| arabic.china.org.cn | 19. 11. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الضَّالِع، اليمن 18 نوفمبر 2025 (شينخوا) في غرفة صفٍّ ضيّقة تتربّع فوق تلالٍ صخرية في محافظة الضالع جنوبي اليمن، كان مدير المدرسة خالد الحُميدي يراقب التلاميذ وهم يدخلون إلى الصفّ بهدوء، متجاوزين مقاعد خشبية أنهكتها سنوات طويلة من الاستخدام، وعلى وجوههم ظهرت ملامح الإصرار الذي يحتفظ به الأطفال رغم انهيار العالم من حولهم.
وقال الحُميدي، وهو تربوي أمضى أكثر من عشرين عاماً في قطاع التعليم، إن هذه المرحلة هي الأصعب على الإطلاق.
وأضاف "نُدرّس ونحن نفتقر إلى كل شيء تقريباً، لكن ما دام الطلاب يأتون إلى المدرسة، فلا يمكننا الاستسلام".
وأشار إلى أن مدرسته تُعد من "المحظوظين"، فأسوارها ما زالت قائمة، بينما دُمِّرت آلاف المدارس الأخرى أو تضررت أو استُخدمت لأغراض عسكرية.
وتقدّر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن أكثر من 2900 مدرسة في اليمن خرجت عن الخدمة بفعل الدمار أو الضرر أو تحويلها لاستخدام عسكري، فيما يضطر عشرات آلاف الأطفال للدراسة في خيام أو عرائش من القش أو تحت الأشجار أو إلى جانب أكوام من الركام تمثل في الوقت نفسه ساحات لعب وشواهد على ما فُقد.
وأدّت الانهيارات الاقتصادية المصاحبة للصراع في اليمن إلى تراجع رواتب المعلمين لتصل أحياناً إلى 30 أو 50 دولاراً شهرياً فقط، وتركِ آلاف الفصول الدراسية متهالكة أو خالية من التجهيزات، واضطر العديد من المعلمين إلى ترك المهنة لعجزهم عن إعالة أسرهم، بينما تمسّك آخرون بمواصلة التدريس رغم كل التحديات.
وتسيطر جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني منذ أواخر العام 2014، وتخوض نزاعا ضد الحكومة اليمنية تسبب بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، وفق تقديرات أممية.
وفي السياق ذاته، وبفضل صمود لافت، لم ينهَر النظام التعليمي في اليمن بالكامل، فما زال في مختلف المناطق من يدفع بعجلة التعليم إلى الأمام، ليس بالمستوى الذي يستحقه الطلاب، بل بقدر ما تسمح به الموارد الشحيحة والمتناثرة.
وقال المواطن نبيل المُرشدي في الضالع إن كثيراً من معلمي المحافظة أظهروا عزيمة كبيرة.
وأضاف "يصل البعض منهم إلى المدرسة دون إفطار، ومع ذلك يكونون أول الحاضرين، يأخذون الغياب، يبدؤون الدروس، ويتابعون عملهم كأن شيئاً لا يحدث، التزامهم أقوى من الأزمة التي تحيط بهم".
وفي الأرياف الجنوبية، ولّدت هذه الروح مبادرات تضامنية بسيطة، فالمعلمون القادمون من قرى بعيدة والذين لم يعودوا قادرين على تحمّل تكاليف التنقل، ينامون في الفصول خلال أيام الأسبوع، وتتشارك العائلات المحلية في إعداد الطعام لهم وجمع مبالغ صغيرة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وقال الشيخ صالح محسن، أحد وجهاء المجتمع المحلي "هؤلاء المعلمون يتركون أسرهم حتى لا يخسر أطفالنا مستقبلهم، وعندما نشاركهم الطعام أو نقدّم بعض المال، فإننا نقول لهم إننا نقف معهم وإن التعليم يجب أن يستمر".
وبالنسبة للعديد من أولياء الأمور، فقد أصبح دعم المعلّمين ضرورة وليس تبرعاً.
