share
arabic.china.org.cn | 12. 11. 2025

تقرير خاص: من ترجمة النصوص الكلاسيكية إلى التنقيب الأثري.. ثمار وفيرة للتبادل الحضاري الصيني-العربي في العصر الجديد

arabic.china.org.cn / 15:13:38 2025-11-12

بكين 12 نوفمبر 2025 (شينخوا) في رسالة تهنئة بعث بها الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخرا إلى نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، قال إنه من المشجع رؤية التواصل بين الحضارتين العريقتين، مع ازدياد التقارب بين الشعبين من خلال التفاهم والألفة المتبادلين. وأوضح أنه في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم والتي لم يشهد لها مثيل منذ قرن، ينبغي على الصين ومصر، وهما حضارتان عريقتان، مواصلة تعميق التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات، وضخ زخم جديد في تطوير شراكتهما الاستراتيجية الشاملة، والمساهمة بقوة الحضارات في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. ولا يعد هذا فقط تأكيدا على التعاون التاريخي والثقافي بين الصين ومصر، بل يجسد أيضا نموذجا حيا لثمار التبادل الحضاري بين الصين والعالم العربي بأكمله.

يمتد تاريخ التبادل الحضاري بين الصين والدول العربية إلى عصور بعيدة، خاصة عبر التبادلات التجارية والثقافية والعلمية والتكنولوجية على طول طريق الحرير، حيث نسجت الحضارتان الصينية والعربية روابط إنسانية وثقافية عميقة. ومع دخول العصر الحديث، وبفضل مبادرة الحزام والطريق التي طرحتها الصين، حقق الجانبان إنجازات لافتة في مجال التبادل الثقافي، ولا سيما في مجال الترجمة المتبادلة للنصوص الكلاسيكية والتنقيب الأثري المشترك، مما عمق التفاهم المتبادل ورسخ أواصر الصداقة بين الشعبين.

ويعد مشروع الترجمة المتبادلة للنصوص الكلاسيكية الصينية العربية مشروعا وطنيا رائدا في مجالي الترجمة والنشر. ففي مايو 2010، وقعت الإدارة الوطنية للصحافة والنشر الصينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية مذكرة تعاون لإطلاق هذا المشروع الثقافي، بهدف إتاحة مزيد من الأعمال المتميزة أمام القراء من الجانبين، وبناء طريق الحرير الثقافي الحديث. وحتى عام 2023، بلغ عدد الأعمال المترجمة بشكل متبادل 50 عملا، من بينها أكثر من 20 نصا صينيا كلاسيكيا مثل "لون يو" و"منسيوس" و"لاو تسي" التي تُرجمت إلى العربية.

وتعد ترجمة "لون يو" و"منسيوس" و"لاو تسي" إلى العربية، التي أنجزها شيوي تشينغ قوه، البروفيسور في كلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، والباحث السوري فراس السواح، أول تعاون من نوعه في تاريخ ترجمة النصوص الكلاسيكية الصينية إلى العربية. وقد حظيت هذه الترجمات الثلاث بإشادة واسعة من القراء العرب والخبراء الأكاديميين بعد نشرها.

وبينما دخلت النصوص الكلاسيكية الصينية إلى العالم العربي، ازدادت أيضا الأعمال الأدبية العربية الكلاسيكية المترجمة إلى الصينية. ومن أبرزها رواية "واحة الغروب" للأديب المصري بهاء طاهر، والفائزة بالجائزة الدولية للرواية العربية في دورتها الأولى عام 2008.

ويصادف عام 2025 الذكرى السنوية الـ35 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة العربية السعودية، وكذلك عام الثقافة الصيني-السعودي الأول. وفي هذه المناسبة، أبصرت النور النسخة الصينية من كتاب ((المعلقات لجيل الألفية)). ولا تمثل هذه الترجمة اختراقا جديدا في مجال التبادل الأدبي بين الصين والسعودية فحسب، بل تتيح أيضا لهذه الجوهرة الخالدة في تاريخ الأدب العربي أن تتألق من جديد أمام القارئ الصيني. ويعد هذا الإنجاز ثمرة تعاون وثيق بين الأكاديميين في البلدين، وشاهدا حيا على عمق التواصل الإنساني والثقافي بين الشعبين في إطار مبادرة "الحزام والطريق".

وعرضت هذه الأعمال المترجمة بشكل متبادل صورة حية للجانبين، وأبرزت سحر ثقافتيهما بشكل ملموس، ولاقت صدى إيجابيا من مختلف الأوساط الصينية والعربية، وأسهمت بفاعلية في تعميق فهم الشعبين وتقديرهما لثقافة الآخر، وإظهار جمال حضارتيهما ونشره عالميا.

إلى جانب ذلك، يمثل التنقيب الأثري المشترك إحدى النتائج البارزة للتبادل الحضاري بين الصين والدول العربية. ففي السنوات الأخيرة، تعاون علماء الآثار الصينيون والعرب يدا بيد في مواقع متعددة، وقاموا بأعمال حماية التراث الثقافي، مثل التنقيب الأثري المشترك، مما كشف ليس فقط عن تاريخ التبادل الحضاري بين الصين والدول العربية على طول طريق الحرير القديم، بل ساهم أيضا في استكشاف تطور الحضارات القديمة على مستوى العالم.

وبدأ التنقيب الأثري الصيني المصري المشترك في عام 2018. ففي منطقة معبد الكرنك الشهيرة بالأقصر، عمل علماء الآثار الصينيون والمصريون معا لإعادة إبراز معبد مونتو، الذي ظل مغمورا لأكثر من 3000 عام. وفي يونيو 2024، أُطلق رسميا مشروع سقارة الأثري الصيني المصري. ويستخدم فريق علماء الآثار أحدث التقنيات في المسح الضوئي الرقمي والتصوير والتنظيم والبحث، ليتمكن من اكتشاف أكثر من ألف تابوت مومياء في سقارة.

وفي عام 2023، شارك المركز الوطني للبحوث الأثرية التابع لمصلحة الدولة للتراث الثقافي الصيني، مع المعهد الوطني للتراث التونسي، في تنظيم وتنفيذ أعمال التنقيب الأثري في موقع غابة بن عروس. وانضم فريقان من الخبراء الصينيين إلى الموقع، حيث تبادل الباحثون الصينيون والتونسيون الخبرات، مما أسهم في تعزيز التبادل الحضاري باستمرار.

ومنذ عام 2019، شكل خبراء من متحف القصر الإمبراطوري الصيني بالتعاون مع دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة بالإمارات العربية المتحدة فريقا للتنقيب الأثري المشترك، وبدأوا رسميا أعمال التنقيب الأثري في موقع جلفار في غرب رأس الخيمة. وفي عام 2024، اكتملت أعمال الفحص والتنقيب والبحث للفصل الثالث من قبل الفريق المشترك. وقد أكدت الخزفيات الصينية المكتشفة في الموقع على تاريخ التواصل بين الشعبين الصيني والعربي، وعززت فهم الباحثين للتنمية الاقتصادية والتجارية والتبادل التكنولوجي والتفاعل الثقافي بين العالم الإسلامي والصين القديمة.

من ترجمة النصوص الكلاسيكية وصولا إلى التنقيب الأثري، أسهمت هذه الأنشطة الثقافية العابرة للحدود في تعزيز التعاون الأكاديمي والثقافي العميق بين الجانبين، كما جعلت العالم يدرك بقوة إمكانية التعايش المتناغم والتطور المشترك بين الحضارات المختلفة. وفي السنوات المقبلة، ستواصل مسيرة التبادل الحضاري بين الصين والعالم العربي تقدمها بثبات. ومع استمرار تقدم مبادرة "الحزام والطريق"، سيواصل الشعبان استلهام الحكمة من هذا التعاون وتعزيز الصداقة عبر التبادل، ليكتبا معا فصلا جديدا في تاريخ التبادل الثقافي بين الصين والعالم العربي. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号