19 سبتمبر 2025 /شبكة الصين/ في معرض الصناعة الذكية العالمي لعام 2025، الذي أنطلق مؤخرًا في بلدية تشونغتشينغ جنوب غربي الصين، جلس أحد الزوار خلف مقود سيارة ذكية وأعطى أمرا صوتيا بسيطا. وفي غضون ثوانٍ، استجاب النظام بتشغيل جهاز تكييف الهواء، وتفعيل تدليك المقعد، وانطلقت موسيقى هادئة في الخلفية.

وفي الوقت نفسه، وعلى بُعد كيلومترات من هناك، رحّب نظام المنزل الذكي بصاحبه من خلال ضبط درجة حرارة الغرفة تلقائيًا وإسدال الستائر. وهذا الاندماج السلس للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية يجسد الصناعة الذكية سريعة التطور في الصين، والتي تحولت إلى محفز رئيسي للتعاون العالمي.

وقال هاو تشن يه، مدير المنتجات في شركة تشانغآن للسيارات، إنه على عكس النماذج السابقة التي كانت تؤدي مهام جامدة ومحددة، توفر المركبات الذكية اليوم تفاعلات مدركة للمشاعر. مضيفا أنه من خلال مراقبة مزاج السائق، يمكن للسيارة ضبط الإضاءة المحيطية والعطر، بل وتشغيل أجهزة المنزل في الوقت الفعلي.

وتشكل هذه الابتكارات صورةً مصغّرة للنظام البيئي الذكي الأوسع في الصين. فمن الذكاء الاصطناعي والروبوتات إلى المنازل الذكية، تعيد التقنيات الجديدة تشكيل الصناعة وأنماط الحياة، مما يغذي تحولًا اجتماعيًا مستمرًا.

وينمو الاقتصاد الذكي في الصين بوتيرة مذهلة. فقد تجاوز حجم الصناعة 700 مليار يوان (حوالي 98.6 مليار دولار أمريكي) في عام 2024، مع الحفاظ على معدل نمو سنوي متوسط يزيد عن 20% لعدة سنوات متتالية. كما احتفظت البلاد بمكانتها كأكبر سوق للروبوتات الصناعية في العالم لمدة 12 سنة متتالية، حيث ارتفع إنتاج الروبوتات الخدمية بنسبة 34.3% على أساس سنوي ليصل إلى 10.519 مليون وحدة في عام 2024.

وتسعى الصين بنشاط إلى إقامة شراكات دولية، حيث يتجلى ذلك في مبادرات مثل منظمة التعاون الدولي للذكاء الاصطناعي وخطة العمل العالمية لحوكمة الذكاء الاصطناعي. وخلال المعرض الأخير في تشونغتشينغ، أكدت الصين التزامها بتعميق التعاون العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي وتعزيز رؤية مشتركة لحوكمة التكنولوجيا.

وقد حققت الشركات الصينية بالفعل تقدماً في الخارج. ففي يونيو، أصبحت شركة زيلوس المصنعة لمركبات اللوجستيات الذاتية القيادة أول شركة تحصل على ترخيص لوجستي بدون سائق في سنغافورة. كما أن برنامج iFlyTek الخاص بخدمات النسخ الصوتي كخدمة (SaaS) يخدم اليوم أكثر من 1.5 مليون مستخدم في الخارج، ودخل بالفعل سلاسل التوريد الخاصة بعدة شركات متعددة الجنسيات في أوروبا وأمريكا.

وقال ستيفان سبرينك، المدير العام لشركة الذكاء الاصطناعي الألمانية (ComPro GmbH)، إن دمج الصين للذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات يفتح فرصًا واسعة للتعاون الدولي. وأضاف "لقد أقمنا بالفعل عدة شراكات مع شركات صينية، ونحن متفائلون بالتعاونات المستقبلية".

وفي قلب هذه الثورة التكنولوجية تكمن فلسفة تتمحور حول الإنسان. فعلى سبيل المثال، قامت شركة هايفو للتكنولوجيا الطبية ببلدية تشونغتشينغ، الرائدة عالميًا في مجال الموجات فوق الصوتية المركزة، بتصدير أنظمة علاج الأورام غير الجراحية المعروفة باسم "سكين هايفو" إلى 35 دولة ومنطقة، ما عاد بالنفع على أكثر من 330,000 مريض.

وأوضح شوي شو، رئيس قسم التسويق في شركة هايفو الطبية، أن معدات الشركة مثبتة في أكثر من 3,000 مؤسسة طبية داخل الصين، وأكثر من 80 مستشفى خارجي في الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق، وقال "في شهر مارس، أجرينا أول عملية جراحية في العالم بالموجات فوق الصوتية المركزة عن بُعد عبر شبكة 5G، حيث نجحنا في علاج مريض في كينيا".

وفي عام 2024، فتحت شركة ديبسيك (DeepSeek) هيكلها المعماري المتقدم للذكاء الاصطناعي أمام المجتمع الدولي، مما حفّز موجة من الابتكار. واحتلت النماذج الصينية أربعة من المراتب الخمس الأولى على قوائم الترتيب مفتوحة المصدر.

ويمتد هذا النهج المنفتح ليشمل الصالح العام أيضا. ففي أغسطس الماضي، أطلقت الإدارة الصينية للأرصاد الجوية نظام مازو (MAZU)، وهو نظام إنذار مبكر متعدد المخاطر مدعوم بالذكاء الاصطناعي، وتبرعت بوحدة الوقاية من الكوارث الحضرية الخاصة به، مازو-أوربان (مازو-أوربان) للشركاء الدوليين. ومنذ يناير، جرى اختبار النظام في 35 دولة عبر آسيا وأفريقيا وأوقيانوسيا. 

إضافة إلى ذلك، تدخل الأجهزة الذكية المصممة بروح التعاطف إلى المنازل في مختلف أنحاء الصين، بدءا من شاشات برايل لمساعدة ضعاف البصر، ومصابيح النوم المزوّدة بخصائص مراقبة الصحة، وصولاً إلى الروبوتات البايونية التأهيلية.

وأشارت شي إي إي، مديرة عمليات العلامة التجارية بحديقة الابتكار الصناعي في تشونغتشينغ، إلى أنه لا ينبغي أن تكون الروبوتات مجرد آلات باردة، ويجب أن يكون الابتكار محوره الإنسان، وقالت "نهدف إلى توسيع نطاق الابتكارات لتشمل المنازل والرعاية الصحية والسيناريوهات الخارجية، حتى يتمكّن الجميع من مشاركة عوائد الذكاء".