share
arabic.china.org.cn | 23. 07. 2025

مقالة خاصة: أسواق غزة شبه خاوية والجوع يفتك بالسكان

arabic.china.org.cn / 01:11:19 2025-07-23

غزة 22 يوليو 2025 (شينخوا) تحت شمس يوليو الحارقة، يتجول الفلسطيني محمد نصار، البالغ من العمر 35 عاما، منذ ساعات الصباح الباكر في سوق دير البلح وسط قطاع غزة، بحثا عن طعام يسد رمق أطفاله الأربعة لكن رحلته اليومية هذه أصبحت عبثية ومؤلمة على حد سواء، إذ لا يجد شيئا في الأسواق.

ويقول الرجل، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما كان يقف منهكا وسط سوق شبه خاو، "كما ترون، أنا منذ الساعة السادسة صباحا أتجول في السوق ولا نجد أي شيء لنأكله".

ويضيف بينما بدا على ملامحه التعب "منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، أنا وأطفالي لم نتناول الخبز. لا توجد فواكه، ولا خضراوات، ولا حتى فتات طعام. لا يوجد أي شيء أبدا. أنا أتحدث معكم بصعوبة لأنني لم أعد أستطيع التحدث من شدة الجوع".

ويشهد قطاع غزة، المحاصر منذ أكثر من 17 عاما، أزمة إنسانية غير مسبوقة، زادت حدتها منذ الثاني من مارس الماضي، حين أغلقت السلطات الإسرائيلية كافة المعابر المؤدية إلى القطاع.

وبحسب شهادات السكان، فإن هذه الخطوة أدت إلى تفشي المجاعة بشكل واسع، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان والنازحين، مثل دير البلح وخان يونس وغزة المدينة.

ويعاني سليم الحتو، البالغ من العمر 50 عاما، بدوره من الجوع الشديد، ويقول "منذ أول أمس وابنتي تبكي لأنها لم تأكل شيئا. لا يوجد طعام أو خبز أو دقيق. بالأمس تسولنا عند الجيران وحصلنا على علبتين من البازيلاء فقط لنطهوها للأطفال. ومنذ الصباح، لا تزال ابنتي تبكي".

والحتو هو أب لسبعة أبناء ونزح من مدينة غزة إلى دير البلح منذ أن دُمر منزله قبل عام ونصف العام.

ووفقا لوزارة الصحة في غزة، فإن إجمالي الوفيات جراء الجوع بلغ 101 شخص بينهم 80 طفلا، منذ مارس الماضي.

وأوضحت الوزارة أن نحو 17 ألف طفل في القطاع يعانون من سوء تغذية حاد، مؤكدة الحاجة الملحة إلى فتح المعابر بشكل فوري لإدخال الغذاء والدواء.

بدورها، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في بيان نشرته على حسابها عبر منصة ((إكس)) إن "إسرائيل تجوع مليون طفل في قطاع غزة"، في إشارة إلى تفاقم أزمة الغذاء التي تؤثر بشكل مباشر على الأطفال.

وحتى أولئك الذين يغطون المأساة اليومية في غزة، لم يسلموا من آثار المجاعة. ويقول محمد عدوان، وهو صحفي يبلغ من العمر 36 عاما وأب لثلاثة أطفال، إن معاناة السكان أصبحت لا تطاق، بما في ذلك بالنسبة له كصحفي.

ويقول عدوان لـ ((شينخوا)) "يعاني قطاع غزة منذ أشهر من أزمة إنسانية خانقة. وصلت المجاعة إلى مستوى غير مسبوق بسبب استمرار إغلاق السلطات الإسرائيلية للمعابر منذ الثاني من مارس".

ويضيف "الجوع أصبح حديث الساعة في غزة. بل هو حديث الجميع. الجوع يلتهم أجساد أطفالنا. لم أتمكن من توفير الدقيق لأطفالي منذ ثلاثة أيام، بسبب ندرته في الأسواق وارتفاع سعره الجنوني، إذ يتجاوز سعر كيلوجرام واحد 200 شيكل (الدولار يساوي 3.3 شيكل)".

ويتابع الصحفي الغزي قائلا "جسدي منهك. لم أعد أستطيع العمل الصحفي. أشعر بالدوار والدوخة باستمرار. عضلاتي ضعيفة، ولا أستطيع التركيز. أطفالي جائعون. إنهم صغار جدًا، ولا يستطيعون ببساطة البقاء بدون طعام لفترة طويلة".

وفي مدينة غزة، يعيش المصور الصحفي عبد الحكيم أبو رياش (37 عاما) وهو أب لأربعة أطفال حالة من القلق المستمر بسبب عدم قدرته على تأمين الطعام لعائلته التي تعيش في خيمة مؤقتة.

ويقول أبو رياش لـ ((شينخوا)) "أنا أعمل ليل نهار كي أؤمن قوت أبنائي ولكنني لا أستطيع تأمين أي شيء. الأسواق فارغة والبضائع المتوفرة باهظة الثمن وهي أيضا لا تكفي لإعداد وجبة طعام واحدة ... لذلك، اضطر أنا وزوجتي أن نترك الطعام لأطفالنا وهي بالكاد تكون وجبة واحدة في اليوم".

ويضيف "بسبب المجاعة، فقدت ما يزيد على 20 كيلوجراما وأنا أصلا شخص نحيل قبل الحرب ولكن حاليا بالكاد أستطيع الحركة وغالبا لا يمكنني أن أمارس عملي مما يعني أن أطفالي أيضا سيصابون بأعراض صحية صعبة بسبب الجوع".

وتابع "أثر الجوع على كل جانب من جوانب حياتنا.. حتى كصحفيين، قلّت قدرتنا على الحركة. نشعر بالدوار باستمرار، ووجوهنا شاحبة، ولا نستطيع الوقوف لفترات طويلة. أحيانا، نمضي يومين متتاليين دون تناول وجبة واحدة. الناس في غزة يموتون جوعا بكل معنى الكلمة".

وتحدث بهاء أبو سلطان من مدينة غزة، عن تحول جذري في حياته منذ بدء الحرب، حيث اضطر إلى ترك عمله في التجارة وأصبح مجرد نازح عاطل عن العمل لا حول ولا قوة له.

ويقول أبو سلطان لوكالة ((شينخوا)) "قبل الحرب، كانت الحياة آمنة نسبيا، وكان كل شيء متاحا مثل الطعام والماء والسكن. كنا نعيش حياة طبيعية دون خوف من القتل أو الموت جوعا .. أما اليوم، فالوضع مختلف تماما. معظم سكان غزة يواجهون خطر الموت جوعا. المجاعة تفشت في كل مكان، والغذاء شبه منعدم".

ويضيف "لم أعد أستطيع المشي أو الحركة كما كنت أفعل سابقا فمعدتي خاوية، أنا لم أتناول شيئا لمدة يومين. فقدنا القدرة على الشعور بأجسادنا وأصبحت عضلات أرجلنا منهكة. في معظم الأحيان، ننام خلال النهار فقط للهروب من الجوع".

ومع تفاقم الوضع الإنساني، حملت فصائل فلسطينية بارزة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عما وصفته بسياسات "الإبادة الجماعية وحرب التجويع التي تمارسها ضد أكثر من مليوني فلسطيني"، معتبرة أنها "جريمة منظمة تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني".

وفي بيان مشترك أصدرته كل من حركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، حملت الفصائل أيضًا الإدارة الأمريكية، بصفتها "الشريك والراعي لحكومة بنيامين نتنياهو"، المسؤولية الكاملة عن استمرار ما وصفته بـ"العدوان الوحشي".

وفي ظل هذه الظروف، تزداد الدعوات الفلسطينية والدولية المطالبة بفتح المعابر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية على وجه السرعة لتفادي كارثة غذائية واسعة النطاق.

وفي الوقت الذي ما زالت فيه الغارات الجوية مستمرة، لا يبدو أن خطر الموت بسبب الجوع أقل قسوة. ففي غزة اليوم، بات كثير من السكان يتحدثون عن "الموت البطيء"، وسط سوق خاوية، وأطفال جياع، وقلق لا يفارق العائلات التي تسابق الزمن في مواجهة مجاعة غير مسبوقة. /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号