arabic.china.org.cn | 13. 08. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم لي يا نان*
13 أغسطس 2025 / شبكة الصين / أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 5 أغسطس الجاري، قراره احتلال قطاع غزة بشكل كامل، مؤكدا أن الخطة المحددة ستقدم إلى الكابينت قريبا، وهو ما أثار جدلا كبيرا في مختلف أنحاء العالم.
ولم يكن قرار نتنياهو وليد اللحظة، فالحكومة الإسرائيلية الحالية تُعد – منذ تشكيلها– الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، ويُعرف عن أغلبية أعضائها، بمن فيهم نتنياهو نفسه، تبنيهم موقفا متشددا تجاه القضية الفلسطينية، والتنصل من قيود "حل الدولتين"، وتوسيع السيطرة الفعلية على قطاع غزة والضفة الغربية، وصولا إلى تغيير التركيبة السكانية المحلية، بما يعزز، من وجهة نظرهم، الأمن الإسرائيلي وتوسيع نطاق بقاء الدولة.
وخلال العام الماضي، حققت إسرائيل انتصارات على جبهات متعددة في مواجهتها مع حماس وإيران، مع دعم كامل من إدارة ترامب سياسيا وعسكريا. وفي ظل ما تعتبره إسرائيل "أفضل وضع إستراتيجي منذ تأسيسها عام 1948"، ارتفعت طموحات اليمين المتطرف بشكل ملحوظ، حيث يواصل التحريض على "احتلال غزة" و"فرض السيادة على الضفة الغربية"، والدفع بقرارات حكومية نحو التطرف لإعادة إحياء "مشروع إسرائيل الكبرى" الذي ظل متجمدا لسنوات.
ورغم ضغوط الرأي العام محليا ودوليا التي تواجه حكومة نتنياهو بسبب فشلها في تحرير الرهائن واستمرار تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ما يرغمها أحيانا على التظاهر بالانفتاح على مفاوضات وقف إطلاق النار، إلا أن مواصلة المضي قدما في توسيع المكاسب الميدانية يظل هدفها الحقيقي. كما أن احتلال غزة ليس سوى البداية لحل القضية الفلسطينية بما يخدم مصالح إسرائيل.
ويأتي قرار نتنياهو طرح خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة في هذا الوقت نتيجة حسابات تكتيكية قصيرة المدى:
أولا، استغلال تعثر مفاوضات الهدنة. انطلقت الجولة الجديدة من المفاوضات بين حماس وإسرائيل في مطلع يوليو الماضي بضغط دبلوماسي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يصر على تقديم نفسه كـ"رجل السلام". غير أن هذه المفاوضات لم تحقق أي تقدم خلال الشهر الماضي، بسبب الخلافات حول انسحاب القوات الإسرائيلية، وإنهاء الحرب، وتوفير المساعدات الإنسانية وقضايا محورية أخرى. ومع نفاذ صبر ترامب تدريجيا، وإلقائه اللوم في فشل المفاوضات على افتقار حماس "حسن النية"، تراجع الضغط على نتنياهو لتقديم تنازلات، مما منحه مساحة أكبر لتوسيع العمليات العسكرية.
وفي ظل عدم تخلي الولايات المتحدة عن جهود الوساطة، وتكثيف مصر وقطر وغيرهما من الدول جهود الوساطة، فلا تزال هناك فرصة لاستئناف المفاوضات. لكن رغم هذه الجهود، تكمن خطة نتنياهو المتطرفة الحالية في توعد حركة حماس وإرغامها على تقديم تنازلات أو الاستسلام، وكذلك توسيعه المكاسب وضمان المزيد من الأوراق قدر الإمكان قبل التوصل إلى أي اتفاق هدنة محتمل.
ثانيا، كسر العزلة الدبلوماسية بالقوة. تدهورت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة منذ مارس الماضي بسبب تشديد الحصار الإسرائيلي، حيث يواجه أكثر من مليوني مدني خطر مجاعة عنيفة. ومع تصاعد غضب واستياء المجتمع الدولي تجاه إسرائيل، أظهرت مؤخرا عدة دول غربية، منها بريطانيا وفرنسا وكندا، اختلافها مع إسرائيل، وأعلنت استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين ودعم تنفيذ "حل الدولتين" ومواصلة الضغط على إسرائيل، مما زاد من عزلة إسرائيل الدبلوماسية.
وفي هذا السياق، لا تمثل خطة نتنياهو بشأن الاحتلال الكامل لقطاع غزة مجرد رد على احتجاجات فرنسا وبريطانيا وغيرهما من الدول، بل سعي لتحقيق "انتصار عسكري جديد" كفيلا بكسر هذه العزلة الدبلوماسية التي تواجهها إسرائيل بـ"القوة".
ويواجه نتنياهو شكوكا داخلية وخارجية مع اقتراب الذكرى الثانية لانطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، إذ إن الأهداف الثلاثة الكبرى المتمثلة في "إنقاذ الرهائن" و"القضاء على حماس" و"نزع سلاح القطاع" لم تتحقق. وقد يجد نتنياهو في توسيع العمليات العسكرية وسيلة للتغطية على إخفاقاته. إلا أن هذا النهج يشبه "تجرع السم لإرواء العطش".
وفي حال إصرار حكومة نتنياهو على المضي قدما في خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة، فإن العواقب المتوقعة قد تكون كارثية ووخيمة، ومنها:
- تفاقم الانقسام السياسي داخل إسرائيل. حيث أعلن مسؤولون عسكريون وأمنيون وأحزاب معارضة بشكل علني عن معارضتهم الصارخة لتوسيع العمليات العسكرية، خشية انزلاق البلاد إلى حرب استنزاف طويلة، والخوف على سلامة الرهائن. كما انتقد الرأي العام الإسرائيلي قرار نتنياهو "المتهور"، كونه سيعرض حياة الرهائن إلى خطر أكبر، فيما قد تتحول الخطة الجديدة بشأن احتلال غزة إلى الشرارة التي تشعل الاضطرابات السياسية داخل إسرائيل في أي لحظة.
- تفاقم الأزمة الإنسانية والأمنية في غزة. في الوقت الحالي، يحتاج سكان غزة بشكل ماس إلى الإغاثة لا إلى مزيد من القتال، فيما تشكل جهود إسرائيل لتوسيع العمليات العسكرية تحديا مستمرا لهيبة الأمم المتحدة والتوافق الدولي المتعدد الأطراف والنظام الدولي القائم. وأظهر التاريخ المتمثل في حصار إسرائيل لقطاع غزة لأكثر من 38 عاما أن السيطرة العسكرية لن تصنع السلام، بل تؤدي إلى خلق مزيد من العداء والجماعات المسلحة المتطرفة المعادية لإسرائيل، وخلق حلقة مفرغة من الصراع.
- إضعاف فرص "حل الدولتين". في حال إعادة سيطرة إسرائيل على قطاع غزة، فمن المحتمل أن يواجه الفلسطينيون التهجير القسري، والتدمير الشامل للبنية الأساسية الحيوية بذريعة ما تصفه إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وهو ما يقوض الأساس الواقعي لإقامة دولة فلسطين مستقلة، ويجعل الوصول إلى "حل الدولتين" بعيد المنال بشكل أكبر، ويضر بآفاق التوصل إلى حل جذري للقضية الفلسطينية.
*باحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة
الآراء الواردة لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |