share
arabic.china.org.cn | 24. 11. 2025

مقالة خاصة: من الآليات الرقمية إلى ألعاب الفيديو... منصات جديدة لدراسة اللغة الصينية وتعزيز التواصل بين الصين والعالم

arabic.china.org.cn / 15:59:40 2025-11-24

بكين 24 نوفمبر 2025 (شينخوا) مع التطور الكبير في التقنيات الحديثة، ومن أبرزها نماذج اللغة الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، لم يعد تعلّم اللغات الأجنبية مقتصرا على "الترجمة اللغوية" فحسب، بل توسّع ليشمل "فهم الثقافات والتواصل الحضاري بين الشعوب"، هذا ما أكدت عليه سمر صلاح محمد، طالبة دكتوراه مصرية تدرس في جامعة بكين للغات والثقافة، حيث اختارت موضوع بحثها لرسالة الدكتوراه في مجال المقارنة بين السينما الصينية والمصرية، بهدف استكشاف الجوانب الثقافية والإنسانية المشتركة بين البلدين.

وقد كانت سمر أيضا مقدّمة إحدى الجلسات الفرعية في المؤتمر العالمي للغة الصينية لهذا العام، حيث عُقدت الجلسة تحت عنوان "انطلاق الأفلام والألعاب إلى العالمية ونشر اللغة والثقافة". كما احتضنت بكين، خلال الفترة من 14 إلى 16 نوفمبر الجاري، فعالية فكرية وثقافية ضخمة ضمّت نحو 5000 ضيف من أكثر من 160 دولة ومنطقة، بينهم أكاديميون وخبراء وممثلون عن مؤسسات تعليمية وشركات.

وفي الواقع، انطلق المؤتمر العالمي للغة الصينية من رؤية تعليمية شاملة للغة الصينية، مستكشفا إمكاناتها اللامحدودة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وترسيخ جسور التبادل الحضاري. وفي لغة لم تنقطع منذ آلاف السنين، تُعيد الكتابة الصينية ذات الرموز التصويرية اكتشاف جاذبيتها الحديثة.

-- انتشار عالمي للغة الصينية

أصبحت اللغة الصينية اليوم واحدة من أكثر اللغات انتشارا في العالم، حيث أدرجتها 86 دولة ضمن مناهجها التعليمية الرسمية، ليصل عدد متعلميها ومستخدميها خارج الصين إلى أكثر من 200 مليون شخص، وفقا لوزارة التعليم الصينية. كما تشهد سلسلة مسابقات "جسر اللغة الصينية" إقبالا واسعا، إذ شارك فيها منذ انطلاقها أكثر من 1.8 مليون شاب وشابة في أنحاء العالم.

وفي هذا الصدد، قال تيودور فاليف، الطالب البلغاري، إن "اللغة الصينية مفتاحي لفهم سحر الصين"، إذ يشهد بنفسه تزايد "الشغف بالصين" و"السياحة إلى الصين"، مع تدفق الشباب من مختلف الثقافات بحماس لدراسة اللغة والعمل في الصين، مستخدمين إياها كـ"مفتاح" لفهم هذا العالم الشرقي العريق.

جدير بالذكر أن اختبار HSK (اختبار الكفاءة في اللغة الصينية)، الذي ينظمه مركز التبادل الدولي للتعليم اللغوي التابع لوزارة التربية والتعليم الصينية، يعد من أبرز المحطات في رحلة تعلم اللغة الصينية عالميا. فقد أنشأ المركز منذ تأسيسه قبل 35 عاما 1477 مركز اختبار في 168 دولة، وقد وصل إجمالي عدد المتقدمين للامتحان خلال هذه السنوات الـ35 إلى أكثر من 8.5 مليون شخص، علما بأن نحو 60 في المائة من المتقدمين الجدد تتراوح أعمارهم بين 19 و45 عاما.

كما تمتع المشاركون بالفعاليات والعروض المتنوعة التي تم تنظيمها خلال مؤتمر العام الجاري، مثل روبوت فن الخط الذي يجسد بدقة حركات الكتابة الصينية التقليدية، والفخار الملون والخزف الحامل لرموز تاريخية، ومعرض الشاي الذي يروي قصة العلاقة بين الإنسان والطبيعة.

-- أداة للتواصل والتطور

لقد أصبحت اللغة الصينية أكثر من مجرد وسيلة للتواصل، إذ تحولت إلى أداة فعّالة لفهم التطورات المعاصرة في الصين.

فالعديد من الطلاب الأجانب يأتون إلى الصين لدراسة تخصصات مختلفة، ومن بينهم الطالب المصري أحمد سمير لطفي الذي يدرس علوم الحاسوب وتقنياته في جامعة بكين للتكنولوجيا، حيث قال إن "اللغة تعد جسرا مهما لدخول عالم دراسة التخصصات التكنولوجية المتطورة في الصين".

