share
arabic.china.org.cn | 27. 09. 2025

تحليل إخباري: الهجمات الإسرائيلية في اليمن .. ردع للحوثيين أم تحول استراتيجي

arabic.china.org.cn / 03:32:37 2025-09-27

صنعاء 26 سبتمبر 2025 (شينخوا) يرى محللون يمنيون أن الهجمات الإسرائيلية في اليمن تأتي في إطار محاولات ردع جماعة الحوثي، فيما يعتبر آخرون أنها تجاوزت مرحلة الردع ودخلت مرحلة التحول الاستراتيجي، الهادف إلى توسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة تحت مظلة الحماية الأمريكية.

وكثفت إسرائيل أخيرا من هجماتها المميتة في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، استهدفت خلالها قيادات في الجماعة، ومقار متعددة، ومنشآت حيوية من مطارات وموانئ ومصانع للخرسانة ومحطات لتوليد الطاقة الكهربائية.

وكان أخر هجوم إسرائيلي عصر يوم أمس (الخميس)، حيث استهدف عدة مناطق في العاصمة صنعاء، مخلفا 9 قتلى و174 جريحا ودمارا هائلا، وفقا لإعلام الحوثيين.

وتأتي هذه الهجمات الاسرائيلية على الحوثيين، في حين تشن الجماعة هجمات مستمرة عابرة للحدود، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على إسرائيل منذ أكتوبر 2023، إلى جانب شن هجمات بحرية تقول الجماعة إنها إسرائيلية أو مرتبطة بإسرائيل، وذلك "انتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني في غزة".

-- ردع متخبط

ويرى خبير عسكري يمني أن الهجمات الإسرائيلية على اليمن، هي عمليات ردع متخبطة ضد الحوثيين، وقال الخبير العسكري العميد الركن عابد محمد الثور، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الهجمات الإسرائيلية على اليمن، بما في ذلك استهداف الحكومة، وضرب مقار صحفية وموانئ ومناطق مدنية تؤكد أن إسرائيل لا تملك معلومات عسكرية ذات بعد استراتيجي عسكري.

وكانت قد شنت إسرائيل في العاشر من سبتمبر الجاري هجوما على مقر "دائرة التوجيه المعنوي"، هو مجمع يتبع وزارة الدفاع في حكومة الحوثيين، ويضم مكاتب إدارية تابعة للوزارة، ومقر صحيفة ((26 سبتمبر)) وصحيفة ((اليمن))، ومكتب الناطق باسم قوات الحوثي، والواقع في حي التحرير السكني وسط العاصمة صنعاء، وأسفر القصف عن مقتل 32 صحفيا و13 مدنيا من أبناء الحي السكني، وفقا لإعلام الحوثيين.

كما استهدف هجوم إسرائيلي في نهاية أغسطس الماضي، اجتماعا لحكومة الحوثيين بصنعاء وأسفر عن مقتل رئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي، بالإضافة إلى 11 عضوا بارزا آخرين في تلك الحكومة الغير معترف بها دوليا.

وأضاف الثور، وهو مستشار مدير دائرة التوجيه المعنوي في قوات الحوثي (معين من الجماعة في المنصب) أن إسرائيل تدرك تماما أن صنعاء امتلكت القدرة العسكرية لحماية سيادة اليمن، مؤكدا بقوله "بلغنا في اليمن قدرة نستطيع من خلالها السيطرة على مدى يصل نصف قطره إلى 2500 كم، ما يمنحنا أفضلية في فرض معادلة عسكرية، من نقطة إنطلاق من اليمن إلى الأراضي المحتلة (إسرائيل).

وتابع قائلا "لدينا اليوم مسرح عمليات يوازي 500 ألف كيلو متر، حيث استطاعت قواتنا أن تفرض موازينها من خلال أسلحتها التي تمتلكها بما في ذلك الأسلحة التي تم الكشف عنها خلال الفترة الأخيرة، منها الصواريخ الباليستية الفرط صوتية و المتشظية والطائرات المسيرة، إضافة إلى القدرات التي تمتلكها القوة البحرية التي تفرض نفسها بقوة، وتستطيع التعامل مع أكبر القوات البحرية العالمية، مهما كانت دروعها وتحصيناتها".

