share
arabic.china.org.cn | 19. 11. 2025

رؤية شرق أوسطية: مجلس الأمن يتبنى خطة ترامب وسط تحذيرات من "ثغرات قانونية" و"وصاية دولية"

arabic.china.org.cn / 06:52:57 2025-11-19

القاهرة 18 نوفمبر 2025 (شينخوا) تبنى مجلس الأمن الدولي ليل الإثنين-الثلاثاء مشروع القرار الأمريكي الذي يؤيد خطة الرئيس دونالد ترامب لـ "السلام والاستقرار" في قطاع غزة، متضمناً إنشاء قوة استقرار دولية ومجلس سلام انتقالي لمدة عامين.

وحظي القرار بتأييد 13عضواً مع امتناع الصين وروسيا عن التصويت، لكنه أثار انقساماً عميقاً بين ترحيب حذر ورفض قاطع.

ويتبنى القرار الخطة الأمريكية المكونة من 20 نقطة، والتي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سبتمبر الماضي، وتشمل إنشاء مجلس سلام يعمل كهيئة انتقالية تتولى وضع إطار إعادة الإعمار وتنسيق تمويله، إلى حين استكمال السلطة الفلسطينية برنامج الإصلاح وتمكنها من استعادة السيطرة على غزة.

ويرى القرار أن إحراز تقدم في الإصلاح وإعادة الإعمار قد يهيئ الظروف لمسار موثوق نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية، فيما ستعمل الولايات المتحدة على إطلاق حوار سياسي بين الفلسطينيين وإسرائيل لتحقيق "تعايش سلمي ومزدهر".

وأشار محللون سياسيون عرب إلى أن مثل هذا القرار ذو الإيجابيات المحدودة، يحمل "ثغرات قانونية كبيرة" و "قنابل موقوتة".

وعبر هؤلاء خلال مقابلات مع وكالة أنباء ((شينخوا))، عن خشيتهم من أن يتحول القرار إلى وصاية دولية على الفلسطينيين، بدل من حل سياسي ينهي الصراع الطويل.

-- ما بين الخلاص والخشية من المجهول

أما سكان غزة، الذين أرهقتهم الحرب الإسرائيلية التي يصفونها بأنها "حرب إبادة"، فقد تفاوتت آراؤهم بين الرغبة من خلاص المعاناة والخشية من المجهول.

ويرى محمد زرندح (48 عاما)، أب لخمسة أطفال من حي الشجاعية شرق غزة ويعمل ميكانيكيا، أن قرار مجلس الأمن " قد يكون جيدا" ويساعد في إنهاء الحرب وإرساء الاستقرار في القطاع، الذي شهد عامين من القتل والتهجير والتدمير.

يعيش زرندح في غرفة استصلحها من منزله المتضرر بسبب القصف، ويقضي معظم وقته في إصلاح ورشته الصغيرة.

ويقول إن الوقت حان لإعادة بناء القطاع دون إعطاء إسرائيل ذريعة للهجوم مجددا.

أما ماجد عودة، وهو أب لثلاثة أطفال من بيت لاهيا في غزة، فيرى أن قرار المجلس هو هدية لإسرائيل وسيطرة أمريكية مبطنة على القطاع، لسنوات وربما لعقود قادمة.

ويقول ماجد لـ((شينخوا)) "كفلسطينيين اعتدنا على قرارات مجلس الأمن دون تنفيذ، مما يتيح لأمريكا وإسرائيل استغلالها لفرض احتلال مشترك، كأن الاحتلال الإسرائيلي لا يكفي".

ويضيف "كان ينبغي أن ينهي القرار احتلال إسرائيل للأراضي 1967 ويؤسس لدولة فلسطينية بجدول زمني، لكن ما يحدث هو هيكلة الاحتلال من إسرائيلي إلى إسرائيلي-أمريكي".

ويرى أن الغزيين بحاجة لحماية ووقف للحرب، ولكن دون سيطرة قوات أجنبية، وأن يكون الحل فلسطينيا وعربيا، وليس دوليا.

-- اختلاف وتباين

الاختلاف والتباين ظهر أيضا على المستوى الرسمي والسياسي الفلسطيني، إذ رحبت فلسطين على المستوى الرسمي بقرار مجلس الأمن وأكدت ضرورة تطبيقه فورا لضمان عودة الحياة، وحماية شعب غزة، ومنع التهجير، وانسحاب جيش إسرائيل، وإعادة الإعمار، ووقف تقويض حل الدولتين مع الضم.

وأبدت دولة فلسطين استعدادها للتعاون مع جميع الأطراف لإنهاء معاناة شعبها الفلسطيني وتحقيق السلام وفق حل الدولتين المستند إلى القانون الدولي، مع التركيز على تنفيذ قرار نيويورك.

لكن حماس والفصائل المسلحة، التي سبق أن قبلت خطة ترامب لوقف الحرب، رفضت القرار واعتبرته غير كاف ومهين، ولا يلبي مطالب الفلسطينيين ويكرس الوصاية الدولية على غزة ويفصلها عن باقي الأراضي الفلسطينية.

