share
arabic.china.org.cn | 05. 09. 2025

الصين في مشهد استعراضي لعام 2025.. حين تلتقي الهوية بالقوة العسكرية

arabic.china.org.cn / 13:14:26 2025-09-05

بقلم د.أُنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية

5 سبتمبر 2025 / شبكة الصين / أقامت الصين في الثالث من سبتمبر الجاري عرضا عسكريا بمناسبة الانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، من خلال عرض شامل، وقد تميز العرض الذي جذب أنظار الصينيين وبقية شعوب العالم، بأنه يتكوّن من حشد ضخم ومتنوع لمختلف القوات وأيضا شاركت فيه مجموعات من التشكيلات الجوية والبرية التي تعكس هيكل الجيش الصيني الحديث. وقد تميز العرض باستعراض متطور للأسلحة الحديثة مثل صواريخ فرط صوتية والصواريخ العابرة للقارات (DF-61) والصواريخ الصينية النووية الاستراتيجية العابرة للقارات والعاملة بالوقود السائل، من طراز "دونغفنغ-5 سي"، والعديد من الطائرات بدون طيار البحرية، بالإضافة إلى معدات الحرب في الفضاء السيبراني. وكل هذه المعدات تؤكد استقلال الصين في مجال التكنولوجيا الدفاعية الفائقة مما يرسخ الاعتماد الوطني والابتكار المستقل. كما يعكس العرض أيضا الهوية الوطنية من خلال إحياء ذكرى مقاومة اليابان والطابع البطولي الوطني، كما كانت جميع المعدات المعروضة من صناعة محلية بشكل كامل وهو ما يُبرز العزيمة الصينية القوية.

تميز العرض العسكري بتنسيق ومتعة بصرية كبيرين، حيث بدأ بتحية نارية قائمة على إطلاق 80 طلقة مدفعية إشارة إلى الذكرى الثمانين للانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، كما تمت الإشارة إلى الرقم الثمانين من خلال تناسق بين طائرات هليكوبتر كوّنت رقم 80 في سماء بكين، واستحضر العرض أيضا تاريخ النضال الوطني والاعتراف بالتضحيات الجسام في الماضي تتخلله العديد من الرموز التي تعزز الترابط بين "الحزب الشيوعي الصيني والدولة والشعب". وشكّل العرض مشهدا سياسيا بارزا على الصعيد العالمي حيث حضره عدد من القادة البارزين من بينهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وزعيم جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، كيم جون أون، وهو ما يبرز التنسيق الدولي والتحالف الصيني مع العديد من الدول المجاورة وأيضا أهمية الحدث عالميا. وقد أظهر العرض التصميم الشامل والدقة الكاملة بين صفوف مختلف المجموعات العسكرية الصينية، حيث تميز بدقة كبيرة بين مختلف العناصر، كما أكد العرض العسكري على القوة المتطورة للدفاع الذاتي الصيني في وقت يعيش فيه العالم تقلبات سياسية وصراعات دولية هامة. كما قام العرض أيضا بتعزيز احترام النظام والموقع الصيني على المسرح الدولي، وإظهار التقدم العسكري الواضح للجيش الصيني.

وخلال كلمة ألقاها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وهو أيضا الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، أكد الرئيس شي إلى أن الصين ملتزمة بطريق التنمية السليمة، وقال إن البشرية تواجه مرة أخرى خيار السلام أو الحرب، والحوار أو المواجهة والفوز المشترك أو الاختيارات ذات المحصلة الصفرية، وأكد أن الشعب الصيني يتمسك دائما بطريق التنمية السلمية ويتكاتف مع بقية العالم لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. وقد شدد الرئيس الصيني من خلال خطابه على السلام والقوة الوطنية للصين، من خلال الإشارة إلى الإنجازات التاريخية والرؤية المستقبلية الصينية التي تعكس القوة وليس الهيمنة، بل تسعى للدفاع عن مصالحها الوطنية وتهدف إلى بناء علاقات دولية عادلة ومتوازنة. كما وجّه خطاب شي جين بينغ تحذيرا من التصعيد والتقلبات التي يشهدها العالم، وضرورة الابتعاد على التوترات الجيوسياسية.

لم يكن العرض العسكري نتيجة لتجهيزات قصيرة المدى، بل نتاج لسياسة تعتمدها الصين منذ سنوات، حيث تتوجه السياسة الصينية الحديثة نحو تعزيز القوة العسكرية للبلاد ضمن خططها الحكومية، إذ تُعتبر الصين ثاني أكبر دولة منفقة على المجال العسكري بعد الولايات المتحدة الأمريكية، بنمو في ميزانية سنوية بنسبة تتراوح بين 6 إلى 8% وهو ما يبرز الأولوية التي يحظى بها الجيش الصيني في السياسة الوطنية. بالإضافة إلى التركيز على تطوير القدرات الصاروخية والفضائية بما فيها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والأسلحة الفرط الصوتية، والاستثمار في الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة والأمن السيبراني. ومنذ عام 2015، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ على برنامج إصلاح شامل لجيش التحرير الشعبي يركز على دمج القوات وتعزيز الكفاءة والجاهزية القتالية في صفوف الجيش. كما أن زيادة الانفاق العسكري هي أيضا وسيلة لتعزيز الوحدة الوطنية وربط قوي للشعب بمشروع "النهضة الصينية"، فالإنفاق العسكري في الصين ليس مجرد شأن دفاعي للبلاد، بل هو جزء استراتيجي من السياسة العامة، يخدم أهدافا سياسية وأمنية واقتصادية وجيوسياسية، ويهدف أيضا إلى جعل الصين قوة كبيرة شاملة.

يكشف العرض العسكري والخطاب الذي ألقاه شي جين بينغ، على رؤية واضحة لـ"صين جديدة" تسعى لترسيخ عظمتها الوطنية. هذه القوة التي تعتمد على التحديث العسكري المتسارع وعلى الالتزام بالسلم والتعددية، مع التمسك بحقها المشروع في حماية مصالحها وسيادتها ووحدة أراضيها. وقد أبرز العرض العسكري لعام 2025 بأن الصين ليست مجرد قوة صاعدة فحسب، بل هي قوة مسؤولة تسعى إلى إرساء التوازن الإقليمي والدولي، وتقدم نموذجا خاصا لهوية الأمة الصينية في العصر الحديث.


_______________

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号