بكين 11 يوليو 2025 (شينخوا) قال محمد علوش، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، إن مبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ ليست قصيدة في الفراغ بل اقتراح تاريخي، وذلك على هامش المؤتمر الوزاري لحوار الحضارات العالمية، الذي يُعقد في بكين يومي 10 و11 يوليو.

وأعرب علوش في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) عن أن مبادرة الحضارة العالمية ليست مضادة للغرب كما يروجون، بل مناهضة للغطرسة، وللمحاولات الدؤوبة لاحتكار المعنى والسلطة، ففيها دعوة لأن تتساوى الحضارات والثقافات في كرامتها، لا أن تُختزل كلها في نموذج واحد يُسوّق على أنه "النهاية الطبيعية للتاريخ".

وأكد علوش أن حزبه، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، كان من أوائل المرحبين بمبادرة الحضارة العالمية، مضيفا "والحقيقة أننا وجدنا أن المبادرة تنسجم مع توجهاتنا ومع ما نطمح إليه نحو عالم يُنصت لبعضه البعض، في وجه النزاعات، وفي زمن الانقسامات الحادة، حيث تبرز تلك المبادرة كجسر بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، وبين الدول المتقدمة وتلك التي نُهِبت باسم التقدم".

وتابع قائلا إن مبادرة الحضارة العالمية تضع حجر الأساس لعالم لا يُدار بالخوف، بل بالثقة، لا بالقوة، بل بالاحترام، لا بالاستعلاء، بل بالإنصات العميق.

جدير بالذكر أن هذه المبادرة نابعة من رؤية الصين الحضارية، فهي محمّلة بروح "الانسجام دون تماثل"- تلك الفلسفة العميقة التي ترى أن الاختلاف لا يُفسد الاحترام، وأن التنوع ليس تناقضاً، بل تجاوراً خلاقاً.

واستطرد علوش بأن الصين قوة تقدمية يمكن للمجتمع الدولي الاعتماد عليها دائماً، حيث قدمت مبادرات ومساهمات كبيرة من أجل الارتقاء بمستقبل البشرية، وهدفت مبادرتها إلى استرداد مفاهيم التعايش السلمي ومنع الحروب وتخفيف التوتر الدولي الحالي، كما لفت إلى أنها بمثابة مبادرة للسلم، ونداء ضد الحرب، ودعوة للتعايش والتعاون بين مختلف الأمم والتباحث في بناء شبكة تعاون للحوار بين حضارات العالم، وإثراء مقومات التواصل وتوسيع قنوات التعاون وتعزيز التعارف والتقارب بين شعوب العالم، والدفع المشترك لتطور الحضارة البشرية وتقدمها.

وفيما يتعلَّق بالقضية الفلسطينية، أعرب علوش عن إعجابه بموقف الصين، قائلا إن الصين تقف بثبات إلى جانب الإنصاف والعدالة، وتدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، حيث أكدت الصين مراراً على دعوتها إلى تحقيق وقف فوري لإطلاق النار والتأكد من عدم تعرّض الممرات الإنسانية لأيّ عوائق، وكذلك المطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام في أسرع وقت ممكن لإحياء حل الدولتين.

وشدد على أن المبادرة اقتراح تاريخي يعيد تعريف مفهوم الحضارة في القرن الواحد والعشرين، مضيفا أن الحضارة، ليست ما تملكه، بل ما تمنحه للعالم، فهي العدل حين يُقابل الظلم، والحوار حين يعلو صوت الرصاص، والسلام حين يصبح الحلم الوحيد الممكن.

وختم حديثه بالقول إن مبادرة الحضارة العالمية ليست خطبة رسميّة، بل دعوة كونية إلى العقل والضمير والعدل، لمع نجمها في زمنٍ باتت فيه القيم تُسعّر بالدولار، والمبادئ تُعدّل وفق مصالح القوى الكبرى، حيث ينهض صوت بكين لا ليُملي، بل ليُذكّر، أن العالم ليس ساحة صراع، بل بيت مشترك، وأن الحضارات ليست مشاريع للهيمنة، بل جداول تصبّ في نهر واحد، اسمه الإنسانية.