وأكدت حماس والفصائل رفضها لوجود قوة دولية داخل القطاع، معتبرة أن تفويض نزع سلاح الفصائل يضع القوة الدولية كطرف في الصراع.

-- ردود فعل عربية تتسم بالحذر

رصد المحللون ارتباكاً واضحاً في ردود الفعل العربية والذي يعود أساساً إلى غياب استراتيجية فلسطينية موحدة.

وقال عصمت منصور، الكاتب والمحلل السياسي من رام الله، إن "القراءة الإقليمية لنتائج التصويت لا يمكن فصلها عن طريقة تعاطي الفلسطينيين أنفسهم مع المرحلة، فجزء كبير من الارتباك في مواقف دول المنطقة جاء نتيجة غياب مقاربة فلسطينية عملية وواضحة يمكن لتلك الدول البناء عليها".

وأضاف أن "القيادة الفلسطينية، سواء في السلطة أو في حماس، اكتفت بخطاب تنظيري مجرد، دون رؤية متماسكة أو خطة لمواجهة التحديات أو استثمار الفرص، وهذا يجعل ردود الفعل العربية والإقليمية تتسم بالحذر".

من جانبه، وصف الكاتب والصحفي السوري صلاح إبراهيم ردود الفعل العربية بأنها "خجولة وغير واضحة رغم انحياز ترامب الواضح إلى الجانب الإسرائيلي"، موضحاً أن ذلك يعود إلى "جولات تمهيدية قادها مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنير مع الدول العربية، وبينها مصر وقطر كوسطاء، ما يعني أن هناك موافقات عربية مسبقة، ترى أنها أنجزت خرقاً على خطة ترامب السابقة التي عُرفت بمشروع غزة ريفييرا والتي كانت تنطوي على تهجير قسري للفلسطينيين".

أما الدكتور محمد الجبوري، أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية، فأشار إلى أن "أول موقف عربي تجاه هذا القرار هو موقف الجزائر التي صوتت لصالح القرار ويدعمها عدد من الدول العربية والإسلامية"، لكنه أكد أن "أهم ردود الفعل هو رفض حركة حماس باعتبارها أحد الأطراف الرئيسية، لأي وصاية دولية على الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى اعتراضها على تكليف قوة دولية بنزع سلاح المقاومة ما يجعلها طرفاً في الصراع ويبعد عنها صفة الحياد"، محذراً من أن هذه النقاط "قنابل موقوتة من شأنها أن تنسف الاتفاق".

وفي اليمن، اعتبر الدكتور إسماعيل السهيلي، الباحث في مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، أن "مواقف الدول العربية جاءت مضطرة لأن البديل استمرار الدمار، محذرا من أن القرار يهدف أساساً إلى إضفاء شرعية دولية على مشروع أمريكي-إسرائيلي لليوم التالي، دون إنهاء الاحتلال فعلياً".

-- خلاف أمريكي إسرائيلي

وأجمع الخبراء على أن الإشارة إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية في نص قرار مجلس الأمن شكلت صدمة لإسرائيل ونقطة الخلاف الأخطر.

وقال الدكتور عبد المهدي مطاوع، مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي في القاهرة: "تسجيل والاعتراف بمصطلح دولة فلسطينية في قرار تدعمه أمريكا سابقة، وبالنسبة لإسرائيل هذا تنازل خطير عن مرجعيتها الأساسية التي تنص على عدم وجود دولة فلسطينية… فاليمين الإسرائيلي خسر في هذه النقطة… وهذا الخلاف جعل هناك حوار في إسرائيل عن مرحلة ما بعد ترامب، وهل سوف يتم الاعتماد دائماً على الإدارة الأمريكية".

وأضاف مطاوع أن "كل ما قام به ترامب من خطة أوقفت الحرب إلى قرار مجلس الأمن، يهدف بشكل أساسي إلى تنفيذ مخطط التطبيع والمسار السياسي للدولة الفلسطينية".

وقال عصمت منصور من رام الله إن "الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول مستقبل الدولة الفلسطينية ليس جديداً، لكنه بات أكثر وضوحاً… مضيفا أن أي خطة أمريكية لن تنجح طالما إسرائيل ترفض الاعتراف بالمبدأ الجوهري وهو الدولة الفلسطينية".

أما الدكتور محمد الجبوري أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية فوصف الإشارة إلى دولة فلسطينية بأنها "القشة التي قصمت ظهر البعير… وأنها قد تعيد الوضع إلى نقطة الصفر واستئناف الحرب".

وأشار صلاح إبراهيم إلى أن "البند الذي يمنح إسرائيل طوقا أمنيا حول غزة يناقض أي حديث عن دولة فلسطينية… مما قد يضع خطة ترامب في مهب الريح".

