arabic.china.org.cn | 29. 09. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم شو منغ*
29 سبتمبر 2025 / شبكة الصين / يشهد العالم في هذه الأيام موجة الاعتراف الأممي بدولة فلسطين، فبعد إعلان كل من بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، أعلنت كل من فرنسا و بلجيكا ولوكسمبورج وأندورا وغيرها من الدول عزمها الاعتراف بها خلال مؤتمر دولي رفيع المستوى حول الحل السلمي لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين بمقر الأمم المتحدة في 22 سبتمبر الجاري. وبهذا ارتفع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى 159 دولة حول العالم، في خطوة تعد كسرا لصمت غربي طويل إزاء إقامة الدولة الفلسطينية بشكل كامل.
وقد مضى ما يقرب 80 عاما على إقرار الأمم المتحدة لمبدأ "حل الدولتين" في عام 1947. وخلال العقود الثمانية الماضية، تبنت العديد من الدول الغربية موقفا غامضا تجاة القضية الفلسطينية. فمن جهة، ظلت تنادي بتنفيذ "حل الدولتين" وإحلال السلام في المنطقة، ومن جهة أخرى، تساهلت مع العمليات العسكرية الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني. فهي تدين بأصوات مرتفعة الصراع الذي تسبب في أزمة إنسانية خانقة في غزة، وفي الوقت نفسه تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية. وبسبب هذا التساهل والتغاضي، تفاقمت الأزمة الإنسانية والنزوح في غزة، كما تجاوزت ممارسات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية بشكل واضح الخطوط الحمراء التي رسمها القانون الدولي. وقد أتاح هذا التردد والتأرجح في السياسات الغربية لإسرائيل مساحة واسعة لاتخاذ خطوات أحادية الجانب. وقد ترمز موجة الاعتراف الغربية الأخيرة بدولة فلسطين إلى تغير محتمل في السياسات الغربية المنحازة التي استمرت لسنوات طويلة.
وتكتسب هذه الموجة من الاعترافات الأممية أهمية رمزية كبرى، فهي تعكس بداية تبني المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الغربية، نظرة أكثر جدية إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتطلعه لإقامة دولته رغم تأخر هذا الاعتراف. كما أسهمت في إرساء أساس دولي أوسع لتحقيق هذا التطلع، وفرضت ضغطا أقوى على إسرائيل من حيث الرأي العام، ومنحت فلسطين مزيدا من أوراق القوة في المفاوضات مع إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في كسر حالة عدم التوازن في المفاوضات الراهنة، ويفتح آفاقا جديدة لاحتواء تصاعد الصراع والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في غزة.
غير أن إطلاق النداءات العادلة لا يعني بالضرورة تحقيق العدالة فورا. فرغم اعتراف العدة من الدول بدولة فلسطين، لم يطرأ تغير جوهري في سياساتها الغامضة تجاه القضية الفلسطينية. إذ انضمت بعض الدول الأوروبية إلى ركب الدول المعترفة من جهة، ومن جهة أخرى واصلت تصدير الأسلحة لإسرائيل. وهذا التناقض في السياسات يضعف المصداقية السياسية لذلك الاعتراف. وفي الوقت نفسه، تجنبت العديد من الدول في بياناتها التطرق إلى القضايا المحورية الثلاثة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي مكانة القدس وحق اللاجئين والمستوطنات.
والأهم من ذلك أن الاعتراف اللفظي وحده لا يكفي، فالشعب الفلسطيني أحوج ما يكون إلى إجراءات ملموسة وتحركات فعلية قادرة على تغيير واقعه. ومن هذه الزاوية، فإن اعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين لم ينجح بعد في كسر الجمود في حلقة الصراع الطويلة الأمد، رغم إعادة التأكيد على شرعية "حل الدولتين".
وفي ظل التعقيدات الجيوسياسية المتشابكة في الشرق الأوسط، فإن أي تطور يعود بالنفع على الشعب الفلسطيني ويقرب المنطقة من السلام يستحق التقدير والترحيب. لكن ينبغي في الوقت نفسه التحلي باليقظة بأن الطريق لا يزال طويلا بين الموقف الدبلوماسي المتمثل في "الاعتراف بدولة فلسطين" وبين تحقيق إقامة الدولة وإحلال السلام فعليا. ومن أجل تحقيق اختراق حقيقي على طريق السلام، يتعين على المجتمع الدولي تحويل جهود الاعتراف الدبلوماسي إلى خطوات سياسية ملموسة. ووحدها هذه الخطوات كفيلة بتحويل هذا الاعتراف المتأخر إلى قوة فاعلة تدفع عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل إلى الأمام.
وفي جميع الأحوال، فإن موجة الاعتراف الأممية بدولة فلسطين تمثل على الأقل خطوة في الاتجاه الصحيح، وتمنح بصيص أمل لدفع عملية السلام مستقبلا. ويبقى على المجتمع الدولي أن يتبني مزيدا من التحركات العملية في المرحلة المقبلة، لضمان إقامة دولة فلسطينية تتمتع باعتراف واسع وسيادة كاملة وكرامة وطنية، وبذلك يمكن إحلال السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.
*باحثة في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية
الآراء الواردة في المقالة لا تعبر بالضرورة عن موقف موقع "شبكة الصين" الإخباري
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |