share
arabic.china.org.cn | 19. 10. 2025

مقالة خاصة: الإمارات توظف الذكاء الاصطناعي في التعليم

arabic.china.org.cn / 00:37:30 2025-10-19

أبوظبي 18 أكتوبر 2025 (شينخوا) في إحدى مدارس أبوظبي الحديثة، يجلس الطالب الإماراتي خالد العتيبة، أمام شاشة ذكية تحلل أداءه في مادة الرياضيات في الوقت الفعلي. وبمجرد أن يخطئ في مسألة، يقدم له النظام الافتراضي تفسيراً مبسطاً باستخدام تقنية "التعلم التوليدي"، ثم يعيد صياغة السؤال بطريقة تناسب مستواه.

هذا المشهد، الذي كان يبدو خيالياً قبل سنوات، أصبح اليوم جزءاً من تجربة تعليمية تتبناها مدارس وجامعات الإمارات في إطار استراتيجية وطنية شاملة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم.

ويقول خالد لوكالة أنباء ((شينخوا)) بابتسامة طفولية : "الذكاء الاصطناعي صار مثل المدرس الثاني… أحياناً يفهمني أكثر من الأستاذ، لأنه يعرف أين أُخطئ بالضبط ويعطيني وقتي لأفهم".

أما زميلته مريم الظاهري، وهي طالبة في الصف التاسع، فتضيف: "كنا نخاف من الدرجات، الآن نخاف من ألا نتعلم بما يكفي… الذكاء الاصطناعي جعلنا نحب الدراسة لأنه شخصي ويشبهنا".

تجربة خالد ومريم ليست استثناءً. فبحسب بيانات وزارة التربية والتعليم الإماراتية، تم إدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أكثر من 70% من المدارس الحكومية والخاصة، ضمن خطط تهدف إلى جعل التعليم في الإمارات الأكثر تقدماً رقمياً في المنطقة بحلول عام 2030.

وتشمل المبادرات أنظمة تحليل الأداء، والمساعدين الافتراضيين للمعلمين، ومنصات تقييم ذكية تعتمد على تحليل البيانات الضخمة لتحديد احتياجات الطلبة بدقة.

ويقول وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون التحول الرقمي والتقنيات المتقدمة المهندس علي الشامسي، في تصريح سابق: "ما نقوم به اليوم ليس رقمنة التعليم فقط، بل إعادة تعريف معنى التعلّم ذاته".

وتابع "الذكاء الاصطناعي في مدارسنا لا يهدف إلى استبدال المعلم بل إلى مضاعفة قدرته على الإلهام والتوجيه. فالمعلم يصبح موجهاً للخبرة، والذكاء الاصطناعي هو الأداة التي توسّع أفق الطالب".

وتعمل وزارة التربية والتعليم حالياً على تنفيذ مشروع "المعلم المساعد الذكي" في جميع مدارس البلاد بحلول عام 2026، وهو نظام يعتمد على خوارزميات تعلم عميق لتقديم خطط دراسية مخصصة لكل طالب، بناءً على أدائه الأكاديمي وسرعة استيعابه وميوله الشخصية، وفق الشامسي.

ويضيف "نريد جيلاً يتعلم بلغته الرقمية، ويمتلك مهارات التفكير النقدي والإبداعي التي تتوافق مع اقتصاد المستقبل".

ووفق المعلم راشد النقبي، وهو مدرس رياضيات في إحدى مدارس الشارقة، فإن الذكاء الاصطناعي غيّر طريقة التدريس بالكامل.

ويقول النقبي : "لم أعد مضطراً لمراجعة مئات أوراق العمل يدوياً، فالنظام يحلل الإجابات ويحدد نقاط الضعف تلقائياً، ما أتاح لي وقتاً أكبر للتفاعل مع الطلبة. صار دورنا أكثر توجيهاً ومشاركة في التطوير".

ويضيف أن الذكاء الاصطناعي جعله يكتشف جوانب جديدة في طلابه، قائلاً: "أحياناً يكشف النظام أن طالباً يعاني من ضعف في فهم المفاهيم البصرية مثلاً، فأستخدم معه طرقاً مختلفة. هذه المرونة لم تكن ممكنة من قبل".

وفي جامعة الإمارات بمدينة العين، تُطبّق تجربة متقدمة من نوعها في الشرق الأوسط، حيث تستخدم الكلية نظاماً ذكياً يراقب تفاعل الطلبة أثناء المحاضرات عبر الكاميرات وأجهزة الاستشعار لتقييم مدى اندماجهم في المحتوى.