وقال الأب علي طه "إذا لم نساعدهم نحن، فمن سيفعل؟ لقد أخذت الحرب منا الكثير، ولا يمكن أن نسمح لها بأخذ مستقبل أولادنا أيضاً".
ويعاني اليمن من نزاع بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي منذ أواخر 2014، وتسبب هذا النزاع في تدهور حاد في كافة مناحي الحياة، بما في ذلك قطاع التعليم في البلاد.
ومع ذلك، لا تُخفي هذه الجهود آثار التراجع على مستوى الطلاب، فالضعف يبدأ مبكراً ويتفاقم مع تقدّمهم في المراحل الدراسية، ما يوسع الفجوة بين التعليم الأساسي والجامعات، وكثيرون يصلون إلى المرحلة الثانوية دون امتلاك المهارات الكافية، بعد سنوات من الازدحام وتوقف الدروس بفعل الصراع. وفي الجامعات، يقضي الأساتذة وقتاً أطول في سدّ الفجوات بدلاً من تطوير المناهج.
وقال عبد الله محمود، أستاذ جامعي في الضالع "نرى آثار ذلك بوضوح عندما يصلون إلى الجامعة، بعضهم لا يستطيع كتابة جملة إنجليزية صحيحة كاملة لأن الأساس ضعيف جداً، فنجد أنفسنا نعيد تعليمهم أشياء كان يفترض أن يتقنوها قبل سنوات".
وتواجه الجامعات اليمنية صعوبات مشابهة، من محدودية الموارد، وتدني الرواتب أو تأخرها، إلى هجرة الكفاءات، ما أدى إلى إفراغ بعض الأقسام وإغلاق تخصصات كاملة.
وأوضح محمود "كانت رواتب الجامعة سابقاً تكفي لإعالة الأسرة، أما اليوم فلا تكاد تغطي الضروريات. ولهذا غادر كثير من المحاضرين، وأصبح العبء على من تبقى أكبر بكثير".
وفي محافظات عدن وأبين ولحج، يتقاضى الأساتذة ما بين 100 و 200 دولار فقط عند صرف الرواتب، وأحياناً بعد أشهر من الانتظار، مقارنةً بأكثر من 1000 دولار قبل العام 2014.
ومع ذلك، يلاحظ محمود أن هناك إصراراً متواصلاً، فحتى في أصعب اللحظات، تحافظ بعض المؤسسات على فعاليات صغيرة، من أمسيات شعرية إلى رسائل تحفيزية قصيرة للطلاب، وهي مبادرات بسيطة لكنها مثل مصابيح خافتة في ممر طويل مظلم.
وأشاد محمود بطلابه قائلا "إنهم يدركون أنهم متأخرون، لكنهم لا يستسلمون، كثيرون يبقون بعد الدوام، يتدرّبون بأنفسهم، ويواصلون التقدّم، جهدهم يمنحنا الأمل".
وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في تقرير لها صدر في أغسطس الفائت، إن أزمة التعليم في اليمن مستمرة، حيث يوجد حاليا 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، وآلاف الفصول الدراسية متضررة أو مدمرة.
وأكدت المنظمة أن 7.4 مليون طفل بحاجة بشكل عاجل إلى خدمات الحماية ويواجهون تهديدات مثل عمالة الأطفال، والزواج المبكر، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة، والتعرض للألغام.
وفقا لتقديرات (اليونيسيف)، فإن 2916 مدرسة (واحدة على الأقل من كل أربع مدارس) دُمّرت أو تضررت جزئيا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية، مؤكدة أن الهيكل التعليمي يواجه مزيدا من العوائق، إذ إن أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة، لم يتلقوا رواتبهم بانتظام منذ العام 2016 أو انقطعوا عن التدريس بحثا عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.
ويعاني اليمن من نزاع دموي منذ أكثر من عقد من الزمن، وتسبب هذا النزاع في انقسام الجغرافيا اليمنية، فجماعة الحوثي تسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني ذات الكثافة السكانية، فيما تتخذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من مدينة عدن مقرا لها وتسيطر قواتها على مناطق عدة في البلاد. /نهاية الخبر/
![]() |
|
![]() |
انقلها الى... : |
|
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |