القاهرة 16 يوليو 2025 (شينخوا) تشهد مصر خلال الأيام الحالية موجة حارة استثنائية، حيث تواجه البلاد ارتفاعا في درجات الحرارة ونسب الرطوبة، مصحوبة بتدني مستوى الرؤية الأفقية خلال فترات الضباب والعواصف الرملية.

وأكد الخبراء أن هذه الموجه الحارة قد يكون لها تأثيرات سلبية، فقد تعرض صحة المواطنين للخطر، وتنعكس سلبا على عدد من القطاعات الاقتصادية خاصة الزراعية والصناعية والبيئية وغيرها.

-- تحذيرات الأرصاد الجوية

وحذرت هيئة الأرصاد الجوية بمصر من حالة الطقس، مؤكدة أنه من المنتظر أن تتأثر جميع المحافظات المصرية تدريجياً بأجواء شديدة الحرارة ونسب رطوبة مرتفعة بداية من اليوم (الأربعاء) ولعدة أيام.

وأكد الدكتور محمود شاهين، مدير إدارة التحليل والتنبؤات بهيئة الأرصاد الجوية بمصر، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن مصر ستشهد خلال الأيام المقبلة كتلة هوائية شديدة الحرارة، تؤثر على أغلب مدن الوجه البحري والقاهرة والقناة وشبه جزيرة سيناء وكافة مدن صعيد مصر، وارتفاع درجات الحرارة العظمى والصغرى بقيم تصل إلى 3 درجات مئوية.

وحذر شاهين، من تدني مستوى الرؤية الأفقية خلال فترات الضباب أو العواصف الرملية، لا سيما على الطرق المؤدية إلى السواحل الشمالية، داعيا إلى توخي الحذر، خاصة في أوقات الذروة التي تزداد خلالها الحرارة بشكل كبير، وأهمية تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس.

-- الزراعة والغذاء

وأكد الدكتور إبراهيم درويش أستاذ الزراعة بجامعة المنوفية، أن ارتفاع درجات الحرارة يشكل تحديا خطيرا على مستقبل الأمن الغذائي والمائي في الدول الزراعية، مشيرا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية نتيجة تأثيرها السلبي على عمليات التمثيل الضوئي والتنفس والبناء الحيوي داخل النبات.

وقال درويش، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن هذه الموجة من ارتفاع درجات الحرارة من شأنها أن تؤدي إلى تغير في مواعيد الزراعة والنضج، حيث يسرع ارتفاع الحرارة من دورة حياة النبات، مما يؤدي إلى نضج مبكر غير مكتمل، وبالتالي عدم تكوين المادة الجافة بشكل كافٍ، خاصة في الحبوب.

وأضاف أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي أيضا إلى زيادة معدلات الإصابة بالآفات الحشرية والأمراض النباتية، بالإضافة إلى الإجهاد الحراري الذي يؤدي إلى تلف الأنسجة النباتية، وتراجع نمو الجذور.

وأوضح أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي أيضا إلى زيادة الاحتياجات المائية للمحاصيل لتعويض الفاقد، وتقليص الكفاءة المائية للمحاصيل بمعنى استهلاك كمية أكبر من المياه دون زيادة في الإنتاجية، بالإضافة إلى تفكك التربة وتدهور بنيتها، مما يقلل من قدرتها على تخزين المياه، خاصة في الأراضي الرملية أو المالحة.

-- تأثيرات سلبية على قطاع الصناعة

من جانبه، يقول المهندس أحمد عبد الرشيد، مدير مصنع مكيفات الهواء في مجمع هاير مصر البيئي، إن ارتفاع درجات الحرارة سيكون له تأثيرات سلبية على القطاع الصناعي والإنتاجي، تتمثل في انخفاض كفاءة العاملين نتيجة الإجهاد الحراري، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وزيادة احتمالات الحوادث المهنية.

