share
arabic.china.org.cn | 27. 12. 2025

مقالة خاصة: المقاهي ... طقس يومي وفضاءات مشرعة الأبواب للأردنيين

arabic.china.org.cn / 03:52:57 2025-12-27

عمان 26 ديسمبر 2025 (شينخوا) دخلت المقاهي في كل تفاصيل حياة الأردنيين، فلم يعد الجلوس فيها وارتيادها مقتصرا على شريحة بعينها مثلما كان عبر عقود طويلة من الزمن، بل باتت في قلب الحياة اليومية لمواطني المملكة.

واليوم، تحولت المقاهي بالأردن لمحطات للشباب والعائلات لمتابعة البطولات الرياضية العالمية ولا سيما الدوريات الكبرى، ومباريات المنتخبات الوطنية لكرة القدم، ولا سيما للجاليات الوافدة بالمملكة.

ومثلما عجت المقاهي بالعاصمة عمان خلال بطولة كأس العرب الأخيرة التي أقيمت في دولة قطر، عادت الجماهير الرياضية الأردنية والأخرى الوافدة للتوافد على المقاهي لمشاهدة مباريات بطولة الأمم الأفريقية المقامة حاليا بالمغرب، وبخاصة تلك المباريات التي يكون فريق عربي طرفا فيها.

لذلك لم تعد المقاهي في الأردن مرتبطة بقضاء وقت يسير فيها، بل اصبحت جزءا أصيلا من ثقافة المجتمع وحضارة المكان التي تميز مدن المملكة، حيث تحولت إلى فضاءات مشرعة الأبواب، للشباب وطلبة الجامعات والموظفين وأصحاب الأعمال والسيدات، وأولئك الباحثون عن مكان مريح لإنجاز اشغالهم.

وبحسب معطيات إحصائية حصلت عليها وكالة أنباء ((شينخوا)) من وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية يوجد بالمملكة حاليا 4271 منشأة التي لديها غايات تمكنها من ممارسة عمل المقاهي.

ويعد الشعب الأردني من أكثر الشعوب ارتباطا بثقافة شرب القهوة، اذ يبلغ استهلاك المملكة من مادة القهوة 20 الف طن سنويا، حسب إحصائية غرفة تجارة الأردن، وتمثل طقسا يوميا يحرص الغالبية على ارتشافها صباحا، وفي كل الأوقات ما جعل المقاهي تحتل مكانة متقدمة في الحياة اليومية للأردنيين.

-- المقاهي جزء مهم من الحياة اليومية

وقال صاحب أحد أقدم المقاهي الشعبية في الأردن، سيف عبد منعم لـ((شينخوا)) "إن مقهى السنترال في وسط العاصمة عمّان، والذي يعود تأسيسه إلى العام 1930، يمثل جزءا أصيلا من تاريخ المدينة وذاكرتها الاجتماعية".

وأضاف عبد منعم الذي يدير المقهى اليوم بوصفه من الجيل الثالث في العائلة، محافظا على طابعه التراثي والأصيل، أن المقاهي في الأردن تشكل جزءا مهما من نمط الحياة اليومية للأردنيين، وتحظى بإقبال واسع من مرتاديها، ولا سيما تلك القائمة وسط العاصمة عمان.

ولفت إلى أن كثيرا من الناس يفضلون اللقاء في المقاهي القديمة لما تتمتع به من عراقة وأصالة وأجواء تعكس روح المكان ويتنوع روادها بين كبار السن والشباب والسياح، مبينا أن شيوع النمط الحديث من المقاهي أثر سلبا على عمل المقاهي القديمة التي حافظت على طابعها التاريخي ونمطها التراثي.

وبين عبد منعم أن المقهى يشكل ملتقى دائما لرواده لشرب القهوة والشاي وتدخين الارجيلة والاستمتاع بمشاهدة المباريات وممارسة لعبة الشدة، مؤكدا أن هذه التفاصيل اليومية أسهمت في ترسيخ المقهى كمكان للقاء والتواصل.

