مقابلة خاصة: فتاة صينية تعبر11 دولة عربية
الآنسة وانغ جيه (كوثر)
وانغ جيه (اسمها العربي كوثر)، 21 سنة، طالبة في السنة الرابعة بكلية اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين. كانت قد اشتركت في نشاط "مسيرة الصداقة الصينية العربية" التي نظمتها جمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية وجمعية الصداقة الصينية العربية كمترجمة خاصة للغة العربية وصحفية تابعة لقناة شمس بهونغ كونغ - مسؤولة عن هذا النشاط. فزارت مع قافلة سيارات دول الامارات والسعودية واليمن والسودان ومصر وليبيا وتونس الجزائر والأردن وسوريا والكويت وغيرها من 11 دولة عربية وايران – احدى الدول الإسلامية. فبدأت هذه المسيرة انطلاقتها في ال 6 من نوفمبر الماضي وانتهت في ال8 من فبراير الجاري حيث استغرقت ثلاثة أشهر ويومين وقطعت خلالها اجمالي أكثر من 27 ألف كيلومتر مربع. وأجرت شبكتنا مقابلة خاصة مع الآنسة كوثر بعد ظهر أمس. وكانت هذه أول مرة تدلي فيها بحديث لوسائل الاعلام الصينية منذ عودتها الى الصين في ال 8 من الشهر الجاري.
* الشبكة: السلام عليكم. أولا وقبل كل شىء، يطيب الى أن أعبر عن خالص التهاني بنجاح نشاط مسيرة الصداقة الصينية العربية. فما هو أهم مغزى لإقامة هذا النشاط؟
- كوثر: إن الهدف الرئيسي لهذا النشاط هو حملة اعلامية – لاظهار عالم عربي حقيقى ايجابي مملوء بالحيوية والنشاط عن طريق عرض فيلم وثائقي علي المشاهدين الصينيين. قافلة سيارتنا ضمت مصورين وقادة ومحررين ومترجمين ومهندسين ميكانيكيين وغيرهم من 22 شخصا من مهن مختلفة. وعنوان الفيلم الوثائقي هو "الأخوة" لاظهار أن أفراد الشعب العربي الصديق أخواننا وأخواتنا. فنريد أن نظهر أمام المشاهدين الصينيين معالم العالم العربي الحقيقية وصداقة الأخوة بين الشعبين الصيني العربي بعدساتنا ونشيد جسر الصداقة الصينية العربية من خلال النشاط الشعبي، هذا هو هدفنا الرئيسي والمغزى من اقامة هذا النشاط.
* الشبكة: هل حظى النشاط بصدى كبيرة في الدول العربية التي تمرون بها؟
- كوثر: حصل نشاطنا علي دعم قوي من قبل السفارات العربية المعنية لدى الصين قبل انطلاقنا، كما حصل على اهتمام بالغ من الحكومات المحلية خلال المسيرة فقدمت كثير من هذه الدول تأييدا عظيما حكوميا مثل الجزائر والإمارات والسعودية وليبيا والسودان وتونس واليمن والأردن وإيران أيضاً. وحظيت قافلتنا بترحيب حار من المواطنين المحليين في كل مكان مررنا به ولمسنا مشاعر ودية من الشعب العربي الودية وكانوا كأخوة لنا علي الدوام .
* الشبكة: سمعت أن هذه أول مرة تسافرين خارج البلاد، فما هي الانطباعات التي تركها العالم العربي لديك؟
- كوثر: إن كل أبناء الشعب العربي ودودون ومتحمسون ولطفاء وبسطاء وطيبو القلب بينما كانت هناك بعض الاختلافات بين سكان دولة اخري. فنجد السودانيين وغيرهم من الشعوب الافريقية أكثر حماساً ومباشرة. أما السعوديون، فهم غير مياشرين في التعبير عن أفكارهم نسيبا. وفي تونس تستطيع أن نشعر بأن هناك كثيراً من العناصر الأوربية قد وفدت اليها.
فالعالم العربى الحقيقي الذى شهدته بأم عينيي أكثر روعة من الذي كتب في الكتب. فرأيت خلال هذه المسيرة عادات وتقاليد عجيبة متنوعة في هذه الدول العربية التي تختلف حضاراتها. وأيضا أعحبتني وجذبتني أزياؤهم المميزة.