ومع الاهتمام المتزايد للشباب حول العالم بالثقافات الجديدة والتقدمات التكنولوجية الحديثة في الصين، فقد تم تحديث منهج اختبار HSK الصادر في 15 نوفمبر ليشمل مفردات ومواضيع تعكس الحياة اليومية الصينية الحديثة، مثل القطارات فائقة السرعة، والدفع الإلكتروني، وطلبات الطعام عبر التطبيقات، والبث المباشر.

كما سلطت الجلسات الموازية التي عُقدت ضمن المؤتمر الضوء على قصص نجاح تُظهر كيف ساهمت اللغة الصينية في تغيير حياة الأفراد والمجتمعات. ففي كينيا، نظم معهد كونفوشيوس في جامعة إيجيرتون دورات تدريبية زراعية استخدمت تقنيات مبتكرة مثل تقنية تطعيم الطماطم، ما ساهم في زيادة دخل المزارعين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. أما في إندونيسيا، فقد ساعد فريق "يوان الصينية"، الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، 100 ألف موظف في مجال صناعة الصلب على إتقان اللغة الصينية المتخصصة في هذا المجال، الأمر الذي مكّنهم من تعزيز الفهم لعملية الإنتاج وإتقان التكنولوجيا المتقدمة وتحسين الكفاءة.

واتفق المسؤولون التعليميون الأجانب على أن إتقان اللغة الصينية أصبح ضرورة للأجيال القادمة، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية والاقتصادية السريعة، حيث قالت وزيرة التعليم التايلاندية نارومون بينيوشيوا إن "اللغة الصينية هي بوابة التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والأكاديمي مع الصين، وهي واحدة من القوى الابتكارية العالمية."

-- منصات حديثة لتعلم اللغة

على خلفية التطورات التكنولوجية السريعة، بذلت الصين جهودا كبيرة في توفير موارد تعليمية وافرة تحمل طابع العصر الحديث لدعم تعلم اللغة الصينية. وفي هذا الإطار، تم الإعلان خلال المؤتمر عن إنجازات رقمية مبتكرة، منها خريطة المعرفة التعليمية الدولية للغة الصينية، وقاعدة بيانات اللغة الصينية التعليمية الدولية، ومنتج اختبار التعلم الذكي المتكيف "HSK GO".

وتهدف هذه الأدوات إلى تحويل المعرفة الصينية إلى قاعدة بيانات مترابطة، يمكن البحث فيها والاستفادة منها عبر الإنترنت، مما يسهم في تعزيز التعاون العالمي في مجال التعليم.

وقد أشارت الدكتورة فرزانة عبدالله المراغي، الأمين العام المساعد لمجلس التعليم العالي في البحرين، إلى أن الذكاء الاصطناعي غيّر ملامح التعليم العالمي، مما أدى إلى إعادة تصميم طرق تعلم اللغات. أما الدكتورة ألكسندرا بوبوفا، عميدة معهد كونفوشيوس في جامعة الجنوب الأوكرانية، فقالت إنه "من خلال هذه الأدوات الجديدة، أصبح بإمكان الطلاب رؤية صورة أكثر روعة للمعرفة الصينية، وفهم الصين والعالم بشكل أعمق عبر اللغة".

من ناحية أخرى، يزداد عدد الشباب الذين يتعلمون اللغة الصينية بمبادرة ذاتية على منصات خارج نطاق المدرسة، حيث أعرب تيودور البلغاري، الذي اختار "الترجمة الثقافية في الألعاب الإلكترونية الصينية" موضوعا لبحثه، عن رأيه كشاب من الجيل الجديد، قائلا إن "الثقافة التقليدية الصينية يمكن أن تظهر أيضا عبر وسائل جديدة مثل الأفلام والألعاب الإلكترونية الصينية، وصارت تحظى اليوم باهتمام وإعجاب عدد متزايد من الشباب".

وضرب تيودور مثالا على ذلك بلعبة "جينسين إمباكت" المنتشرة عالميا ولعبة "الأسطورة السوداء: وو كونغ" التي أُطلقت العام الماضي وحصلت على عدة جوائز عالمية في قطاع ألعاب الفيديو، كما أدرجتها مجلة (تايم) الأمريكية ضمن قائمة "أفضل عشر ألعاب فيديو لعام 2024". وقال لي جيا تشي، المسؤول عن إنتاج موسيقى اللعبة، إنه قام بدمج الموسيقى الصينية التقليدية مع الموسيقى السيمفونية الغربية، ما أكسبها شعبية كبيرة. ويرى أنه من خلال هذه المنصات والأشكال الجديدة، يقع المزيد من الناس في حب الثقافة الصينية، حيث تُعد اللغة والموسيقى والفنون التشكيلية وسائط مهمة للتبادل الثقافي.

وفي قاعات المؤتمر، استشهد العديد من الضيوف الأجانب بالأشعار والأمثال الصينية، بينما تحدث آخرون باللغة الصينية في الممرات وخارج القاعات. وشهد المؤتمر لحظات من التقارب بين الشعوب، تعكس روح الحوار والتفاهم. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号