share
arabic.china.org.cn | 01. 08. 2025

رؤية شرق أوسطية: عزم دول الاعتراف بدولة فلسطين يعكس تحولا في الرأي العام العالمي في مواجهة أمريكا وإسرائيل

arabic.china.org.cn / 22:33:37 2025-08-01

القاهرة أول أغسطس 2025 (شينخوا) يعكس إعلان دول أوروبية عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية "تحولا في الرأي العام العالمي" لصالح تأييد الحقوق الفلسطينية، رغم سعي إسرائيلي أمريكي مشترك لـ "تدمير وجود الدولة الفلسطينية"، بحسب خبراء عرب.

وجاء هذا التحول مدفوعا برفض "الإبادة" في قطاع غزة، و"السياسات الجنونية" لإسرائيل، التي ستزداد عزلتها في حال واصلت الحرب والتدمير في غزة.

وفي 24 يوليو الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده ستعترف رسميا بالدولة الفلسطينية خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، لتكون فرنسا أول دولة من مجموعة السبع تقوم بذلك.

وبعد أيام، توالت إعلانات مشابهة من دول مثل بريطانيا وكندا ومالطا والبرتغال.

-- رسالة لإسرائيل

وقال مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، ومقره القاهرة، الدكتور عبد المهدي مطاوع، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن قرار بعض الدول مثل فرنسا وبريطانيا الاعتراف بدولة فلسطينية يشكل تحديا لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وسياساتهما التي تهدف لتدمير وجود دولة فلسطينية.

وأضاف مطاوع أن اليمين المتطرف الإسرائيلي بنى مشروعه بشكل كامل في إطار إحباط الاعتراف بدولة فلسطينية، واعتزام بعض الدول الاعتراف بهذه الدولة خطوة دبلوماسية كبيرة من الممكن أن تؤدي لاحقا إلى ترتيبات تسير في اتجاه أن تكون هناك دولة فلسطينية وإحلال السلام بالمنطقة.

من جانبه، قال نائب رئيس جامعة (تل أبيب) الخبير في شؤون الشرق الأوسط إيال زيسر، إن قرار فرنسا وبريطانيا الاعتراف بدولة فلسطين أظهر "التوجه والمزاج السائد في أوروبا، الذي أصبح أقل صبرا على إسرائيل، وأقل تقبلا للسياسة الإسرائيلية الحالية".

وأضاف زيسر لـ (شينخوا)، أن القرار في الأساس "رسالة موجهة إلى الحكومة" الإسرائيلية، مفادها بأنه إذا واصلت إسرائيل ما تعتبره أوروبا "سياسات جنونية" فسيكون القرار عزلة إسرائيل، وستتخذ الدول الأوروبية موقفا ضدها.

بدوره، قال الخبير الفلسطيني الدكتور أيمن يوسف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية إن قرارات الاعتراف بدولة فلسطينية ستكون لها تداعيات سياسية ودولية مهمة، لكنها لن تنعكس بشكل مباشر أو واضح على الحرب في غزة.

وأشار يوسف إلى أن التأثير الحقيقي لهذه القرارات يكمن في الضغط المتزايد على إسرائيل والإدارة الأمريكية الداعمة لها من أجل وقف هذه الحرب في غزة.

ومع ذلك، رأى يوسف أن هذا الاعتراف سيبقى تأثيره محدودا ما لم يقترن بخطوات أخرى لاسيما في حال استمرت إسرائيل في ارتكاب "جرائم الإبادة وقتل المدنيين" في غزة والضفة الغربية.

وشاطره الرأي الخبير الفلسطيني الدكتور غسان الخطيب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة (بيرزيت)، بقوله إن تأثير قرارات الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون مباشرا لكن محدود على الوضع في غزة، من حيث تخفيف الضغط الإنساني عبر تقديم مساعدات أو دفع إسرائيل لتقليل قسوة هجماتها استجابة لتنامي الضغوط الدولية.

وأشار إلى أن مقدار هذا التأثير يتوقف على مدى اتساع الحركة الأوروبية المعارضة لإسرائيل، واتجاهها نحو الاعتراف بدولة فلسطين، وشدد في الوقت نفسه على أن الأثر السياسي سيكون على المدى الطويل.

أما الكاتب السوري علي يوسف، فقال إنه "على الرغم من الطابع الرمزي للاعتراف الغربي بدولة فلسطين إلا أنه قد يكون له تبعات إيجابية على مجمل الأوضاع في غزة عبر الضغط المباشر على علاقات إسرائيل مع المجتمع الدولي، والذي من شأنه إن تطور أن تتم محاسبة إسرائيل أو تفرض عقوبات عليها لوقف الإبادة الجماعية في غزة".

-- تحالف أمريكي مع اليمين الإسرائيلي

وأوضح يوسف أن واشنطن تاريخيا داعمة لإسرائيل بغض النظر عن المواقف الدولية أو حتى الرأي العام الأمريكي، مشيرا إلى أن الإدارة الحالية تتبنى تحالفا أيديولوجيا واضحا مع اليمين الإسرائيلي.

وتابع أن هناك "تحالف مصالح وإرادات" بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإسرائيل تستغل الفجوات بين واشنطن والدول الأوروبية وتستمر في شيطنة أطراف كحماس وحزب الله وإيران لتبرير شراكتها مع الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن أمريكا ستبقى الداعم الرئيس لإسرائيل رغم الضغوط، لكنها ستكون معزولة سياسيا بشكل متزايد فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وستفقد شرعيتها أمام مجلس الأمن والرأي العام الدولي، إلا أن ذلك لا يبدو أنه يغير سياساتها ما دامت ترى في إسرائيل أداة تخدم مصالحها في الشرق الأوسط.

في حين قال الخطيب إن الاعترافات الغربية المرتقبة بالدولة الفلسطينية تندرج ضمن التراكم المستمر في المواقف الدولية المؤيدة لحق الفلسطينيين في الاستقلال، مؤكدا أن هناك تناميا في الانتقاد الدولي لسلوك إسرائيل "العدواني".

لكن الخطيب رأى أن هذا الضغط الدولي لم يصل بعد إلى درجة كافية لتغيير موقف الولايات المتحدة، على الرغم من وجود تحولات ملموسة في الرأي العام العالمي وحتى داخل الولايات المتحدة.

وأضاف أن واشنطن لا تزال تعتبر إسرائيل شريكا يقدم خدمات استراتيجية مهمة للمصالح الاستعمارية الأمريكية في المنطقة، لذلك فإن التغيير في السياسة الأمريكية ما زال مستبعدا على المدى القصير.

وأشار إلى أن التطورات الراهنة تبقي الباب مفتوحا أمام تغييرات مستقبلية محتملة، لكنها تظل مرهونة بتصاعد الحراك الدولي واتساع الفجوة بين السياسات الأمريكية والمجتمع الدولي تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة.

في حين قال يوسف، إن "أمريكا تتحدى إرادة العالم حماية لإسرائيل، وهي شريك مباشر في جريمة إبادة غزة".

وتابع أنه "في كل مرة يطالب المجتمع الدولي بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة، نجد أمريكا الوحيدة التي تعرقل ذلك، وفي أكثر من مناسبة تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد شعب أعزل يقصف ويمنع من العلاج والغذاء والماء".

ورأى أن "هذا السلوك الأمريكي لا يفسر إلا أنه إعلان رسمي بأن أمريكا لا تعبأ بإرادة العالم ولا بحقوق الإنسان بل كل ما يعنيها هو أمن إسرائيل لو على أشلاء شعب بأكمله".

-- توقعات باعترافات أخرى

ورغم هذا التحالف الأمريكي الإسرائيلي، توقع المحللون اعترافات أخرى بالدولة الفلسطينية.

وقال مطاوع إن "فرنسا وبريطانيا دولتان أوروبيتان لهما ثقل، واعترافهما بدولة فلسطينية سوف يدفع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى مثل هذا المسار، وهو مهم جدا، لأنه سوف يضع اليمين الإسرائيلي في زاوية أنه لن يتم الاعتراف بضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية أو حتى ما يقوم به في غزة".

وأردف قائلا إن قرارات الاعتراف بدولة فلسطينية سوف تدفع إسرائيل إلى قناعة أنه كلما زادت في قتل وتدمير الفلسطينيين واستخدام الحرب كوسيلة لفرض السياسات كلما ستزداد عزلتها الدولية، كما أن هذا يشير إلى أن أوروبا تمارس ضغطا خفيا على الولايات المتحدة الأمريكية لأنها لا تتفق معها بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

-- تحول في الرأي العام العالمي

وجاءت هذه التوقعات مدفوعة بتحول في الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية، وفق الخبراء.

وقال مطاوع إن الاعتراف الفرنسي البريطاني المرتقب بدولة فلسطينية سوف يزيد من حجم التضامن والاعتراف بالحقوق الفلسطينية، والواقع يشير إلى الاقتراب من عملية سلام، وهذا الاعتراف سوف يساهم في الحفاظ على قانونية وشرعية وجود دولة فلسطينية.

وتابع أن "هذا الاعتراف يشير إلى وجود تحول في الرأي العام العالمي يمكن استثماره على المدى الطويل، وهذا لن يكون له تأثير لحظي على مجريات الأمور في غزة، لكنه مؤشر على أن هناك تغيرا".

واستطرد قائلا إن "هذا الاعتراف يشبه وعد (وزير الخارجية البريطاني الراحل آرثر جيمس) بلفور (في نوفمبر 1917) بقيام دولة إسرائيل، وبالتالي هذا الاعتراف هو وعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبناء خارطة طريق حتى لو لم تنفذ حاليا، وهذا المسار سيكون له تأثيره لاحقا، والمستقبل أفضل للفلسطينيين من إسرائيل".

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号