share
arabic.china.org.cn | 31. 08. 2025

التعاون الصيني العربي في مجال المواد الجديدة: من البحث التقني إلى الازدهار الصناعي

arabic.china.org.cn / 16:35:26 2025-08-31

بكين 31 أغسطس 2025 (شينخوا) على الساحل الشمالي الغربي للجزائر، دخل مشروع تحلية مياه البحر في وهران مراحله النهائية. وينفذ هذا المشروع مركز هانغتشو لأبحاث وتطوير تكنولوجيا معالجة المياه التابع لشركة سينوكيم الصينية، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله بنهاية العام الحالي. ويتميز المشروع بالاعتماد على تقنية متقدمة في أغشية التناضح العكسي طورتها الصين قادرة على إزالة الأملاح والشوائب من مياه البحر بكفاءة عالية لإنتاج مياه عذبة بجودة ممتازة.

وفي صحراء مصر الشرقية، تُشكل أبراج الاتصالات المصنوعة من ألياف زجاجية مركبة طورها خبراء صينيون من المواد الجديدة نقطة تحول في مجال الاتصالات. فهذه الأبراج أخف وزنا بكثير من الأبراج المعدنية التقليدية، ما أتاح تعزيز شبكات الاتصال في تلك المناطق التي طالما عانت من ضعف التغطية في شمال أفريقيا.

أما في طريق قاوشيونغ في مدينة سوتشيان بمقاطعة جيانغسو بشرقي الصين، فقد حقق التعاون بين الصين والسعودية نجاحا بيئيا واقتصاديا، إذ جرى تحويل 33.4 طنا من النفايات البلاستيكية إلى مواد لرصف الطرق، ما أدى إلى إنشاء طريق مبتكر قلص انبعاثات الكربون بنسبة 36 في المائة وخفض تكاليف البناء بنسبة 18.6 في المائة.

وتعتبر هذه المشروعات تجسيدا حيويا للتعاون العميق بين الصين والدول العربية في مجال المواد الجديدة، وهي مواد مبتكرة أو مطورة حديثا تختلف في خواصها أو أدائها عن المواد التقليدية كالحديد والخرسانة والخشب. وعادة ما يتم إنتاجها عبر تقنيات متقدمة وتستخدم في مجالات مثل البناء والطاقة والاتصالات وغيرها لما تتميز به من قوة وخفة وكفاءة واستدامة.

فمن الاختراقات التكنولوجية في المختبرات إلى وضع المعايير الصناعية، ومن تنفيذ المشروعات التجريبية إلى التوسع في الأسواق العالمية، يمضي الجانبان الصيني والعربي معا في دفع ثورة خضراء تعيد رسم ملامح صناعات البناء والبنية التحتية مع استخدام المواد الجديدة كقوة دافعة ومحرك رئيسي لهذا التحول.

ويأتي التعاون بين الصين والسعودية تحديدا كجزء من استكشاف مسار جديد يربط بين البحث التقني والازدهار الصناعي المشترك. ففي عام 2022، أطلقت شركة أرامكو السعودية، بالتعاون مع شركة أكاديمية الصين لبحوث علوم مواد البناء، مركزا لابتكار المواد غير المعدنية في بكين، وهو منصة دولية لتحويل التقنية ذات الصلة. ومن خلال إنشاء صندوق ابتكاري، قامت المنصة بتمويل 53 مشروعا بحثيا في العالم ودعم تنفيذ 22 مشروعا نموذجيا، مما ساهم في خفض انبعاثات الكربون بأكثر من 10 آلاف طن.

وفي يونيو الماضي، أكمل مشروع إعادة تدوير البلاستيك على طريق قاوشيونغ في سوتشيان عامه الأول. فقد جرى استخدام تقنية الخلط المزدوج للبلاستيك المعاد تدويره، التي طورتها جامعة نانجينغ للتكنولوجيا، لاستبدال 20 بالمائة من الأسفلت و50 بالمائة من مواد الحشو بالبلاستيك المعاد تدويره، مما ساهم في امتصاص "التلوث الأبيض" مع ضمان سلامة ومتانة المواد الجديدة. وقال ون تشاي جيون، نائب رئيس شركة أكاديمية الصين لبحوث علوم مواد البناء، "نسعى لتسريع تنفيذ ونشر نتائج الابتكار، ودفع الثورة الصناعية التي تتجسد في استبدال الكربون المرتفع بالكربون المنخفض واستبدال الاقتصاد الخطي بالاقتصاد الدائري".

