share
arabic.china.org.cn | 22. 07. 2025

مقالة خاصة: موجة جفاف حادة في لبنان

arabic.china.org.cn / 01:36:47 2025-07-22

مرجعيون، جنوب لبنان 21 يوليو 2025 (شينخوا) عند الطرف الغربي لسهل البقاع شرق لبنان يقف المزارع حسيب العبد الله، مذهولا وسط حقله المترامي الأطراف بعدما بدت ثماره ذابلة ومهددة بالتلف في ظل موجة جفاف حادة في البلاد تهدد قطاعات عدة، خاصة الزراعة والطاقة.

وسجل معدل الأمطار انخفاضا كبيرا خلال موسم 2024-2025، مقارنة بالمعدل السنوي المعتاد، ما أدى إلى تراجع حاد في منسوب مياه الأنهار والمياه الجوفية، وفي مقدمتها نهر الليطاني، الذي يُعد الشريان الحيوي للزراعة في البلاد.

وقال العبد الله بصوت خافت متهدج لوكالة أنباء ((شينخوا))"لم نشهد يوما مثل هذا الجفاف الذي يضرب بلدنا، نسبة كبيرة من مزروعاتنا تلفت بعدما عجزنا عن تأمين مياه الري".

ويعتمد المزارعون في لبنان على مياه الأمطار والآبار والينابيع لري البساتين، لكن هذه السنة "لا هذا ولا ذاك متوفر، الأرض عطشى، ونحن في منازلنا كذلك"، وفق العبد الله.

وتابع أن مياه الري "باتت غير متوفرة لا في الينابيع ولا في الأنهار، وإن وجدت عبر الصهاريج فهي بأسعار خيالية".

وأضاف الرجل بحزن "أوراق الأشجار تصفر وتيبس، والحقول تذبل، فلا مواسم ولا إنتاج زراعي، والمزارعون يئنّون تحت ضغط الخسائر لتدق هذه الأزمة أبواب منازل المواطنين الذين يواجهون شحًا قاسيا بالمياه الصالحة للشرب وارتفاعًا في أسعار مياه الصهاريج التي باتت تجارة رائجة مربحة".

ووفق بيانات صادرة عن مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في لبنان التابعة لوزارة الزراعة، انخفض معدل الأمطار خلال موسم 2024-2025 بنسبة تزيد عن 60 بالمائة، مقارنة بالمعدلات السنوية المعتادة.

وأظهرت هذه البيانات أن كميات الثلوج التي تغذي الأنهار والسدود والآبار الجوفية كانت نادرة هذا العام، وشهدت انحسارًا لافتا، بحيث لم تتساقط في الكثير من المناطق الجبلية، وذابت بسرعة عن قمم الجبال العالية، بحسب ما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

ويرجع الجفاف الحاصل في لبنان إلى عدة عوامل مناخية وبيئية، منها الارتفاع في درجات الحرارة، وانخفاض الرطوبة التي تغذي المنخفضات الماطرة، واختلال في توزيع الأمطار، وفق المحاضر الجيولوجي في العديد من الجامعات اللبنانية الدكتور كمال خير.

وقال خير لـ((شينخوا)) "إن لبنان اليوم في قلب أزمة جفاف خانقة ليس فقط نتيجة عام شحيح الأمطار بل هي انعكاس مباشر للتغير المناخي العالمي، والتقصير المحلي في الاستعداد له، وهذا يعني أن مواسم الجفاف قد تصبح قاعدة لا استثناء".

وأضاف "نحن لا نتحدث عن سنة جافة فقط، بل عن نمط جديد من المناخ يبدو أنه بات ثابتًا لنواجه معه ارتفاعا في درجات الحرارة، وغيابا للمنخفضات الجوية الشتوية، وبالتالي امتدادا لفصول الجفاف، في حين أن لبنان يفتقر لمواجهة مثل هذه التبدلات المناخية".

وحذر خير من أزمة حادة غير مسبوقة تضرب مختلف مناحي الحياة، خاصة القطاع الزراعي ومياه الشرب، وإنتاج الطاقة الكهربائية.

ومن أبرز الينابيع التي جفت مياهها العذبة، وفق الدكتور خير، ينابيع البياضة والحاصباني والجوز واليمونة والعين الزرقا شرق وجنوب لبنان، وهو ما أدى لانعدام الحياة البرية في معظم الأنهار.