وأضاف عبدالرشيد لـ ((شينخوا)) أن الموجة الحارة ستؤدي أيضا إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء نتيجة الاعتماد الزائد على أنظمة التبريد والتكييف، ويزيد من احتمالات تعطل الآلات والمعدات الحساسة لدرجات الحرارة العالية، مما يؤدي إلى توقف جزئي أو كلي في بعض خطوط الإنتاج.

ويرى مدير مصنع مكيفات الهواء في مجمع هاير مصر البيئي، أن هذه الموجة الحارة قد يكون لها بعض التأثيرات الإيجابية المحتملة، وذلك من خلال زيادة كفاءة إنتاج الطاقة الشمسية نتيجة ارتفاع الإشعاع الشمسي، مما يفتح المجال للتوسع في محطات الطاقة النظيفة.

ومن التأثيرات الإيجابية أيضا ارتفاع الطلب على أجهزة التكييف والمراوح ومستلزمات العزل الحراري، مما ينعش السوق المحلي في هذه المجالات، وخلق فرص أمام الشركات والمراكز البحثية لتقديم حلول تكنولوجية مستدامة لمقاومة آثار التغيرات المناخية مثل أنظمة التبريد الموفر للطاقة والعزل البيئي للمباني.

-- الصحة العامة

يرى الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أن من أهم التأثيرات الصحية السلبية التي يمكن أن يتعرض لها المواطنين خلال الموجة الحارة الحالية، الإجهاد الحراري وضربات الشمس التي تعد من أكثر المخاطر الصحية شيوعا في الطقس الحار، نتيجة فقد الجسم كميات كبيرة من المياه والأملاح بسبب التعرق المفرط، ما يؤدي إلى الدوخة، والصداع، والغثيان، والتعب العام، إذا لم يتم التدخل السريع قد تتطور الحالة إلى ضربة شمس.

وقال بدران لـ ((شينخوا))، إن الجفاف والخلل في مستويات الكهارل (مثل الصوديوم، البوتاسيوم، الكالسيوم) في الجسم، من أبرز المضاعفات التي تصاحب ارتفاع درجات الحرارة، حيث يفقد الجسم كميات كبيرة من الماء والأملاح المعدنية، وأن ذلك قد يتطور إلى اضطراب في ضربات القلب، وتقلصات عضلية، وانخفاض ضغط الدم، وقد يؤدي أيضا إلى فشل في وظائف العضلات والكلى، ويشكل خطرا أكبر على الفئات الضعيفة كمرضى الكلى، القلب، والسكري.

وأضاف أن تفاقم الأمراض المزمنة من النتائج الشائعة للتعرض المستمر لدرجات الحرارة المرتفعة، وأن مرضى القلب قد يعانون من زيادة العبء على عضلة القلب نتيجة فقدان السوائل، وانخفاض ضغط الدم المفاجئ، أما مرضى الجهاز التنفسي، كالمصابين بالربو أو الانسداد الرئوي المزمن، فقد يواجهون صعوبة أكبر في التنفس بسبب زيادة رطوبة الجو أو تلوث الهواء المصاحب للحرارة، وكذلك مرضى ارتفاع ضغط الدم يكونون عرضة لهبوط حاد في الضغط نتيجة التعرق المفرط.

بدوره، قال دكتور إسلام عنان أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم الأوبئة والفيروسات بجامعة المستقبل، إننا "إذا أردنا أن نضع حدا لخفض تأثير الموجة الحارة على الصحة، فيجب أن نضع خطة عمل متكاملة يشارك فيها جميع القطاعات.

وقال عنان، لـ ((شينخوا))، إنه لابد من وضع سياسات وطنية واستراتيجيات صحية دائمة يتم التعامل معها سنويا مع مثل هذه الموجات الحارة، تأخذ بعين الاعتبار مخاطر تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وتضمن تأهب قطاع الصحة لمواجهتها وتقدم حوافز للمشاريع الصديقة للبيئة.

وطالب بضرورة استحداث وتطوير نظام إنذار مبكر بالأمراض والتحديات الصحية المرتبطة بتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة لضمان الاستجابة السريعة والفعالة، وتشجيع إقامة المستشفيات الخضراء.