بكين 10 ديسمبر 2025 (شينخوا) قال أحمد سلام، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والمستشار الإعلامي المصري السابق في بكين، إن المنجزات التي حققتها الصين تحت قيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ والحزب الشيوعي الصيني تمثل نموذجا واضحا للتنمية المتوازنة والحكم الرشيد في العصر الحديث.

وأدلى سلام بهذه التصريحات خلال مقابلة خاصة مع وكالة أنباء شينخوا مؤخرا أشار فيها إلى أن الصين استطاعت الجمع بين الاستقرار السياسي والإصلاح المستمر، وبين القوة الاقتصادية والانفتاح المنضبط، وبين الهوية الوطنية والانخراط في العولمة بطريقة ذكية ومسؤولة.

-- رؤية شاملة للحكم والإدارة على الصعيدين المحلي والدولي

وأوضح سلام أن المجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حول الحكم والإدارة" الذي تم نشره بلغات أجنبية يقدم فهما عميقا للتحولات في إدارة الدولة الصينية، التي ركزت على الاستقرار السياسي والإصلاح المستمر ومكافحة الفساد وتطوير المؤسسات وتعزيز الشفافية والرقمنة.

وقال سلام إنه من أبرز هذه التغيرات ترسيخ مفهوم القيادة الرشيدة والإدارة الفعالة، الذي يشمل مكافحة الفساد وتطوير المؤسسات الحكومية وتعزيز الشفافية والرقمنة والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار الخبير المصري إلى أن الصين حققت إنجازات تنموية ملموسة خلال السنوات الخمس الماضية رغم التحديات العالمية، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين نحو 18.9 تريليون دولار أمريكي في عام 2024 بمعدل نمو 5 بالمائة على أساس سنوي، مساهما بنحو 30 بالمائة من التوسع الاقتصادي العالمي.

كما أبرز سلام تركيز الصين على تمكين التنمية الاجتماعية والحد من الفقر لتنجح في انتشال أكثر من 770 مليون شخص من دائرة الفقر منذ إطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح، فضلا عن الاهتمام بالبيئة الإيكولوجية والتنمية المستدامة، ما يعكس رؤية شاملة تتجاوز الاقتصاد إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية والبيئية.

كما عززت الصين مكانتها العالمية في الابتكار والبحث العلمي، حيث بلغ حجم الإنفاق على البحث والتطوير حوالي 500 مليار دولار أمريكي في العام الماضي.

وفيما يتعلق بإسهامات الصين على الصعيد الدولي، قال سلام إن الرئيس شي جين بينغ طرح العديد من المبادرات التي تقدم حلولا منهجية ومنفعة عامة لمواجهة التحديات العالمية مثل مبادرة "الحزام والطريق" ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية ومبادرة الحوكمة العالمية، والتي لقيت ردود فعل إيجابية ومشاركة واسعة من مصر وغيرها من الدول العربية.

وأكد أن هذه المبادرات تعكس التزام الصين بالسلام والتنمية المشتركة وبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، مشيرا إلى أنها لم تكن شعارات فحسب، بل أدوات عملية لتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين الدول.

-- العلاقات الصينية-المصرية المتينة ومستقبلها الواعد

وفي الحديث عن العلاقات الثنائية بين الصين ومصر، أشار سلام إلى أنها تطورت على مدار نحو 70 عاما لتصبح نموذجا رائدا على الصعيد العالمي، خاصة بعد ترقيتها إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" في عام 2014.

وفي المجال الاقتصادي والتجاري، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 17 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، فيما شهدت الاستثمارات الصينية في مصر نموا سريعا في قطاعات متعددة مثل البنية التحتية والصناعات التحويلية والطاقة. وقد أسهمت الشركات الصينية بشكل بارز في مشاريع استراتيجية مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ما يعكس عمق التكامل بين مبادرة "الحزام والطريق" ورؤية مصر 2030.

أما على الصعيد الثقافي والإنساني، فقد شهدت العلاقات توسعا ملحوظا من خلال برامج التبادل التعليمي والثقافي وزيادة أعداد الطلاب المصريين الدارسين في الصين وانتشار معاهد كونفوشيوس في مصر وتبادل الوفود الإعلامية والثقافية بين البلدين.

ومع اقتراب الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر وانعقاد القمة الصينية-العربية الثانية في العام المقبل، توقع سلام أن المرحلة الجديدة من تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجانبين ستقوم على ثلاثة أبعاد رئيسية. فمن الناحية السياسية والدبلوماسية، ستواصل مصر دورها الحيوي كحلقة وصل أساسية بين الصين والعالم العربي مع تعزيز التنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية. وعلى الصعيد الاقتصادي والتنموي، سيتم توسيع نطاق الشراكات في مجالات حيوية مثل البنية التحتية والطاقة المتجددة والتحول الرقمي، ما يعزز موقع مصر كنموذج رائد للشراكة الاقتصادية في المنطقة. كما سيشهد البعد الثقافي والفكري زخما أقوى من خلال تعميق الحوار الحضاري وزيادة التبادل الثقافي، بهدف بناء جسور معرفية وإنسانية متينة وطويلة الأمد بين الشعبين.

واختتم سلام بالتأكيد على أن مستقبل العلاقات الصينية-المصرية والصينية-العربية سيكون واعدا، حيث ستمثل مصر محور توازن وتعاون بين الصين والدول العربية، فيما ستتعزز مكانة الصين كدولة فاعلة ومسؤولة وموثوقة في المنطقة بما يتوافق مع مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.