وترتبط هذه النتائج الابتكارية ارتباطا وثيقا بالتعاون الصيني والسعودي في إطار معادلة تقوم على مبدأ "رأس المال + التكنولوجيا + السوق"، حيث يقوم الجانب العربي بتمويل جهود الأبحاث والتطوير في مجال تكنولوجيا منخفضة الكربون، بينما يوفر الجانب الصيني سيناريوهات تطبيقية لتسويق هذه التكنولوجيا. وقال نادر العرفج، المدير العام لأرامكو الصين، وهو يشير إلى طريق قاوشيونغ، إن "تعاوننا مع الجانب الصيني ليس مجرد صفقة بيع وشراء، بل هو بناء لآلية ابتكارية مشتركة".

ولم تقتصر النتائج على الصين والدول العربية، بل امتدت لتشمل دولا أخرى. فقد ذكرت لي جيوان، مديرة مركز الابتكار للمواد غير المعدنية، أن المنصة، ومن خلال نموذج التعاون المفتوح، جذبت فرقا بحثية من دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا واليابان لتشكل سلسلة كاملة تبدأ من تطوير المواد، مرورا بوضع المعايير، وصولا إلى التحقق الهندسي.

وتواصل الصين والدول العربية استكشاف إمكانات جديدة لتطوير نماذج تجارية حديثة. ففي 25 يوليو، وضمن مؤتمر صحفي خاص بمعرض الصين والدول العربية السابع، أعلن يوان شياو مينغ، مساعد وزير التجارة الصيني، أن الصين ستعمل مع الجانب العربي على استكشاف مجالات تعاون جديدة، تشمل المواد الجديدة والسيارات الكهربائية والتصنيع المتقدم للمعدات والاقتصاد الأخضر منخفض الكربون.

ويستند تطور هذه المجالات إلى عاملين رئيسيين: أولا، التحسن المستمر في حجم التجارة الصينية-العربية. ووفقا لبيانات وزارة التجارة الصينية، بلغت قيمة التبادل التجاري بين الجانبين 407.4 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة 2.3 في المائة على أساس سنوي، منها 206 مليارات دولار صادرات صينية إلى الدول العربية، و201.4 مليار دولار واردات صينية من الدول العربية. ثانيا، تنامي الاستثمارات المتبادلة؛ قامت شركات صينية ببناء العديد من المناطق الصناعية في دول مثل مصر والإمارات والسعودية، ونفذت مشاريع إنتاجية متنوعة مثل صهر المعادن وتصنيع مواد البناء ومعالجة النسيج القطني وتربية الأسماك، ما ساهم في تنويع الاقتصادات المحلية. وبالمقابل، استثمرت الصناديق السيادية والشركات العربية بنشاط في صناعات البتروكيماويات والطاقة الجديدة والعلوم والتكنولوجيا في الصين، بما يحقق منفعة متبادلة للطرفين.

وفي هذا الصدد، قال أمين حسن الناصر، رئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة أرامكو، في منتدى التنمية الصيني 2025، إنه في بيئة دولية تعج بعدم اليقين، أصبحت الصين بشكل متزايد واحة لليقين، مؤكدا أن شركته ستواصل توسيع استثماراتها في الصين.

وفي الجزائر، تذوق المسؤولون المحليون مياه التحلية المنتجة عبر أغشية التناضح الجديدة في وهران، معربين عن انبهارهم الشديد بجودتها العالية ونقائها. وعلى طريق قاوشيونغ في سوتشيان، تبدو حبيبات البلاستيك المدمجة في الأسفلت وكأنها استعارة بصرية للتعاون الابتكاري الصيني العربي، حيث تتحول الموارد التي كانت تعد في السابق مجرد "نفايات" إلى مواد مفيدة. وكما قالت لي جيوان، "عندما نحول التكنولوجيا من المختبرات إلى طرق تحت أقدامنا، ونترجم المعايير إلى أرقام ملموسة لخفض انبعاثات الكربون، يصبح المستقبل المستدام ليس مجرد رؤية، بل واقعا نعيشه الآن". 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号