وسجل تدفق المياه من نهر الليطاني إلى بحيرة القرعون انخفاضا كبيرا في طريقه إلى التفاقم خلال الفترة القادمة، بحسب رئيس الهيئة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية.

وأوضح علوية "أن مخزون مياه هذه البحيرة الإصطناعية الأكبر في لبنان سجل تراجعا إلى مستويات غير مسبوقة ليصل إلى أقل من 60 مليون متر مكعب، في حين أن المعدل العام في مثل هذه الفترة يبلغ 233 مليون متر مكعب".

وأدى تراجع كمية مياه هذه البحيرة إلى توقف محطة توليد الكهرباء التابعة لوزارة الطاقة اللبنانية، والتي تعمل بالطاقة الكهرومائية، ما انعكس سلبا على التغذية في التيار الكهربائي، وفق علوية.

وأكد "أن لبنان يمر هذا العام بأزمة جفاف حادة ... تنعكس سلبا على العديد من القطاعات، خاصة الزراعية والصحية والغذائية والطاقة".

ويجمع المزارعون في سهل البقاع، حيث المحصول الزراعي الأول في لبنان، أن جميع المحاصيل تدنت في ظل جفاف الينابيع وتقلص مياه الآبار الإرتوازية المكلفة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات.

وقال المزراع حسين درويش، الذي خسر 80% من موسم الكرز والمشمس هذا العام "كنا نعتمد على هذا الموسم في معيشتنا، فقيمة إنتاج بستاني السنوي كانت تصل إلى 25 ألف دولار، لكن هذا العام تدنت إلى 5000 دولار فقط."

وأوضح درويش أن"نسبة تتجاوز 70% من المزراعين تخلت عن الزراعات الصيفية، ومن غامر في هذه الزراعة ذبلت مواسمه ويبست لعدم تمكنه من ريها".

وتظهر التقديرات الأولية للموسم الزراعي في لبنان تراجع إنتاج الحبوب بنسبة 50% هذا العام، والخضار بأكثر من 40%، وفق بيان لتجمع التعاونيات الزراعية شرق لبنان نشرته الوكالة الوطنية للإعلام.

وحذر البيان من أن ذلك "سيؤثر على الأمن الغذائي".

فيما ذكر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) "أن أكثر من 1.2 مليون شخص في لبنان مهددون بفقدان الوصول المنتظم لمياه الشرب الآمنة إذا لم تُتخذ إجراءات طارئة لمعالجة الأزمة".

وفي مؤشر آخر على حجم الأزمة، أطلق رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا، حملة بالتعاون مع جمعيات شبابية وبيئية عملت على جمع الأسماك من مستنقعات مياه صغيرة في مجرى نهر الحاصباني، الذي جفت مياهه، ونقلها إلى محيط نبع الحاصباني، حيث لا تزال مياهه تتدفق بنسبة بسيطة، في محاولة للحفاظ قدر الإمكان على الثروة السمكية.

وقال الحمرا لـ((شينخوا)) إن الجفاف انعكس سلبا على نهر الحاصباني الذي نضبت مياهه لتتوقف أعمال الري عن مساحات زراعية واسعة بين بساتين أشجار مثمرة وحقول خضار، في حين نفقت كميات كبيرة من الأسماك الفريدة ناهيك عن تضرر المشاريع السياحية الضخمة عند ضفتيه من مطاعم ومنتزهات وشاليهات تجاوز عددها المائة، والتي تستقطب الزوار من مختلف المناطق اللبنانية.

وفي ظل هذه الأزمة، أصدرت وزارة الزراعة اللبنانية توجيهات للمزارعين والنحالين بضرورة ترشيد استهلاك المياه، واعتماد تقنيات حديثة للري للحفاظ على الموارد المتاحة.

وقال وزير الزراعة اللبناني نزار هاني، خلال جولة نهاية الأسبوع المنصرم في مناطق البقاع شرق لبنان "إن كمية الأمطار المسجلة هذا العام لا تكفي لتعبئة خزانات المياه الجوفية، مما يستوجب تدابير صارمة لضمان عدم استنزاف المخزون المتبقي".

ويستهلك القطاع الزراعي ما بين 65 و70 بالمائة من المياه المتاحة، مما يجعل الأزمة أكثر تعقيدا، وفق الوزير اللبناني. /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号