وواصل قائلا "نحن وصلنا إلى مراحل استطعنا من إحداث ثغرة كبيرة على مستوى الإقليم بأكمله، هذه الثغرة تمثلت في امتلاك القوات المسلحة اليمنية (قوات الحوثي) ترسانة عسكرية تستطيع مواجهة الدول العظمي على رأسها أمريكا وبريطانيا، وهذا ما حصل منذ أكتوبر 2023".

وذكر أن الهجمات الإسرائيلية على اليمن مجرد "تخبط من العدو، وليس تحول إستراتيجي"، لافتا إلى أن هذا التخبط يندرج ضمن القلق الاسرائيلي وردة فعل لما يحدث في الداخل الاسرائيلي من قلق كبير ومن والصواريخ والطائرات التي تجبرهم على الذهاب باستمرار إلى الملاجئ، حيث أصبحت حياة كل من يتواجد على الأراضي المحتلة (إسرائيل) في قلق وخوف، لم يعدوا يعيشوا في أمان".

كما تأتي هذه الهجمات ردا على حظر حركة السفن الإسرائيلية في أهم ممر ملاحي عالمي في البحر الأحمر، إلى جانب العمليات التي تعاملت معها القوات اليمنية مع السفن المتجه إلى موانئ إسرائيل من اتجاه البحر الأبيض المتوسط".

وأشار الخبير العسكري اليمني، إلى أن القوات الإسرائيلية "باتت تواجه انهيارا معنويا ونفسيا"، في المقابل "القوات المسلحة اليمنية (قوات الحوثي) معنوياتها عالية، وتطور أسلحتها ومنظوماتها باستمرار، وهو ما يؤكد أن قواتنا قادرة على فرض حرب حديثة مشتركة بكل ما تحمله من معنى".

-- تحول إستراتيجي بحماية أمريكية

بدوره، يرى خبير يمني أن الهجمات الإسرائيلية في اليمن تجاوزت مرحلة ردع الحوثيين، وباتت تندرج ضمن تحول استراتيجي تسعى من خلاله إسرائيل للعبث بالمنطقة تحت مظلة الحماية الأمريكية.

وقال المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل لـ((شينخوا))، إن الهجمات الإسرائيلية لم تعد مجرد ردع للحوثيين، بل تحول استراتيجي، "فهناك ما يشجع اليوم إسرائيل في الاستمرار باستهداف أذرع إيران في المنطقة، والإعلان بشكل أو بأخر على نجاحها في مسعى التوسع".

وأضاف "ربما تجد إسرائيل اليوم نفسها لاعب وحيد في المنطقة، خاصة بعد ما حصل في غزة، والضربة الكبيرة التي تعرضت لها إيران وما لحق بحزب الله اللبناني، وانهيار نظام بشار الأسد في سوريا".

وتابع أن إيران وإسرائيل ليسا أعداء عقائديين أو غير ذلك؛ ويبدو أن فرص إسرائيل اليوم للتحرك في المنطقة أكبر في ظل حماية أمريكية.

وقال إن الحوثيين لا يفكرون سياسيا ولا عقلانيا، عما سيلحق اليمن من ضرر جراء ما يقومون به تحت مسمى نصرة القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن "المنطق السياسي والعسكري يؤكد أن الحوثي لا يسهم بشيء في نصرة فلسطين.. بل يعطي مبررات لإسرائيل بالتحول الاستراتيجي لاستمرار الصراع، وإيجاد مبررات لإسرائيل للتحرك العبثي في المنطقة، على حد قوله.

وأشار المحلل السياسي اليمني إلى أن "بقاء الحوثي يشكّل مبررا وعاملا مهما من عوامل استمرار إسرائيل في هذا التحول الاستراتيجي في المنطقة"، معتبرا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرى أن الحوثيين يمنحونه المبرر للتوسع دون أن يخسر شيئًا، فهو يستفيد مما يقوم به الحوثيون، للنفوذ في المنطقة.

