18 أغسطس 2025 / شبكة الصين / خلال السنوات العصيبة من حرب المقاومة الصينية ضد الغزو الياباني، شهد التاريخ الصناعي الصيني عملية كبرى وُصفت بأنها "دنكرك" الصناعة الصينية، وهي عملية "الانسحاب الكبير من ييتشانغ"، التي كان من ضمن قادتها البارزين رجل الصناعة الوطني لو زو فو، مؤسس شركة مينشنغ.

وفي أكتوبر 1938، وبعد سقوط مدينة ووهان في أيدي الجيش الياباني الغازي، تحولت ييتشانغ إلى مدينة مكتظة، تضم أكثر من 30 ألف شخص بانتظار الإجلاء، وأكثر من 90 ألف طن من المعدات والمواد الصناعية والعسكرية الجاهزة للشحن، وهي خلاصة الصناعات الصينية آنذاك في مجالات الصناعات الحربية، وصناعة الطيران، والصناعات الثقيلة والخفيفة، كانت كلها مكدسة في هذه المدينة الصغيرة.

لكن الخطر كان محدقا، فالطائرات اليابانية تقلع باستمرار من ووهان لقصف ييتشانغ، وكان لا بد من نقل الأشخاص والمعدات والمواد بسرعة إلى تشونغتشينغ. وبحسب القدرة اللوجستية حينها، كان الأمر يتطلب سنة كاملة على الأقل. وزاد الأمر تعقيدا أنه لم يتبق سوى نحو 40 يوما قبل دخول موسم الجفاف، ما يصعب عملية الملاحة أمام السفن الكبيرة في الجزء العلوي من نهر اليانغتسي عند ييتشانغ المشهور بالمنحدرات والتيارات السريعة.

في هذا الظرف الحرج، وصل لو زو فو إلى ييتشانغ لقيادة عملية الإجلاء والنقل العاجلة. وبعد دراسة دقيقة لخصائص مجرى نهر اليانغتسي، قاد أسطول سفن الشحن لشركة مينشنغ وعددا كبيرا من السفن الخشبية لتنفيذ المهمة، متحدياً قصف الطائرات اليابانية.. مبحرا في النهار، ومنشغلا في الليل بعمليات التحميل والتفريغ دون توقف.

وفي غضون 40 يوماً فقط، تمكن لو زو فو من إجلاء أكثر من 30 ألف شخص عالق في ييتشانغ، ونقل ثلثي المعدات والمواد التي تجاوز وزنها 90 ألف طن.

وقد شبّه صديقه يان يانغ تشو هذه العملية بـ"دنكرك الصناعة الصينية"، مؤكداً أن توترها لم يكن أقل من عملية "دنكرك" الأوروبية الشهيرة نفسها.

وفي مارس 2005، بث تلفزيون الصين المركزي حلقة وثائقية بعنوان "لو زو فو 1938"، أشارت إلى أن "دنكرك" في الغرب أُنجزت بقدرات دولة كاملة، وبقيادة مؤسسة عسكرية، وبمشاركة 850 سفينة حربية، بينما كان "الانسحاب الكبير من ييتشانغ" في الصين تحقق بجهود رجل صناعة واحد، في سابقة فريدة في تاريخ الحروب العالمية.