وتقول أستاذة الذكاء الاصطناعي في الجامعة هند الكعبي، لـ((شينخوا)): "النظام لا يتجسس، بل يقيس الانتباه والتركيز ويعطي إشعارات فورية للأستاذ إذا لاحظ انخفاضاً في التفاعل".

وتضيف "لقد ساعدنا ذلك على تحسين طرق التدريس، وزيادة نسبة المشاركة بنسبة 28% خلال عام واحد".

وتُظهر إحصاءات صادرة عن مركز الإمارات للذكاء الاصطناعي أن حجم الاستثمارات في تقنيات التعليم الذكي تجاوز 2.1 مليار درهم (الدولار يساوي 3.67 درهم) في عام 2024، مع توقعات بارتفاعها إلى 4 مليارات درهم بحلول عام 2027.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 120 ألف طالب يستخدمون الآن أدوات تعليمية قائمة على الذكاء الاصطناعي بشكل يومي، وهو ما يرى فيه أولياء الأمور أنه يعيد تشكيل علاقة الطلاب بالتعلم.

ويقول الإماراتي أحمد الزعابي، "كنت في البداية متخوفاً من الاعتماد الكبير على الأجهزة، لكني لاحظت فرقاً كبيراً في طريقة تفكير ابني. صار أكثر فضولاً وأكثر مسؤولية تجاه تعلمه. التقنية جعلته يفهم أن المدرسة ليست مكاناً للحفظ بل للاكتشاف".

وبجانب ذلك، ساهم الذكاء الاصطناعي في خفض معدل الغياب بنسبة 15% خلال العام الماضي، وفق نورة القاسمي، وهي مديرة مدرسة حكومية في الشارقة.

وتوضح: "عندما يشعر الطالب أن النظام يتفاعل معه بشكل فردي، يزداد انتماؤه. التعليم الذكي جعلنا نقترب من كل طالب كحالة فريدة، وهذا هو جوهر التحول الذي نعيشه".

ووفق القاسمي، يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في المدارس عبر منصة مركزية موحدة تربط بيانات الطلاب بالأداء الأكاديمي والسلوكي.

وتقول القاسمي "النظام يقوم بتحليل البيانات بشكل فوري ليقترح للمعلم أدوات تعليمية تناسب كل طالب، كما يقدّم للمديرين تقارير أسبوعية عن مستوى الصفوف. إنه نظام ديناميكي لا يراقب فقط، بل يتعلّم من كل تفاعل لتحسين التجربة باستمرار".

وتشمل الأدوات الذكية المستخدمة من الطالب والمعلم، منصات التقييم الذكية التي تتابع مستوى التطور وتُقدم ملاحظات فورية، إضافة إلى برامج المحاكاة الافتراضية في مجالات العلوم والهندسة، وأنظمة الكتابة والتحليل التوليدية التي تنمّي مهارات التعبير والابتكار، بحسب القاسمي.

وترى المعلمة فاطمة المنصوري، التي تدرس اللغة العربية في مدرسة حكومية بأبوظبي، أن الذكاء الاصطناعي أعاد الحماسة إلى الحصص الدراسية.

وتقول المنصوري "إن الطلاب أصبحوا يتفاعلون أكثر لأن الدروس باتت أقرب إلى اهتماماتهم. بعض الأنظمة تولّد نصوصاً وقصصاً مستوحاة من ثقافتنا الإماراتية، ما يجعل الطالب يشعر أن التقنية تتحدث بلغته".

وتضيف المنصوري أن أهم ما تغير هو العلاقة بين الطالب والمعلم: "لم يعد الذكاء الاصطناعي منافساً للمدرس، بل شريكاً يساعدنا على تطوير مهارات التفكير والتحليل لدى الطلبة، بدلاً من التركيز على الحفظ فقط".

لكن هذا التحول لا يخلو من تحديات. فبحسب تقرير مشترك بين وزارة التربية ومجلس التعليم العالي، مازالت هناك حاجة لتدريب أكثر من 12 ألف معلم على أدوات الذكاء الاصطناعي وتفسير البيانات التعليمية.

وتعمل الوزارة على إطلاق "برنامج المعلم الرقمي 2030" لتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال.

ويرى المهندس علي الشامسي أن "أهم ما في التجربة الإماراتية هو اتساقها مع فلسفة الدولة في توظيف التكنولوجيا لخدمة الإنسان لا العكس".

وختم قائلاً: "الذكاء الاصطناعي في مدارسنا ليس مشروعاً تقنياً، بل مشروع إنساني في جوهره. هدفنا بناء عقول تتفاعل مع المستقبل، لا تهابه". /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号