-- الابتعاد عن القيود التقليدية للمكاتب

وتفضل الموظفة في القطاع الخاص رهام حسين في كثير من الأحيان ارتياد مقهى للعمل من خلاله بدلا من روتين المكتب خصوصا وأن طبيعة عملها مرن ونظام العمل في مؤسستها لا يستوجب بقاءها طيلة ساعات الدوام بين أروقة المكاتب.

وقالت رهام لـ ((شينخوا)) "أختار العمل في المقهى في كثير من الاحيان للابتعاد عن القيود التقليدية للمكاتب ما يمنحني مساحة أكبر للإنجاز وتنفيذ المهام خصوصا وأن المقاهي أصبحت تنتشر في الاردن بكثر لهذه الغاية حيث توفر كل المتطلبات اللازمة من مكاتب وإنترنت وغيرها من لوازم العمل".

وحسب المواطن صلاح أبو الغنم فإن المقاهي في الأردن أصبحت طقسا اجتماعيا يجمع الأصدقاء والأحبة، خصوصا للاستماع في مشاهدة المباريات واللقاءات، مشيرا إلى أنها تمثل مساحة للراحة وتخفيف ضغوط الحياة اليومية، وأيضا لاستعادة الذكريات والمواقف الجميلة التي عاشوها معا.

وقال أبو الغنم لـ((شينخوا)) إن المقاهي لم تعد مجرد أماكن للترفيه، بل صارت فضاءات للاجتماع وتبادل الأحاديث ولعب ما يسمى شعبيا (لعبة الشدة) والاستمتاع بالارجيله مع الأصدقاء والأقارب.

وأكد أن الجو الودي ودفء الجلسة هو الغاية الحقيقية التي يبحث عنها الجميع، حيث توفر المقاهي اليوم أجواء مريحة للنقاش والتواصل الاجتماعي بعيداً عن الضغوط اليومية.

-- بيئة مناسبة لحل الواجبات الجامعية

ووفق الطالبة الجامعية راما محمد بات المقهى بالنسبة لها مساحة مريحة وهادئة تقضي فيها وقتا مهما من أسبوعها، مشيرة إلى أنها تلتقي مع زملائها هناك عدة مرات، حيث يتحول المكان أحيانا إلى بيئة مناسبة لحل واجبات الجامعة، وأحيانا أخرى للدراسة للامتحانات أو لتبادل الخبرات الأكاديمية فيما بينهم.

وتوضح راما لـ((شينخوا)) أن الجلوس حول طاولة واحدة يخلق جوا من التعاون والدعم، حيث يتشاركون النقاش حول المواد الدراسية، ويتبادلون الحديث عن التحديات والمعوقات التي تواجههم في الدراسة، ما يخفف من الضغوط ويعزز روح الفريق بينهم.

وتضيف الطالبة راما أنها في أوقات أخرى تفضل الذهاب بمفردها إلى المقهى، لتحتسي قهوتها وتقرأ كتابها بهدوء، لافتة إلى أن الأجواء الهادئة، والتصميم الداخلي المريح، والإضاءة المناسبة، تساعدها على الاندماج في القراءة والشعور بالراحة والتركيز "وهذا أصبح جزء من نمط حياتي".

وبات ارتياد المقهى حاجة اجتماعية ونفسية للشاب أحمد سيف، الذي يعمل في القطاع الخاص، يلجأ اليها بعد ساعات العمل الطويلة، مؤكدا أن ضغوط الحياة المهنية وتعدد الالتزامات اليومية تجعل من الصعب التواصل مع الأصدقاء في منازلهم.

وقال سيف لـ((شينخوا)) "إن السهر في المقاهي يوفر لي مساحة لكسر رتابة يوم العمل، واستعادة شيء من التوازن بعد إيقاع العمل المتسارع".

وأضاف "مجرد الجلوس مع صديق وتبادل الحديث، كما يقول، يخفف من وطأة الضغوط ويتيح فرصة للتفريغ الذهني بعيدا عن صخب الوظيفة ومهامها المتواصلة".

