بقلم د.أُنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية

في 25 سبتمبر، احتفلت منطقة شينجيانغ الصينية بالذكرى السبعين لتأسيسها، وخلال العقود السبعة الماضية شهدت هذه المنطقة إنجازات هامة على جميع الأصعدة، حيث تحولت شينجيانغ من منطقة حدودية نائية إلى مركز نشط ومنطقة حيوية ونقطة مميزة في مبادرة "الحزام والطريق". وتتميز منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غربي الصين بتنوعها البيئي والطبيعي، حيث تضم جبال ثلجية وبحيرة كاناس المميزة، والأنهار الجليدية والعديد من المراعي الخضراء الخصبة، وأكبر صحراء في الصين، صحراء تاكليماكان، والتي تُعتبر ثاني أكبر صحراء متحركة في العالم، مما يوفر بيئة وظروفا مناخية مميزة للغاية، لتنعم المنطقة بثروة حيوانية ونباتية كبيرة، وتُعرف داخل وخارج الصين بمذاق مميز لفواكهها. كما تتميز المنطقة أيضا بوفرة مناطقها السياحية لتسجل أكثر من 300 مليون شخص\مرة في عام 2024، وذلك بفضل نجاح أعمال التطوير والنهوض بالمنطقة على مدار سبعين عاما.

منذ تأسيس منطقة شينجيانغ الويغورية في عام 1955، بدأت الحكومة الصينية بإنشاء إدارات ومؤسسات حديثة، وتحسين البنية التحتية، حيث ازداد طول خطوط السكك الحديدية من أكثر من 4000 كم في عام 2012 إلى أكثر من 9500 كم في عام 2024. كما تمتعت المنطقة بمشاريع كبرى واستثمارات ضخمة، وإنشاء مشاريع وطنية إستراتيجية أهمها مد أنابيب الغاز والنفط من شينجيانغ إلى شرق الصين، لتُعرف المنطقة أيضا باسم "جسر الطاقة"، كما تُعتبر أيضا مركزا مهما للطاقة الصينية، حيث بلغ إنتاجها للطاقة في عام 2024 أكثر من 116 مليار كيلوواط ساعي بزيادة حوالي 31% عن العام السابق. وقد أقامت الصين أطول حلقة نقل للطاقة العالية الجهد في الصين على طول حوالي 4200 كيلومترا ويُعتبر هذا الإنجاز عبارة عن "طريق سريع للطاقة" يوفر إمدادات ضخمة للطاقة إلى سائر البلاد. وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة لعام 2024 محققا أكثر من تريليوني يوان صيني بزيادة 6.1% على أساس سنوي.

عملت الحكومة الصينية على تعزيز جميع القطاعات في منطقة شينجيانغ، مع التشجيع على التعايش السلمي لمختلف القوميات التي توجد في المنطقة، وتحسين مختلف المجالات التي تهم المواطنين بشكل مباشر، أهمها قطاع التعليم والذي سجل ارتفاعا هاما بين مختلف الفئات العمرية وذلك بفضل بناء مدارس جديدة في المدن والأرياف، وتوسيع الجامعات والمعاهد الفنية في شينجيانغ وتعزيز التعليم الإلزامي لمدة 9 سنوات لأطفال المنطقة وتقديم منح ومساعدات تعليمية لأبناء العائلة ضعيفة الدخل. كما تم التركيز أيضا على تحسين قطاع الصحة في منطقة شينجيانغ، من خلال بناء مستشفيات ومراكز صحية وتوفير تأمين صحي شامل لأغلب السكان. وتضم منطقة شينجيانغ أكثر من 26 مليون نسمة من حوالي 47 قومية مختلفة على رأسهم الويغور والهان، وتعيش هذه القوميات المتعددة في تضامن تحت شعار "الوحدة، الانسجام، والازدهار المشترك" وذلك باعتباره شعار الحكم في المنطقة.

في 25 سبتمبر 2025، وخلال الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس منطقة شينجيانغ، شارك الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى جانب ممثلين عن المسؤولين والسكان المحليين من مختلف فئات المجتمع. وخلال المناسبة، عُرضت أبرز إنجازات المنطقة على مدى العقود السبعة الماضية، من القضاء على الفقر وبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، إلى تعزيز وحدة القوميات وترسيخ الشعور بالانتماء الوطني إلى الأمة الصينية. وتؤكد الحكومة الصينية ولجنة الحزب الشيوعي الصيني في شينجيانغ التزامهما بمواصلة الجهود لضخ مزيد من الحيوية في مسيرة التنمية، وبناء شينجيانغ اشتراكية حديثة تتميز بالوحدة والتعايش السلمي وسط بيئة إيكولوجية فريدة.

انتقلت منطقة شينجيانغ خلال السبعين عامًا منذ تأسيسها من منطقة عانت الفقر وضعف الخدمات إلى منطقة توفر اليوم فرصًا تعليمية وصحية متقدمة، وتمثل نموذجًا للتنمية المتوازنة والوحدة بين القوميات المختلفة في إطار بناء مجتمع الأمة الصينية المشترك. وبفضل موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها بوابة الصين نحو آسيا الوسطى وأوروبا، وبفضل السياسات الحكومية الداعمة لمسار التنمية المستدامة، تواصل شينجيانغ تعزيز دورها كمحرك اقتصادي وثقافي مهم ضمن مبادرة "الحزام والطريق". كما تسعى المنطقة أيضا إلى ترسيخ صورتها كمنطقة مزدهرة وآمنة، تتعايش فيها مختلف القوميات بسلام وانسجام، وتساهم بفعالية في تحقيق نهضة الصين وبناء دولة اشتراكية حديثة مزدهرة تتوفر حياة أفضل لمختلف السكان.

_______________

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة