غزة 27 سبتمبر 2025 (شينخوا) داخل غرفة الحضانة في قسم الأطفال بمجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، يستلقي ثلاثة أطفال خدج على سرير واحد للحصول على جرعة تنفس للحياة.

وتتناوب والدة كل رضيع الجلوس بجانب طفلها الذي يعاني من ضيق تنفس، محاولةً إخفاء قلقها خلف نظرات صامتة، فيما يبقى شبح الخوف من فقدان فلذات الأكباد حاضرًا.

ومن بين الرضع الثلاثة المستلقين على السرير، يعاني محمود رشوان، وهو طفل لم يكمل شهره الأول موصول بجهاز التنفس الاصطناعي. بجسده النحيف نتيجة سوء التغذية، صعوبة في التنفس يرافقها زرقة ظاهرة.

وتقول والدته ريم (32 عامًا) وهي تجلس قربه لوكالة أنباء ((شينخوا)) "محمود يعاني من ضيق تنفس، ويحتاج أن يكون موصولًا على جهاز التنفس الاصطناعي باستمرار".

وتضيف بصوت مختنق وطفلها يبكي "ما ذنبه أن يحدث له كل ذلك؟ لم يرَ الدنيا بعد"، معربة عن خشيتها من فقدانه بسبب نقص الأدوية والعلاج.

وخارج الغرفة، يكتظ الممر بأهالي رضع لم يتجاوزوا الشهر الأول من أعمارهم، معظمهم يعانون من صعوبات تنفسية، فيما يضطر البعض إلى افتراش الأرض انتظارًا لدورهم في ظل قلة الأسرّة.

ويعزو القائمون على القسم هذا الوضع المأساوي إلى الضغط الهائل الناجم عن الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.

ويقول مدير عيادة الأطفال أحمد الفرا، وهو يتابع حالة محمود لـ((شينخوا)) "الوضع داخل الحضانة صعب، وغالبية الأطفال يعانون من مشاكل تنفسية ويحتاجون إلى أكسجين وأجهزة تنفس اصطناعي".

ويضيف "أن الأطباء يضطرون إلى إعطاء الأكسجين والتنفس الاصطناعي للأطفال وفق الأولوية"، مشددًا على أن هؤلاء الأطفال "لهم الحق في الحياة وتلقي الرعاية الصحية".

ويشير إلى أن قطاع غزة "يعاني من موجة قاسية من النزلات الشعبية أو التهاب القصيبات الهوائية"، لافتا إلى ارتفاع أعداد الأطفال الخدج باعتبارها إحدى مضاعفات الحرب، إذ يولد الكثير منهم قبل أوانهم الطبيعي.

ويحذر من "أن الاكتظاظ ونقص الكوادر الطبية يربكان الطواقم، ويزيدان من فرص انتقال العدوى التنفسية".

ويدعو الفرا إلى ضرورة وقف الحرب وإعادة تفعيل المستشفيات، خصوصًا أقسام الحضانات، لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الأطفال المرضى.

وبحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن الأطفال الخدج في غزة يولدون بتغيرات جينية غير مسبوقة، مشيرة إلى "أن 70 ألف طفل وأكثر من 90 في المائة من السكان يعانون من سوء تغذية حاد".

وقالت الوكالة في بيان إن عياداتها داخل القطاع سجلت زيادة ملحوظة في حالات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال والفئات الأكثر هشاشة منذ بدء الحصار الإسرائيلي المشدد.

وحذرت من أن استمرار هذا الوضع "ينذر بكارثة إنسانية وشيكة في ظل انهيار شبه كامل للبنية الصحية وارتفاع معدلات الفقر وسوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال والنساء".

وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 16 ألف طفل، بينهم رضع وحديثو الولادة، قتلوا منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023.

وأضافت أن 440 حالة وفاة سُجلت نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينها 147 طفلًا.

وتشن إسرائيل حربا واسعة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، في أعقاب هجوم غير مسبوق شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل، أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز رهائن.

وأدت الحرب حتى الآن إلى مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، فضلا عن دمار واسع في المباني والبنية التحتية.

ويعيش قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة ازدادت حدتها منذ 2 مارس الماضي، بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ما تسبب في تفشي الجوع ونقص حاد في المواد الغذائية والطبية.