الشارقة 27 يوليو 2025 (شينخوا) مع اشتداد حرارة الصيف في الإمارات، باتت منطقة وادي الحلو، الواقعة في الجنوب الشرقي من الدولة بين مدينتي كلباء التابعة لإمارة الشارقة وحتا التابعة لإمارة دبي، مقصداً متزايداً للزوار الباحثين عن أجواء طبيعية معتدلة ومواقع أثرية تحتضن عبق الماضي وسط جبال الحجر.

يتفرد وادي الحلو بموقعه الجبلي الذي يتيح له طقساً أكثر اعتدالاً مقارنة بالمناطق الساحلية، حيث تنخفض درجات الحرارة وتقل نسبة الرطوبة، ما يجعله وجهة مثالية للتنزه والتخييم خلال أشهر الصيف.

وتحتضن المنطقة عدداً من المواقع الأثرية المهمة، أبرزها برج مراقبة إسلامي يعود تاريخه إلى القرون الوسطى، إلى جانب مسارات طبيعية تم تأهيلها لاستقبال الزوار من مختلف إمارات الدولة.

وقال عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، في تصريحات صحفية: "ننظر إلى وادي الحلو كموقع متكامل يجمع بين البيئة الطبيعية والموروث الثقافي، وقد عملنا على ترميم برج المراقبة وتوفير بنية تحتية تراعي أصالة المكان دون الإخلال بتكوينه البيئي".

وأضاف يوسف: "الهيئة، بالتعاون مع الجهات المختصة، طورت مسارات للمشي ولوحات إرشادية ونقاط استراحة لزوار المنطقة، مع الحفاظ على طابعها الأثري والتاريخي، ونهدف إلى تعزيز السياحة البيئية وربط الأجيال الجديدة بجذورها الحضارية عبر مثل هذه المواقع الفريدة".

وتابع: "وادي الحلو ليس مجرد موقع أثري، بل نموذج حقيقي للسياحة المستدامة، ونحن حريصون على جعله وجهة رئيسية للهروب من حرارة الصيف والتمتع بجمال الطبيعة، مع العمل على إضافات مدروسة تثري تجربة الزائر دون الإضرار بالنظام البيئي".

من جهته، قال سعيد المهيري، إماراتي من دبي لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه يحرص سنوياً على زيارة وادي الحلو مع أسرته للاستمتاع بأجواء الطبيعة بعيداً عن ازدحام المدن، مضيفا "المكان جميل جداً، والهواء فيه نقي ومنعش، وعادة ما نخرج في الصباح الباكر ونقضي وقتاً رائعاً في المشي والتقاط الصور".

وأشار إلى أن الوادي يشكل خياراً ممتازاً للعائلات، خاصة مع توفر مناطق جلوس ومسارات آمنة، مشيرا إلى أن "أطفالي يحبون تسلق الصخور والتعرف على النباتات الصحراوية، والتجربة دائماً مريحة وهادئة وتمنحنا إحساسا بالتجدد".

وأكد أن التحسينات التي أجريت في البنية التحتية زادت من جاذبية الموقع، وقال: "وجود مرافق منظمة ومسارات محددة ساهم في جذب مزيد من الزوار، دون أن تفقد المنطقة سحرها الطبيعي".

أما أماني إبراهيم، مقيمة في الشارقة، فأوضحت أن زيارتها الأخيرة لوادي الحلو كانت تجربة استثنائية بالنسبة لها ولأصدقائها، وقالت: "تفاجأت بأن مثل هذا المكان الجميل قريب من المدينة، ودرجات الحرارة كانت منخفضة نوعاً ما، والمكان يبعث على الراحة النفسية".

وأضافت أنها استمتعت بالجلوس في ظل الجبال والتقاط الصور في المواقع الأثرية، مشيرة إلى أن الموقع يوفر فرصة للاسترخاء والاستكشاف في الوقت ذاته، موضحة أن "الهدوء هنا مختلف، والمناظر تعيد الإنسان إلى حالة من التأمل والسلام".

وأشادت أماني بالجهود المبذولة للحفاظ على هوية المنطقة، مشيرة إلى أن زيارة برج المراقبة وشروحات اللوحات التعريفية أضافت بعدا ثقافيا إلى تجربتها. "إنه مكان مثالي لمن يبحث عن شيء مختلف بعيداً عن المراكز التجارية".

إلياس منصور، سائح من لبنان، قال إن وادي الحلو كان محطة غير متوقعة في رحلته السياحية، لكنه وجد فيها تجربة غنية وممتعة، موضحا أن "المكان هادئ جداً، والطبيعة فيه خلابة وشعرت بأنني في بقعة منسية من الزمن، تحتفظ بجمالها الأصلي".

وأضاف أن التنظيم في الموقع واضح، والمسارات مهيأة بشكل جيد، ما سهل عليه التجول والتقاط الصور، وتابع: "أحببت تدرج التضاريس وتنوع النباتات، كما أن الهواء المنعش جعل التنزه ممتعاً حتى خلال النهار".

وأكد أنه ينصح كل من يزور الإمارات خلال الصيف بزيارة الوادي، معتبرا أنه "جوهرة طبيعية وتاريخية لا يعرفها كثيرون".

أما راشد الكعبي، أحد سكان المنطقة المحليين، فأعرب لـ ((شينخوا)) عن فخره بأن وادي الحلو بات وجهة معروفة في الدولة، وقال: "نحن نعرف قيمة هذا المكان منذ الطفولة، وكنا نأتي إلى هنا في الإجازات ونصعد الجبال ونقضي ساعات في الطبيعة".

وأوضح راشد أن المنطقة شهدت تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، سواء من حيث البنية التحتية أو الإقبال السياحي، وتابع: "نحن أبناء المنطقة، نرحب بالزوار، ونأمل أن يستمر الاهتمام الرسمي بهذه الكنوز الطبيعية التي تعكس هوية الإمارات".

وأشار إلى أن شباب المنطقة بدأوا بالمشاركة في المبادرات السياحية والتطوعية التي تنظمها الجهات المختصة، مشيرا إلى أننا "نحب أن نكون جزءاً من هذه الحركة، وأن نعرف الزوار على تراث منطقتنا وأسرار جبالها"، على حد تعبيره.

وبين طبيعة جبال الحجر وتاريخها، وتفاعل الإنسان مع الأرض، يتجلى وادي الحلو كواحة من البرودة والسكينة في صيف الإمارات، تجمع بين الاستجمام والمعرفة، في نموذج حي لما يمكن أن تقدمه السياحة البيئية في الدولة من بدائل متجددة وآمنة.