غزة 8 أكتوبر 2025 (شينخوا) استؤنفت اليوم (الأربعاء) في مدينة شرم الشيخ المصرية المحادثات غير المباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، لليوم الثالث على التوالي، وسط حراك دبلوماسي مكثف وأجواء حذر مشوب بالتفاؤل حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق أولي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

-- تطورات متسارعة وزخماً دولياً

وقالت مصادر فلسطينية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المفاوضات تشهد تطورات متسارعة وزخماً دولياً غير مسبوق، مع انضمام مسؤولين رفيعي المستوى من دول عربية وإقليمية.

وأعلن القيادي في حركة حماس عزت الرشق انضمام رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، ورئيس جهاز المخابرات التركي، إلى جانب رئيس جهاز المخابرات المصري، إلى جولة المفاوضات الجارية.

وقال الرشق في بيان صحفي إن انضمام هذه الأطراف "يمنح المفاوضات دفعة قوية لتحقيق نتائج إيجابية لوقف الحرب وتبادل الأسرى، ويضيق هامش المناورة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمواصلة العدوان أو إفشال المفاوضات".

وأوضحت مصادر فلسطينية أخرى، أن المفاوضات تتركز حالياً على مسألة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وقوائم الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم ضمن الصفقة.

وذكرت الإذاعة العبرية، نقلاً عن مصادر أمنية إسرائيلية، أن هناك احتمالاً كبيراً لتحقيق تقدم ملموس خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى انضمام المبعوثين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى الاجتماعات.

وأوضحت الإذاعة أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، انضم اليوم إلى المفاوضات، مشيرة إلى أن مشاركة هذه الأطراف تعكس "جدية متزايدة" في محاولة التوصل إلى تفاهم شامل برعاية مصرية وإقليمية.

وبحسب الإذاعة، عقد اليوم اجتماع موسع في شرم الشيخ ضم ويتكوف وكوشنر وديرمر، ورئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن أل ثاني ورئيس المخابرات التركي إبراهيم قالين.

-- مرونة ملموسة

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن الاجتماعات التي انطلقت منذ الاثنين الماضي أحرزت تقدماً في ملفات رئيسية، أبرزها آليات وقف إطلاق النار وترتيبات انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق في قطاع غزة، إلى جانب ملف تبادل الأسرى بين الجانبين.

وأضافت المصادر أن المفاوضات تتركز حالياً على "ضمانات التنفيذ الميداني وجدول زمني للانسحاب"، موضحة أن الأطراف المشاركة "تسعى لإنجاز اتفاق أولي يمكن البناء عليه خلال الأيام المقبلة".

ووصفت المصادر أجواء الاجتماعات بأنها "عملية وهادئة"، مشيرة إلى أن الوفد الفلسطيني أبدى "مرونة ملموسة" سعياً لتحقيق تقدم فعلي.

من جانبها، نقلت الإذاعة العبرية أن إسرائيل تصر على أن تكون خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب على غزة هي أساس التفاوض، بينما تتمسك حركة حماس بانسحاب إسرائيلي كامل وضمانات دولية ملزمة.

وقالت الإذاعة إن جهات أمنية إسرائيلية أبدت استعداد تل أبيب لانسحاب تكتيكي من نحو 70 في المائة من قطاع غزة، لكنها ترفض الانسحاب الكامل الذي تطالب به حماس.

-- أساس التفاوض

وتستند المباحثات إلى خطة الرئيس الأمريكي ترامب المؤلفة من 20 بنداً، والتي أعلنها أواخر سبتمبر الماضي.

وتنص الخطة على وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين خلال 72 ساعة مقابل صفقة تبادل للأسرى، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع، يعقبه تشكيل "مجلس سلام" دولي يتولى إدارة المرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار.

وفي الثالث من أكتوبر الجاري، أعلنت حركة حماس موافقتها على الخطة واستعدادها لتسليم جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات دفعة واحدة، والبدء بمفاوضات تنهي الحرب المستمرة منذ عامين.

-- توحيد الموقف الفلسطيني

ومن المقرر أن يصل إلى شرم الشيخ مساء اليوم وفدان من حركتي الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للانضمام إلى وفد حماس، بحسب مصادر فلسطينية مطلعة، التي أكدت أن "انضمام الفصائل قد يسهم في تسريع التفاهمات حول ملف الأسرى الإسرائيليين، وتوحيد الموقف الفلسطيني في الملفات الحساسة".

وقالت المصادر إن انضمام الفصيلين جاء بناء على طلب من حركة حماس في إطار سعيها لتعزيز موقفها التفاوضي.

ويقدر عدد الرهائن الإسرائيليين المتبقين في غزة بنحو 48 رهينة، بينهم 22 يُعتقد أنهم أحياء، فيما يحتجز الباقون كجثامين، وفق مصادر إسرائيلية.

-- تبادل كشوفات الأسرى

وأكد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، طاهر النونو، في بيان من شرم الشيخ، أن وفد الحركة "قدم الإيجابية والمسؤولية اللازمة لإحراز التقدم المطلوب وإتمام الاتفاق"، مشيراً إلى أن الوسطاء "يبذلون جهوداً كبيرة لإزالة أي عقبات متبقية وسط أجواء من التفاؤل الحذر".

وقال النونو إن "الجانبين تبادلا اليوم كشوفات الأسرى المطلوب الإفراج عنهم وفق المعايير والأعداد المتفق عليها"، مضيفاً أن "المفاوضات غير المباشرة ما تزال متواصلة بمشاركة جميع الأطراف والوسطاء".

وأوضح أن المباحثات تركزت على "آليات إنهاء الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتبادل الأسرى بين الجانبين".

-- مواقف الفصائل الفلسطينية

من جهته قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة إن "الفصائل الفلسطينية بما فيها حركته مستعدة للتعامل بإيجابية مع بعض بنود خطة ترامب، وخاصة بند تبادل الأسرى".

وأضاف في بيان متلفز أن "بند تبادل الأسرى يمكن إنجازه خلال الأيام المقبلة، وبذلك نكون قد سحبنا فتيل التفجير ومبررات إسرائيل لمواصلة العدوان"، مشدداً على أن "الفلسطينيين لا يمكن أن يقبلوا بشروط أو إملاءات بعد كل هذا الثمن"، في إشارة إلى أعداد القتلى والدمار الكبير في قطاع غزة.

-- الحرب والأزمة الإنسانية

وتشن إسرائيل حرباً واسعة ضد حركة حماس والفصائل المسلحة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، عقب هجوم غير مسبوق شنته الحركة على جنوب إسرائيل، وأسفر، وفق السلطات الإسرائيلية، عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.

ومنذ ذلك الحين، تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، وأدت إلى نزوح شبه كامل للسكان واندلاع مجاعة في مناطق واسعة من القطاع، وفق تقارير الأمم المتحدة.

ويرى مراقبون فلسطينيون أن أجواء المفاوضات الحالية تمثل "الفرصة الأكثر واقعية" منذ بدء الحرب للوصول إلى تسوية، لكنهم يحذرون من أن "القضايا الأمنية والإنسانية المعقدة قد تؤخر الإعلان عن أي اتفاق نهائي". /نهاية الخبر/