-- مقاربة متعددة المسارات

في المقابل، يرى الباحث السياسي اليمني عبدالعزيز الأبارة، أن الهجمات الإسرائيلية على اليمن لم تعد مجرد محاولات ردعٍ موضعيّة ضد قدرات الحوثيين التكتيكية، بل انتقلت إلى مقاربة استراتيجية متعددة المسارات تهدف لإضعاف قدرة الجماعة على التشغيل وربطها الإقليمي.

وأوضح الأبارة، وهو رئيس وحدة الإعلام بمركز المخا للدراسات الاستراتيجية (غير حكومي) لـ((شينخوا)) أن "هناك استهدافا ممنهجا للبنى البحرية واللوجستية في الحديدة وميناء رأس عيسى بهدف شلّ سلاسل الإمداد وقطع خطوط وصول الأسلحة والمواد الحيوية للجماعة وأن ربما قد يعرّض قدرة الميناء التشغيلية للتراجع لأسابيع أو شهور وبالتالي سينعكس ذلك على الأمن الغذائي والإغاثي في مناطق سيطرة الحوثي".

وتابع "ثمة تحول تكتيكي واضح من قصف منصات وبنية تحتية إلى استهداف رؤوس الإدارة التنفيذية داخل هياكل الحكم الحوثي فضربة أواخر أغسطس الماضي التي أودت برئيس حكومة الجماعة ووزراء كبار تعد مثالاً على هذا التوجه نحو تفكيك مركز القيادة والسيطرة ومحاولة قطع حلقات الربط العملياتي بين صنعاء ومحاور أخرى وهذا النوع من الاستهداف يندرج في إطار فرض كلفة تنظيمية وإدارية طويلة الأمد على الجماعة لا يقتصر فقط تأثيره على الخسائر المادية فحسب".

وذكر الأبارة أن "ثمة فجوة استراتيجية مهمة في هذه الضربات فالقيادات العقائدية العليا الرمزية - وفي مقدمتها زعيم الجماعة - لم تُصب حتى الآن بضربات مماثلة وما يزال الخطاب الرسمي الحوثي قائماً عبر رموزه العقائدية وهو ما يحدّ من قدرة هذه الغارات على اختراق البنية النفسية والالتزام الأيديولوجي لقاعدتهم وبقاء هذا النواة العقائدية يمنح الحوثيين قدرة على التعبئة الرمزية وإعادة التوليد التنظيمي رغم تآكل قدراتهم اللوجستية".

وأضاف "الكلفة المدنية والإنسانية المرتفعة عبر استهداف مرافق مدنية وإعلامية نتج عنها خسائر بشرية كبيرة ليس من المفروض أن تدخل في دائرة الصراع الحوثي الإسرائيلي".

وأشار الباحث السياسي الأبارة، إلى أنه "بالمجمل نحن أمام تحول إستراتيجي إسرائيلي في مقاربة الصراع بين الطرفين - مزيج من خنق لوجستي متعمّد واقتطاف للقيادات التنفيذية - لكنه محدود من جهة التأثير الرمزي لأن القيادة العقائدية بقيت إلى حدّ الآن خارج الاستهداف المباشر وهذا التباين بين تدمير بنى التشغيل وبقاء رموز العقيدة يجعل الصراع مستمرّاً وغير محسوم".

إلى ذلك، جددت جماعة الحوثي في اليمن، التأكيد على استمرارها في مهاجمة إسرائيل نصرة لفلسطين وردا على الهجمات الإسرائيلية في اليمن.

جاء ذلك خلال احتشاد أعداد كبيرة من أنصار الجماعة اليوم (الجمعة) في ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء، ورفع المحتشدون الأعلام اليمنية والفلسطينية وأعلام للجماعة، وهتفوا بشعارات منددة بإسرائيل وأمريكا.

وذكرت وسائل إعلام للجماعة، أن هذه "الحشود توعدت بمواصلة الاستنفار والثبات وتعزيز الجاهزية لمواجهة العدو الإسرائيلي، والرد على جرائمه في اليمن وفلسطين مهما بلغت التضحيات". 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号