share
arabic.china.org.cn | 27. 08. 2025

رسالة من الشرق الأوسط: بعد 20 عاماً على الانسحاب الإسرائيلي.. السلام في غزة ما زال بعيداً

arabic.china.org.cn / 09:11:42 2025-08-27

بقلم وانغ هاو

القاهرة 26 أغسطس 2025 (شينخوا) في صيف عام 2005، كنت مراسلا لوكالة أنباء ((شينخوا)) في قطاع غزة، وكنت أتابع تنفيذ خطة الانسحاب الأحادي التي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أريئيل شارون.

وتحت شمس قاسية، رافق الجنود الإسرائيليون مستوطنين رفضوا مغادرة منازلهم والدموع في أعينهم، فيما انشغل آخرون بحزم أغراضهم استعدادا للرحيل. وقبل صعودهم إلى حافلات الإجلاء، توقف بعضهم للحظة يودعون بيوتهم التي عاشوا فيها عقودا، قبل أن تحولها الجرافات سريعا إلى أنقاض.

ومنذ حرب 1967 وحتى الانسحاب عام 2005، أقامت إسرائيل 21 مستوطنة في قطاع غزة، ورغم أن شارون اشتهر بلقب "أبو الاستيطان"، فإنه رأى في الانسحاب وسيلة لعزل المناطق الإسرائيلية عن الفلسطينية ولجلب "السلام" لإسرائيل.

وما إن انسحبت القوات الإسرائيلية حتى تدفق الفلسطينيون إلى المستوطنات المهجورة، وأشعلوا النيران ابتهاجا، فيما دوى هدير الدراجات والسيارات ممزوجا بالهتافات حتى ساعات الفجر، ورفع شاب علم فلسطين وهو يهتف بفرح "أليست الدولة الفلسطينية أقرب الآن؟!".

وفي تلك اللحظة، وصف الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الخطوة بأنها "قصة أمل"، مؤكدا أن "السلام بات في المتناول في الأرض المقدسة"، ولكن بعد عشرين عاما، لم يتحقق ذلك السلام.

اليوم، أنا أعمل محررا بمكتب ((شينخوا)) في القاهرة، وبينما تخترق حرارة الصيف نافذة مكتبي المطلة على النيل، تابعت مشاهد البث المباشر لغارات إسرائيلية جديدة على غزة، وإن غزة اليوم أصبحت خرابا، فيما الصراع المستمر منذ قرابة عامين أودى بحياة أكثر من 62 ألف فلسطيني، وسط تحذيرات أممية من مجاعة تهدد أكثر من نصف مليون إنسان.

ومؤخرا، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باحتلال مدينة غزة "لسحق حماس"، وصرح لقناة i24 العبرية بأنه يؤدي "مهمة تاريخية وروحية"، مجددا طرح فكرة "إسرائيل الكبرى"، الأمر الذي قوبل بإدانات حادة من دول المنطقة والمجتمع الدولي، وتشير معظم التفسيرات إلى أن "إسرائيل الكبرى" تعني إسرائيل والأراضي التي احتلتها بعد حرب 1967.

ولكن الفارق بين شارون ونتنياهو صار جليا: الأول انسحب من غزة، أما الثاني فيسعى إلى تكريس الاحتلال العسكري، ويبقى السؤال: في هذا الصراع الدامي الممتد لعقود، من هو الرابح حقا؟.

وفي القاهرة، التقيت بزميلي عماد، الذي اضطر للنزوح من غزة مع أسرته وكان قبل عشرين عاما مفعما بالحيوية، أما الآن فقد أثقلته هموم اللجوء.. والده السبعيني بات ضعيفا صامتا، يسبح بحبات مسبحته وكأنه ما زال يعيش في بيته المطل على بحر غزة.

وقال عماد إن شقيقه بقي هناك وسط شح المياه والكهرباء ونقص الدواء والقصف اليومي. وفيما تساءل ابنه العشريني بخجل "هل يمكنني متابعة دراستي الجامعية؟"، سأل أصغر أبنائه "متى سنعود إلى بيتنا؟"، وابتسم بمرارة دون أن يجد جوابا.

وعلى مدى عقدين، عايشت الانسحاب والاحتلال، ورأيت آمال الفلسطينيين ومعاناتهم ورغم أن الصراع لا يزال مستعرا، إلا أن التطلع إلى السلام لم ينطفئ.

ليت أصوات المدافع تصمت قريباً، ولعل الجيل القادم من الفلسطينيين يعيش بعيداً عن دوامة الدم والمعاناة. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号