* الشبكة:أى دولة من التي مررت بها تركت أثرا أعمق لديك؟
- كوثر: إن كل دولة مررت بها مُحببَة ولها خصائصها الفريدة. فيصعب علي أن أقول أى واحدة منها. مثلا قسطنطينة في الجزائر، فهى مدينة مبنية على الصخور لها تاريخ طويل وحضارة عريقة. وأيضا تعجبني مناظر أشجار الزيتون في مدينة تونس الجميلة. بسبب مرورنا خلال المسيرة بكثير من الدول، فكان شعور السير على الحدود جميل جدا. رغم أن هناك لا توجد مناظر عجيبة أو مميزة، بل أحب ذلك الشعور – من جهة الشوق للدولة التي ستغادرها ومن جهة أخرى مفعمة بالتطلعات للدولة القادمة.
* الشبكة : ما هو الأمر الذي كان مؤثراً خلال هذه المسيرة؟
- كوثر: أذكر في يوم عندما كنا نمر باحدى الصحاري في السودان، فلم يكن هناك أثر لأي شىء الا الكثبان الرملية، ويبدو أنه لا يوجد طريق تماما. وكانت العواصف الرملية قوية والجو سيئا جدا. فكان خروجنا من تلك المنطقة بفضل القوات المرابطة هناك وحراستها لنا من مكان الى مكان آخر كسباق التتابع. وكنا نجلس في داخل السيارات المغلقة أما سيارات الجنود فكانت مكشوفة فهم يواجهون العواصف الرملية مباشرة دون حاجز يقيهم منها. وبعد رافقتنا القوات حتي خرجنا من تلك المنطقة، فقفلت راجعة حتى لم تتح لنا الفرصة أن نقول "شكرا" لأفرادها.عندما وصلنا الجمارك اليمنية، كان الجو حارا جدا فأعطانا الموظف أيس كريم من البرادة في مكتبه. فالأمور المؤثرة مثلها كثيرة جدا. إن الشعب العربى حقا متحمس وودي جدا حتى لا نستطيع التعبير عن ذلك بالكلمات.
* الشبكة : كنت أصغر عضو والأنثى الوحيدة في فرقة التصوير، ما هي أكبر الصعوبات التي واجهتك خلال المسيرة؟
- كوثر: منذ يوم تحركت عجلات السيارات، ظللنا نواجه صعوبات مختلفة في كل لحظة تقريبا: من عدم فهم اللغة العامية المحلية الغريبة الى تعطل السيارات في منتصف الليل وغيرها. ولكن كل هذه تم حلها أخيرا في ظل التفاهم والتعاون بين أعضاء فريقنا. خلال كل المسيرة، لم أشعر بصعوبات كبيرة للغاية قد واجهتني بسبب مساعدة جميع الأعضاء وتفهمهم.
*الشبكة: هذه أول مرة تعملين كمترجمة خاصة في مشروع كبير، فمن المؤكد أنك قد خرجت بالكثير من الدروس من هذه التجربة فهل يمكن ان تلقي الضوء علي هذا الجانب؟
- كوثر: أريد أن أقول أن هذا العمل كان تحديا كبيرا بالنسبة الي. فكنت العضو الوحيد الذي يعرف اللغة العربية في فريقنا فعلى كتفي مسؤولية وضغط هائل. فهنا أود أن أعبر عن شكري الجزيل لجامعتنا، لما أرسته من قاعدة ثابتة لمستوى لغتي العربية خلال الدراسة لثلاثة أعوام في كلية اللغة العربية. وأصبحت كثير من طرق الترجمة الأساسية التي درِّسها لنا الأستاذة في الجامعة ذات فعالية عالية في عملي. وأصبح لدي ادراك مهم عبر هذا النشاط ألا وهو أن مستوى اللغة العربية مهم، ولكن ليس أهم شىء. فتظل المعاملة الجيدة مع الآخرين والثقة المتبادلة والاحترام للآخرين أهم شىء. فنجاح أي عمل لن ينفصل عن التعاون بين كل أعضاء المجموعة المكلفة به والعمل بروح الفريق.
