رام الله 25 سبتمبر 2025 (شينخوا) شلّ إغلاق السلطات الإسرائيلية لمعبر الكرامة، المنفذ الوحيد الذي يربط الضفة الغربية بالأردن والعالم الخارجي، حركة تنقل آلاف الفلسطينيين، ما ضاعف معاناتهم وألقى بظلاله على حياتهم اليومية واقتصادهم المحلي، وعلى غير العادة، خلت قاعات المعبر من المسافرين لأول مرة منذ سنوات عقب القرار الإسرائيلي.

وقال رئيس الهيئة العامة للمعابر والحدود في السلطة الفلسطينية نظمي مهنا، في بيان يوم الثلاثاء الماضي، إن الجانب الإسرائيلي "أبلغنا بإغلاق معبر الكرامة في كلا الاتجاهين منذ الأربعاء الماضي وحتى إشعار آخر".

ولم يصدر أي تعليق رسمي من إسرائيل حول القرار، غير أن الإذاعة الإسرائيلية رجحت أن تكون الخطوة ردا أوليا على اعتراف عدة دول غربية بالدولة الفلسطينية، من بينها بريطانيا وفرنسا.

واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية القرار جزءا من سياسة "العقاب الجماعي" الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وقالت الوزارة في بيان، إن إغلاق معبر الكرامة، المعروف لدى إسرائيل باسم "جسر اللنبي"، يتسبب في "أضرار إنسانية واقتصادية جسيمة"، إذ يترك آلاف الفلسطينيين عالقين بعيدا عن أعمالهم ودراستهم وأسرهم، وغير قادرين على السفر لتلقي العلاج.

وطالبت الخارجية دول العالم بالضغط على إسرائيل بشكل فوري لإعادة فتح المعبر الذي ينتقل عبره أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني سنويا.

وتلقى الطالب محمود الأسعد خبر إغلاق المعبر بصدمة كبيرة، وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كان من المقرر سفري اليوم الخميس إلى ألمانيا لاستكمال دراستي في كلية الطب، إلا أن هذا القرار أصبح يهدد مستقبلي".

وأضاف الأسعد "لا أعلم ما يجب فعله الآن، دراستي وحياتي العلمية أصبحت على المحك، إسرائيل تعبث بحياتنا وبمستقبل أجيال كاملة بسياساتها العقابية".

ويعد معبر الكرامة المنفذ الوحيد بين الضفة الغربية والأردن، ويُستخدم بشكل رئيسي لتنقل الأفراد ونقل البضائع، كما يعبر منه كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية بشكل متكرر.

ووفقا لأرقام هيئة المعابر والحدود الفلسطينية، يمر عبر المعبر نحو خمسة آلاف فلسطيني وأجنبي يوميا، كما أن إغلاقه يؤثر بشكل مباشر على حركة التجارة في الضفة الغربية.

وفي السياق ذاته، قال التاجر علي النوباني إن المعبر لا يقتصر دوره على الجانب الإنساني، بل يمثل أيضاً شرياناً اقتصادياً للفلسطينيين، فهو المنفذ الأساسي لتجارة محدودة عبر الأردن، كما أنه يتيح انتقال رجال الأعمال والعمالة الماهرة.

وتابع إن القرار الإسرائيلي سيؤثر على الاقتصاد الفلسطيني "ويكبدنا خسائر كبيرة".

وأضاف النوباني في حديث لـ((شينخوا)) "التجارة في الضفة الغربية تعتمد بشكل تام على معبر الكرامة لإدخال وتصدير البضائع، وإغلاق المعبر سينعكس سلبا على أعمالنا وعلى الأسعار في الأسواق الفلسطينية".

وبحسب أرقام محافظة أريحا والأغوار، تمر يوميا عبر المعبر 600 شاحنة تجارية متجهة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، بعضها محمل بالبضائع المعدة للتصدير وأخرى تحمل مساعدات قادمة عبر الأردن.

وقال محافظ أريحا والأغوار حسين حمايل إن القرار الإسرائيلي سيحرم مئات المرضى من الخروج للعلاج وآلاف الطلبة من الالتحاق بجامعاتهم في الخارج.

وأضاف حمايل لـ((شينخوا)) أن الشعب الفلسطيني "سيخسر مئات الملايين بفعل هذا الإغلاق من مواد البناء، ومن حجوزات الطيران، وحرمان الطلاب والمرضى من السفر".

ووصف الخطوة بأنها "كارثية ومأساوية"، مطالبا بوقفة "حقيقية" من دول العالم والمؤسسات الإنسانية والحقوقية "لوقف العنجهية الإسرائيلية وسياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين".

أما عبد الله سليمان، الذي يتلقى العلاج حاليا في الأردن، فقال في اتصال هاتفي مع ((شينخوا)) إن قرار إغلاق المعبر "يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان حول العالم".

وأوضح الرجل البالغ من العمر 40 عاما، وكان من المقرر أن يعود إلى مدينة نابلس بعد انتهاء علاجه، أنه لا يستطيع العودة حاليا إلى مدينته، وفي الوقت نفسه لا يمكنه البقاء طويلا في فنادق الأردن بسبب التكاليف المرتفعة.

وقال الناشط الحقوقي عارف دراغمة لـ((شينخوا)) إن إغلاق المعبر يحول الضفة الغربية إلى "سجن كبير".

وأضاف أن القرار الإسرائيلي يهدف إلى تضييق الخناق على السلطة الفلسطينية بعد اعتراف عدة دول غربية بالدولة الفلسطينية.

وتابع ان إغلاق المعبر الذي يمر منه يومياً آلاف الفلسطينيين، يأتي مع حلول رأس السنة العبرية واستنفار الجيش الإسرائيلي قواته في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن تداعيات الإغلاق بدت واضحة، إذ انقطعت صلة الفلسطينيين الوحيدة بالعالم الخارجي تقريباً، باستثناء مطار بن غوريون في تل أبيب الذي لا يسمح لهم باستخدامه.

من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني المتخصص بالشأن الإسرائيلي عاهد فروانة إن الإغلاق يمثل "رسالة سياسية" مفادها أن "السيادة على الضفة الغربية ومعابرها وحدودها بيد إسرائيل وحدها"، مشيرا إلى أن القرار سياسي أكثر منه اقتصادي أو أمني.

واستبعد فروانة في اتصال هاتفي مع ((شينخوا)) استمرار الإغلاق لفترة طويلة، مرجعا ذلك إلى "وجود مصلحة اقتصادية إسرائيلية في بقاء المعبر مفتوحا بحكم حركة التجارة بين الضفة الغربية وإسرائيل أيضا".