وأكد رفعت البدوي باحث في الشؤون الإقليمية والدولية ومستشار رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص، أن هناك تباينا بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول إدارة قطاع غزة، حيث تريد إسرائيل احتلال كامل القطاع وفصله عن باقي الأراضي الفلسطينية، دون الأخذ بعين الاعتبار القضايا الإنسانية الملحة، وهو يعني وضع كامل قطاع غزة للهيمنة الإسرائيلية.

وأشار البدوي إلى أن الخطة الأمريكية تقضي بإحلال قوات متعددة الجنسيات في قطاع غزة لحفظ الأمن وتحقيق أهداف إسرائيل من الحرب، وتريد أمريكا إدارة قطاع غزة من خلال القوات المتعددة المقترحة، ونحن لا نرى أي مجال لنجاح هذه الخطة ولن تكتسب شرعية ولن تكتسب أيضا ثقة الفلسطينيين، لأن الإدارة تابعة للولايات المتحدة مباشرة، وهذا ما يجعل أمريكا و القوات المتعددة المقترحة طرفا في النزاع و ليس طرفا محايدا لإحلال السلام.

ويرى البدوي أن عملية الاستقرار في غزة لن تستقيم ولن تبصر النور، طالما بقيت الولايات المتحدة عنصرا أساسيا يعمل لتحقيق الأهداف الإسرائيلية، أما بالنسبة لمستقبل عملية السلام، فإنها لن تجد الطريق المفروش بالورود والسهل، بسبب محاولة فرض إسرائيل السلام بالقوة، وعدم قبولها بمبدأ حل الدولتين وإقامة السلام، وإن إسرائيل تريد الاستسلام و ليس السلام.

-- الموقف العربي من حل الدولتين

أكد المحللون أن الموقف العربي ما زال متمسكاً بحل الدولتين كإطار وحيد مقبول دولياً، لكنه يعاني من ضعف بسبب الانقسام الفلسطيني.

وقال الدكتور عبد المهدي مطاوع: "لا توجد خيارات كثيرة أمام العرب والفلسطينيين بديله عن عودة القتل والدمار والتهجير… لكن القرار فرصة من الممكن أن تتحول لرافعة تؤدي إلى دولة فلسطينية".

لكن عصمت منصور كان أكثر تشاؤماً ويقول إن"الموقف العربي ما زال نظرياً متمسكاً بحل الدولتين… لكنه لا يتحول إلى قوة ضغط حقيقية بسبب غياب استراتيجية فلسطينية موحدة… المطلوب إعادة بناء المؤسسات ومنظومة الحكم من نقطة الصفر".

ويوضح الدكتور محمد الجبوري أن "الحل الأنسب والحقيقي ليس خطة ترامب التي تتجاهل الكثير من الحقوق الفلسطينية، بل حل الدولتين الذي تدعمه أغلب الدول العربية والعالم، لكن قرار مجلس الأمن تجاهل الالتزام الراسخ به رغم الإجماع الدولي".

ودعا صلاح إبراهيم إلى "فرض تسوية على إسرائيل تقوم على الاعتراف مقابل التطبيع، أو إعادة إحياء حل الدولتين… خاصة بعد إعلان نيويورك في 11 سبتمبر 2025 الذي حدد خطوات زمنية ملزمة نحو حل الدولتين".

-- موقف الصين.. رسالة حكيمة ومدروسة

ويجمع الخبراء على أن امتناع الصين كان حكيما ومدروسا، حيث يرى أحمد خميس أستاذ الإعلام والعلاقات الدولية في جامعة الإمارات إن الموقف الصيني من مشروع القرار يتسم بـ "اتساق واضح مع رؤية بكين التقليدية الداعية إلى وضوح التفويض، واحترام السيادة، وعدم تجاوز دور الأمم المتحدة".

وأضاف أن الصين اختارت الامتناع عن التصويت ليس اعتراضا على مبدأ تنظيم المرحلة ما بعد الحرب، بل بسبب "الثغرات الكبيرة في نص القرار"، خاصة غياب التفاصيل حول مجلس السلام والقوة الدولية، وتهميش الدور الفلسطيني، وغياب التأكيد على حل الدولتين.

وأشار خميس إلى أن بكين أرادت من خلال هذا الموقف "توجيه رسالة سياسية مزدوجة وهو الاعتراض على الصياغة غير الناضجة للقرار، وفي الوقت نفسه عدم تعطيل أي مبادرة قد تُسهم في تثبيت وقف إطلاق النار وتخفيف معاناة سكان غزة".

وأكد أن الامتناع الصيني يعكس، نهجا يوازن بين المبادئ الثابتة والمصالح الإقليمية، خصوصا أن الصين تحرص على الحفاظ على انسجام موقفها مع دول المنطقة ومع الشرعية الدولية في آن واحد.

الرأي ذاته تبناه عبد المهدي مطاوع، قائلا "إنه قرار حكيم جدا وذلك احتراما لمجموعة الدول العربية التي أيدت المسودة بعد تعديلها، مع اعتراض مبدئي على الوصاية". 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号