share
arabic.china.org.cn | 31. 08. 2025

تحقيق ميداني: ما هي أسباب وتداعيات قرار الترويكا الأوروبية إعادة العقوبات الدولية على إيران

arabic.china.org.cn / 09:25:35 2025-08-31

عواصم عربية 29 أغسطس 2025 (شينخوا) أخطرت دول الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، أمس (الخميس) طهران بإعادة العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها قبل الاتفاق النووي لعام 2015، بموجب آلية "سناب باك".

وأبلغ وزراء خارجية الدول الثلاث، نظيرهم الإيراني عباس عراقجي في اتصال هاتفي أنهم يعتزمون إخطار مجلس الأمن الدولي رسميا ببدء عملية تفعيل آلية سناب باك، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية.

وأثارت هذه الخطوة تساؤلات عن ماهية هذه الآلية وأسبابها وتداعياتها على طهرن والرد الإيراني المحتمل.

-- ما هي "سناب باك"؟

وجاء الإعلان عن تفعيل آلية "سناب باك" بعد يومين من انتهاء اجتماع جنيف بين ممثلي إيران وكل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا الثلاثاء الماضي دون إصدار بيان.

وكان الاجتماع قد خصص لمناقشة المطالب الغربية باستئناف عمليات تفتيش المواقع النووية في إيران، وإحياء المساعي الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي أو مواجهة إعادة فرض العقوبات التي رفعت بموجب اتفاق 2015.

وقال الخبير في الشأن الإيراني محمد محسن أبو النور إن آلية "سناب باك" جزء من خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي" الذي وقع في العام 2015 بين إيران ومجموعة "5 +1"، وقرار مجلس الأمن الدولي 2231، الذي بموجبه تم التصديق الدولي على الاتفاق النووي.

وأضاف أبو النور، وهو رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، ومقره القاهرة، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن تفعيل "سناب باك" يعني إعادة فرض العقوبات الصارمة التي كانت مفروضة على إيران قبل التوصل إلى الاتفاق النووي في 2015، دون الحاجة إلى تصويت جديد من مجلس الأمن.

ويطلق على "سناب باك" أيضا آلية "إطلاق الزناد"، وفق الخبير العراقي الدكتور ناظم علي عبد الله، الذي قال لـ ((شينخوا)) إنها وسيلة تمكن أي طرف في الاتفاق النووي من إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائيا، في حال اشتكى من إخلال طهران بالتزاماتها النووية، دون الحاجة الى الرجوع لمجلس الأمن للتصويت مجددا.

ويعني هذا، بحسب الخبير العراقي، عدم إمكانية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التأثير على قرار الدول الأوروبية تفعيل آلية "سناب باك".

ولتفعيل "سناب باك"، يجب إخطار مجلس الأمن الدولي، الذي يحصل بدوره على مهلة 30 يوما للبحث عن حل دبلوماسي آخر.

وفي حالة عدم نجاح المجلس في إيجاد حل خلال المهلة المحددة، سيتم إعادة العقوبات الدولية تلقائيا وفقا لما نص عليه القرار الأممي 2231.

-- ما هي أسباب القرار الأوروبي؟

وأوضح أبو النور أن "هناك خلفيات لقرار الدول الأوروبية الثلاث إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بموجب سناب باك"، مشيرا إلى أن "إيران تضع أوروبا دائما في بوتقة واحدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، بل وتتهم أوروبا بالعجز والفشل في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، بعد خروج واشنطن من الاتفاق في 2018".

وتابع أن من بين "الخلفيات التي أدت إلى أن تسارع أوروبا لإعادة العقوبات هو أن إيران لا تريد التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد الحرب الإسرائيلية الأمريكية عليها، والتي اصطفت فيها أوروبا مع أمريكا وإسرائيل ضدها".

وأشار إلى أن واشنطن تحرض أوروبا ضد إيران، وتستخدمها كورقة ضغط على طهران.

واتفق معه الخبير اليمني عبد السلام محمد رئيس مركز (أبعاد للدراسات الاستراتيجية) بقوله إن قرار إعادة العقوبات "جزء من الاستراتيجية الأمريكية لتحجيم نفوذ إيران ودعم للعقوبات الأمريكية المفروضة ضد طهران".

بدوره، رأى الخبير العراقي ناظم علي عبد الله أن قرار الترويكا الأوروبية بتفعيل آلية "سناب باك" جاء بعد "فشل جولة المفاوضات الأخيرة التي عقدت في جنيف" الأسبوع الحالي.

وأضاف عبد الله، أنه "بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي في 2018، بدأت إيران في تخطي الاتفاق النووي كرد فعل على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق، وذلك عبر زيادة مستوى التخصيب وعدد أجهزة الطرد المركزي خارج الحدود المسموح بها في الاتفاق، لذلك حاولت الدول الأوروبية من خلال الدبلوماسية كبح جماح إيران وإعادتها للاتفاق لكنها لم تنجح في ذلك".