وأتمني لكل دارسي اللغة العربية في الصين أن يتابعوا الثقافة العربية أكثر ويهتموا بتعلم واستخدام الحكم والأمثال ويبحثوا عن فرص أكثر للاشتراك في الانشطة الاجتماعية. وفي الوقت نفسه، لابد من الارتقاء بالطباع الفطرية الشاملة لنفسك ودراسة الثقة والفهم والفكر من أجل الآخرين دائما. فإن التسامح خلق مهم جدا وهو أكبر دروسي في هذه المسيرة.
* الشبكة : ستتخرجين من الجامعة، هل هذه التجربة ستؤثر علي تطور حياتك في المستقبل؟
- كوثر: نعم، بالتأكيد. بعد هذه المسيرة العظيمة، توسعت دائرة معارفي وادراكي، وأشعر الآن بأن الدنيا كبيرة وواسعة وزاخرة بفرص متنوعة. فرغم أنني تحت ضغوط التوظيف حاليا، ولكنني هادئة ومطمئنة القلب ولا أشعر بقلق علي مستقبلي. فالآن زادت رغبتي في معرفة الحضارة العربية في الدول العربية المختلفة بصورة أعمق. وأفضل أن أعمل في المهن التي تتمتع بحرية كبيرة في المستقبل. فربما سأشترك في النشاطات مثل هذه اذا اتيحت لى فرصة فيما بعد.
* الشبكة: وأخيرا، ممكن أن تقولي شيئا لشبكة الصين وقرائنا كخاتمة لمقابلة اليوم؟
- كوثر إن العالم العربي يتمتع بحضارة عريقة. كما قال الرئيس الصيني هو جين تاو إن الحضارة الصينية والحضارة العربية كلاهما من ضمن كنوز الحضارات العالمية. ومن خلال هذه المسيرة، شعرت من أعماق قلبي بقوة التغلغل والالتصاق بالحضارة الاسلامية. في العصر المحاضر، نسي كثير من الناس الحضارات الممتازة في الدول العربية. وان نظرات الناس تتركز أكثر على متابعة القضايا الساخنة والنقاط المتركزة علي السياسة والاقتصاد ونسوا الحضارة العربية العريقة العظيمة المشرقة الرائعة ومساهمتها الجليلة الهائلة في تطور الحضارة البشرية في التاريخ الحضاري العالمي. فيجب الا يكون انطباع الناس عن الدول العربية هو الارهاب والحروب والنزاعات المتتالية دون توقف أو منطقة منتجة للنفط فقط. إن الحضارة الاسلامية والحضارة العربية هما حضارة متسامحة ومنسجمة وداعية للسلام، ومكونات هذه الحضارة العميقة العريقة تستحق اعجاب البشرية جمعاء بها. وأتمني أن تكون محتويات شبكة الصين أوفر وأروع وممكن أن تنقل أخبارا وتقارير أعمق وأكثر مصداقية وأيضا تتابع الأخبار حول الثقافة العربية أكثر لأن التقارير الثقافية لا تستطيع أن تغير انطباعات الناس السلبية عن العالم العربي فحسب، بل ترفع أذواقهم وتهذب نفوسهم بقوتها الداخلية. فكان كل أعضاء فرقتنا في هذا النشاط قد شاهدوا الحضارة العربية العظيمة بأعينهم وتأثروا بود الاخوة افراد الشعب العربي تأثيرا كبيرا. ففي شبكتكم فريق من المحررين الممتازين، وأتمنى أن تشكل شبكتكم جسرا ورابطة تربط الصين والدول العربية وتنتشر وتطور صداقة الاخوة بين الشعبين. وأخيرا أتمني لشبكة الصين أن ترتقي من أفضل الي أفضل!
شبكة الصين / 14 فبراير 2007 /
-------------------------
الربط
- مؤتمر صحفي لنشاط مسيرة الصداقة الصينية العربية
- مأدبة خاصة لمسيرة الصداقة الصينية العربية
- مراسم انطلاقة "مسيرة الصداقة الصينية العربية"
|