الخرطوم 11 ديسمبر 2025 (شينخوا) أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) طقس "الجرتق" السوداني على قائمة التراث الثقافي غير المادي العالمي.

وقال وزير الثقافة والإعلام والسياحة السوداني خالد الأعيسر، في بيان صحفي اليوم (الخميس)، إن اعتماد الجرتق ضمن قائمة التراث العالمي يمثل تقديراً دولياً للثقافة السودانية وحماية لموروثها الأصيل.

وأكد أن الإدراج يعكس جمال الروح السودانية وعمقها، مضيفاً "أن أهمية هذا الإدراج تتضاعف في ظل الحرب التي تهدد التراث والعادات، ما يجعل الحفاظ على الهوية الثقافية للسودان مسؤولية وطنية وعالمية في آن واحد".

وتسببت الحرب في السودان بتدمير مراكز ثقافية ومتاحف ومكتبات، وعرّضت العديد من المواقع التراثية للخطر، فضلاً عن تشريد المجتمعات التي تحمل هذا الإرث وتنقله عبر الأجيال.

وفي ظل هذه الظروف، يصبح إدراج الجرتق عالمياً خطوة مقاومة بحد ذاتها، ورسالة تقول إن التراث ليس مادة للاندثار، بل قوة للبقاء.

وفي السياق ذاته، قال خبير التراث السوداني وأستاذ الدراسات الثقافية معتز عبدالحليم إن إدراج الجرتق في قائمة التراث العالمي يأتي كـ"درع دولي لحماية الموروث السوداني" في وقت يتعرض فيه لخطر كبير.

وأوضح عبدالحليم، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الحرب تسببت في تهجير المجتمعات الحاملة للتقاليد وإضعاف البيئة الاجتماعية التي تزدهر فيها الطقوس الشعبية، مما يجعل التوثيق والحماية الدولية ضرورة ملحّة.

وأشار إلى أن الخطوة ليست تكريماً لطقس واحد فحسب، بل اعترافاً بأن التراث السوداني جزء من الذاكرة الإنسانية المشتركة، وأن حمايته تساوي حماية تاريخ شعب كامل، مضيفا أن الثقافة غالباً ما تمثّل خط الدفاع الأخير للمجتمعات وعنصراً أساسياً في إعادة البناء بعد انتهاء الصراعات.

من جانبها، قالت الباحثة في التراث السوداني سلوى محمد إن إدراج الجرتق يعد اعترافاً دولياً بقيمة هذا الطقس، ويسلّط الضوء على ضرورة حماية التراث من آثار الحرب.

وأضافت لـ((شينخوا)) أن "الثقافة يمكن أن تكون قوة مقاومة وصمود، تمكّن المجتمع من الحفاظ على هويته وتاريخه".

وأشارت إلى أن الحدث يعكس أن التراث السوداني ليس مجرد تقليد، بل ركيزة أساسية للصمود والاستمرارية، وأن حماية الموروث الثقافي ضرورة ملحّة، خصوصاً في ظل الصراعات التي تهدد الهوية الثقافية للمجتمعات.

وأدرجت اليونسكو "الجرتق السوداني" ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، وذلك خلال اجتماعات الدورة العشرين للجنة الدولية لصون التراث الثقافي المنعقدة أخيرا.

ولا يُعد الجرتق مجرد طقس للاحتفال بالزواج، بل لوحة رمزية تجمع بين الألوان والعطور والطقوس الروحية التي تمتد جذورها إلى عادات قديمة يُعتقد أن بعضها ذو صلة بأصول فرعونية.

ويشير اللون الأحمر المهيمن في الملابس والديكور إلى البدايات الجديدة، بينما تحمل أدوات الجرتق كالحريرة (وهي قطعة قماش حريرية حمراء اللون تُربط عادة حول عنق العروسين)، والهلال الذهبي، والضريرة (وهي خليط عطري سوداني تقليدي يُصنع من الحبوب والعطور البلدية) معاني ترتبط بالبركة والطهارة والترابط والحماية.