ويرى أن انتشار للمقاهي في بلاده الأردن بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة يعكس تغيرا في نمط الحياة الاجتماعية، ويؤكد دورها المتنامي كمتنفس رئيس للشباب وسط بيئة حضرية تفتقر لخيارات ترفيهية واسعة.

-- المقاهي باتت مكانا جامعا للناس والمناسبات

وقال المستثمر بمجال المقاهي أنس أبو عودة إن التوجه العالمي اليوم نحو المقاهي المعروفة باسم (بيوت القهوة) أو المقاهي الحديثة، أصبح حاضرا بقوة في الأردن، حيث باتت هذه المقاهي تنافس تلك التقليدية من حيث طبيعة الخدمات المقدمة، وجودة المشروبات، ومستوى الأجواء والتصميم.

وأضاف أبو عودة لـ((شينخوا)) أن الانتشار الواسع للمقاهي بعموم مناطق الأردن، لا سيما الحديثة منها، أوجد حالة من التنافس الإيجابي فيما بينها لتقديم خدمات متطورة تلبي تطلعات الزبائن، من خلال توفير وسائل الترفيه والاتصال والخدمات الرقمية، ما أسهم باستقطاب أعداد متزايدة من المواطنين.

وأوضح أبو عودة أن المقاهي تحولت إلى جزء من نمط حياة الأردنيين، وأصبحت مكانا جامعا للناس، سواء للمناسبات الاجتماعية، أو العمل عن بعد، أو عقد اجتماعات العمل، أو الدراسة والنشاطات الثقافية والفعاليات العائلية، في ظل توفر بيئة متكاملة تضم كل ما يحتاجه الزبون من خدمات.

وفي السياق ذاته، رأى الأكاديمي والخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي أن ارتياد المواطنين للمقاهي في الأردن، بمختلف أنماطها وأشكالها، يمثل سلوكا اجتماعيا حضاريا متقدما يعكس تحولا إيجابيا في أنماط الحياة اليومية، حيث بات الأفراد يفضلون الخروج من المنازل والجلوس في أماكن مريحة تتيح لهم الاسترخاء والهدوء.

وقال الخزاعي لـ((شينخوا)) "إن المقهى أصبح وسيلة تواصل اجتماعي وتحاور، وملتقى ثقافي خاصة للطلبة، إلى جانب دوره المتزايد في الدراسة والعمل عن بعد وعقد الإجتماعات غير الرسمية، ما يمنح الحياة اليومية نمطا جديدا أكثر مرونة وراحة".

وأكد أن المقاهي تسهم أيضا في شغل أوقات فراغ الشباب بأنشطة اجتماعية إيجابية، وتحد من الفراغ، لافتا إلى أن تنوع أنماط المقاهي والخدمات التي تقدمها يساعد على استقطاب الزبائن من مختلف الفئات، ويعزز دورها كمساحات آمنة ومريحة للتلاقي والتفاعل الاجتماعي.

-- بديل عملي عن جلسات المنازل

وأكد نائب رئيس غرفة تجارة الأردن جمال الرفاعي أن المقاهي في الأردن أصبحت جزءا لا يتجزأ من نمط الحياة اليومية للمواطنين، وتحولت لبديل عملي عن جلسات المنازل، في ظل انتشارها المتزايد وتنوعها بين المقاهي الشعبية والتقليدية والحديثة والمتخصصة.

وقال الرفاعي لـ((شينخوا)) "إن السنوات الأخيرة شهدت انتشارا واسعا للمقاهي في مختلف المدن الأردنية، وبات من الصعب المرور في شوارع المدن الكبرى بالمملكة دون ملاحظة الكثافة اللافتة لوجودها، ما جعلها جزءا من المشهد الحضري اليومي للبلاد".

وأضاف "المقهى بالأردن أصبح امتدادا للبيت والعمل، وفضاء للراحة وتبادل الآراء ومتابعة الأحداث، حيث تلبي المقاهي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، من العائلات والشباب، إلى طلبة الجامعات والعاملين عن بعد، فيما يفضلها البعض لعقد الاجتماعات غير الرسمية". 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号