واستطرد قائلا "اتخذت هذه الخطوة (تفعيل سناب باك) بعد تعثر الجهود الدبلوماسية، وتم إبلاغ مجلس الأمن الدولي بتفعيلها، علما ان هذه الآلية تنتهي في أكتوبر المقبل، لذلك فعلتها (الترويكا الأوروبية) في هذا التوقيت، خاصة أنها تستغرق 30 يوما لإعادة فرضها، مما يتيح لإيران فرصة من أجل وقف هذه الآلية في حال أبدت تعاونا" مع الدول الأوروبية.

وتابع أنه "بعد أن توقفت الحرب (الإسرائيلية الأمريكية على إيران)، بدأت طهران في الإعلان عن عدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما خلق حالة من التوتر والقلق لدى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، الأمر الذي أنذر بتصعيد خطير للنزاع لا سيما أن إيران تشعر أنه لا فائدة من التعاون مع هذه الدول كونها تؤيد وتشارك إسرائيل في العدوان عليها".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة لا يمكنها فرض هذه الآلية كونها انسحبت من الاتفاق النووي في 2018، وحاولت فرض عقوبات أممية في عام 2020، إلا أنها فشلت في إقناع الدول المشاركة في الاتفاق، فلجأت إلى فرض عقوبات أحادية على إيران".

من جهته، وصف الأكاديمي التونسي كمال بن يونس رئيس مؤسسة (ابن رشد للدراسات العربية والإفريقية)، قرار الترويكا الأوروبية بأنه "قرار سياسي بامتياز".

وقال إن هناك عدة أسباب وراء هذا القرار منها أن مجلس الأمن الدولي غير قادر على فرض تلك العقوبات مرة أخرى بسبب الاستخدام المحتمل من قبل بعض الدول مثل روسيا لحق النقض (الفيتو)، قبل أن يضيف أن "أوروبا التي عارضت فرض عقوبات على إيران (بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي)، تبدو اليوم كأنها تحاول تقديم ترضيات لفريقي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".

وتابع أن "أوروبا تحاول اليوم أن تلعب دورا دوليا جديدا من خلال الاصطفاف وراء صقور تل أبيب وواشنطن في حروبهما ضد إيران وفلسطين والدول العربية".

-- ما هي التداعيات؟

وأشار أبو النور إلى أن إعادة العقوبات الدولية على إيران بموجب آلية الزناد تحمل "تداعيات كارثية على العلاقات الإيرانية الأوروبية" خاصة أن "هذه العقوبات سوف تكبل إيران تماما، وتحاصرها عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا وسياسيا في كل المحافل".

ومن بين التداعيات أيضا احتدام الخلافات بين الإصلاحيين والمحافظين داخل إيران، إذ أن قطاعات كبيرة من المحافظين يلقون باللائمة على فريق التفاوض الذي وقع الاتفاق النووي في 2015، ويطالبون بمحاسبته أمام البرلمان على ذلك.

وأكد الخبير المصري، أن "التداعيات مفتوحة جدا على احتمالات هائلة داخل إيران، وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لإيران تجاه أوروبا وأمريكا".

في المقابل، رأى الخبير التونسي كمال بن يونس أن تداعيات القرار الأوروبي على إيران سوف تكون ثانوية جدا، لأن إيران تأقلمت مع 45 عاما من الحصار، وأصبح اقتصادها أكثر تداخلا وارتباطا مع اقتصاديات آسيا وروسيا.

وأضاف أن إيران "لن تتأثر سلبا بالموقف الأوروبي الجديد بل قد تستفيد منه لمزيد تطوير علاقاتها مع شركاء آخرين في آسيا وإفريقيا".

-- ما هي خيارات الرد الإيراني؟

وأوضح أبو النور أن خيارات إيران للرد على القرار الأوروبي "محصورة تقريبا في الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي".

وحذر من أن تنفيذ هذا الخيار "سوف يترتب عليه موقف أوروبي وأمريكي أكثر حزما مع إيران، ويمكن أن يؤدي إلى قيام إسرائيل بعملية عسكرية أخرى ضد إيران، على غرار عملية الأسد الصاعد التي جرت في 13 يونيو 2025، وبالتالي فإن الحرب محتملة".

وشاطره الرأي الدكتور ناظم علي عبد الله بقوله إن هذا الجو المشحون قد يدفع إيران إلى التصعيد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وإيقاف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى تهديدها المستمر بغلق مضيق هرمز أمام الملاحة البحرية وتهديد مصادر الطاقة في ظل محاولة عزل إيران عن العالم الخارجي. /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号