء، وإصلاح بيئة الدراسة وزيادة عدد الجامعات وتوسيعها. منذ تسعينات القرن الماضي شهد مستوى البحث العلمي في الجامعات الصينية تطورا كبيرا، يضارع أعلى المستويات الدولية.
الحياة في الصين
عن حياتهم في الصين قال منيب: مبلغ المنحة الدراسية يكفي الطالب مادام لا يبذره. لا نتحمل نفقات الدراسة والإقامة والعلاج الطبي. والجامعة توفر لنا الماء الساخن على مدار الساعة ال24. نشتري بعض الطعام والاحتياجات اليومية وندفع فاتورة الهاتف فقط.
قال ناصر إن الصين دولة مستقرة وآمنة وأسعار بضائعها أرخص مما في أوروبا وأمريكا، والمواصلات والاتصالات متطورة، يوجد تلفون في كل بيت ويوجد تلفون نقال لكل شخص فيسهل علينا أن نتصل ببعضنا، أعيش في الصين حياة سعيدة.
حكى لنا محمد كيف قلق عليه والداه أثناء سارس في الصين واتصالهما به للاطمئنان عليه، في تلك الأيام اتخذت الجامعة بعض الإجراءات وزودتنا بمعلومات الحماية وقدمت لنا الأدوية واعتنى الأساتذة بصحتنا.
بالإضافة إلى ذلك، يقوم الطلاب الوافدون بالرياضة البدنية دائما. اشترك ناصر ومحمد في فريق كرة القدم للأجانب بالجامعة الذي يشارك في المباريات التي تنظمها الجامعة. وتنظم الجامعة رحلات سياحية للطلاب الوافدين في العطلات. سألت محمد " أين ذهبت في الصين؟" قال: إلى بكين وتيانجين ونانجينغ وسوتشو وهانغتشو وشيامن وقويلين وهاينان وغيرها.
المستقبل
سألتهم "ماذا تريدون أن تعملوا في المستقبل؟"
قال منيب: إذا أجد عملا مناسبا في الصين، سأبقى فيها. وإذا أتيحت لي الفرصة لدراسة ما بعد الدكتوراه، أريد أن أواصل الدراسة.
قال ناصر: سأعود إلى اليمن وأعمل في وزارة البترول اليمنية، أريد أن أستخدم ما أدرس من معلومات في الصين وأقدم مساهماتي في التعاون الودي بين اليمن والصين.
قال نمير: كنت مدرسا في جامعة بغداد قبل القدوم إلى هنا، سأعود إلى جامعة بغداد للتدريس. وأتمنى أن يأتي مزيد من العراقيين إلى الصين للدراسة والتجارة أو السياحة ليشهدوا كيف تتطور الصين وكيف يعيش الشعب الصيني ويتعرفوا على الثقافة الصينية العريقة.
قال محمد: أتمنى أن تحل قضية فلسطين سلميا، وأتمنى أن أجد عملا في الصين، وأن أذهب إلى بكين لمشاهدة الألعاب الأولمبية في عام 2008.
قالت مريم: أتمنى أن أدرس جيدا وأجد عملا جيدا هنا، وأتمنى أن تكون العلاقات بين الدول العربية والصين طيبة إلى الأبد.
استمعت إلى كلماتهم، ورأيتهم يرسمون مستقبلهم الجميل بأعمالهم، وعلى وجوههم الثقة بالنفس. (الصين اليوم/ سبتمبر 2005 /
شبكة الصين / 14 سبتمبر 2005 /