share
arabic.china.org.cn | 09. 07. 2025

تغطية ميدانية: هدم منازل الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية يعيد إلى أذهانهم مشاهد "النكبة"

arabic.china.org.cn / 04:52:57 2025-07-09

طولكرم 8 يوليو 2025 (شينخوا) في قطعة أرض زراعية على أطراف مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، تعيش عائلة الفلسطيني محمد الأشقر أوضاعا معيشية قاسية بعد أن دُمر منزلها في مخيم طولكرم للاجئين خلال عملية عسكرية نفذها الجيش الإسرائيلي الشهر الماضي.

ويقول الأشقر (45 عاما)، وهو أب لطفلة واحدة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن منزله المؤلف من ثلاثة طوابق هُدم بالكامل في السادس من يونيو الماضي، ضمن حملة هدم واسعة طالت العشرات من المنازل في المخيم، مشيرا إلى أنه لم يُسمح له أو لغيره من السكان بالعودة إلى منازلهم منذ بدء العملية العسكرية.

ويضيف الأشقر بصوت متعب "تم إجلاؤنا قسرا، لم نأخذ معنا شيئا سوى ملابس الأطفال القليلة، وتركنا كل شيء خلفنا. بعدها بدأت الجرافات بهدم منازلنا دون إنذار مسبق".

حاليا، تعيش أسرة الأشقر المكونة من عشرة أفراد، وتضم عائلته الصغيرة وعددا من أشقائه وأطفالهم ووالديه، في منزل من الصفيح مقام في أرض زراعية قرب مدينة طولكرم تعود ملكيتها لأحد أقاربه.

ويشرح الأشقر أن عائلته لا تملك أي مصدر دخل، وأنهم يعتمدون على مساعدات بسيطة من أقارب وجيران.

أما الأطفال، فيقضون يومهم في العراء تحت أشعة الشمس، دون كهرباء أو مياه منتظمة، يلعبون بأدوات مكسورة، ويتناولون وجبات محدودة، وأحيانا ينامون دون عشاء.

ويتابع بحسرة "طفلتي تسألني متى نرجع إلى بيتنا، وأنا لا أجد جوابا... لا يمكن لطفلة في السابعة أن تستوعب أنك أصبحت بلا منزل إلى أجل غير معلوم".

وما زاد من صعوبة الأمور بالنسبة للأشقر هو منزل آخر كان قد اشتراه لعائلته قبل أعوام كنوع "من تأمين مستقبل أطفاله"، لكنه لم يسلم أيضا من الهدم، رغم أنه لم يكمل تسديد ثمنه بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.

ويقول "كنا نأمل أن نبني مستقبلا آمنا لهم- للأطفال- لكن اليوم نحن نعيش بلا سقف، بلا مدارس، بلا حياة".

وتأتي هذه الأحداث في إطار حملة عسكرية إسرائيلية بدأت منذ يناير الماضي في شمال الضفة الغربية، وشملت مخيمات طولكرم ونور شمس وجنين، والتي قالت إسرائيل إنها تهدف إلى "تفكيك بنى تحتية للمسلحين".

ووفق مصادر أمنية فلسطينية، فقد تم إجلاء عشرات الآلاف من الفلسطينيين من هذه المخيمات، وتحولوا إلى نازحين في مناطق أخرى من الضفة الغربية، دون إمكانية للعودة أو تعويضات واضحة.

ويقول جمال حدايدة، وهو لاجئ فلسطيني آخر من سكان المخيم يبلغ من العمر 60 عاما، لـ ((شينخوا))، إنه لم يسمح له برؤية منزله في حي المربعة داخل مخيم طولكرم منذ أكثر من ستة أشهر.

ويضيف "كنت أعيش مع أسرتي المكونة من سبعة أفراد في بيت من طابقين، واضطررنا للفرار مع أول موجة إخلاء. لم نأخذ معنا إلا ما تيسر، وبعدها انقطعت أخبار المنزل".

وكانت السلطات الإسرائيلية قد وزعت خرائط على السكان في مايو الماضي تظهر نيتها هدم أكثر من 100 منزل، وقال الجيش حينها في بيان إن الخطوة "لأغراض عسكرية"، لكن السكان يعتقدون أنها تهدف إلى شق طرق جديدة وتفكيك المخيمات ككيانات سكنية متصلة.

ويعود مشهد النزوح وهدم المنزل بذاكرة حدايدة إلى نكبة والده وجده في العام 1948، حيث عاشا المشهد نفسه وهو يتكرر الآن بمسميات جديدة ضمن الهدف ذاته، بحسب قوله.

ويشرح حدايدة "هذه ليست مجرد منازل. هذه ذاكرتنا. بعد سنوات النكبة بنينا حياتنا هنا، ولكن يبدو أن التاريخ يعيد نفسه. نحن نخسر بيوتنا مرة أخرى، ولا نملك حتى حق العودة أو الاعتراض".

وقال فيصل سلامة منسق الفصائل الفلسطينية في طولكرم ورئيس اللجنة الشعبية بالمخيم إن الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات الهدم بوتيرة متسارعة، وإن المخيمات تتحول تدريجيا إلى مناطق فارغة من السكان والمباني.

وأوضح سلامة لـ((شينخوا)) أن ما يجري يمثل "تغييرا جغرافيا مقصودا، يهدف إلى إزالة رمزية المخيمات كمكان يمثل النكبة وحق العودة".

وأكد سلامة أن سكان المخيم سُمح لهم بالدخول لساعات معدودة لجمع بعض مقتنياتهم، فيما وصفه بـ"الوداع الأخير"، مشيرا إلى أن نحو 25 ألف لاجئ نزحوا من مخيمي طولكرم ونور شمس فقط.

من جهته أعلن المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل (عدالة) الأسبوع الماضي أن المحكمة الإسرائيلية العليا أصدرت قرارا مؤقتا بتجميد أوامر الهدم في جزء من مخيم طولكرم، ومنحت الدولة مهلة حتى الثاني من سبتمبر 2025 للرد على التماس تقدم به 11 من سكان المخيم.

ويطعن الالتماس في أمر عسكري يقضي بهدم 104 مبان سكنية تضم نحو 400 شقة يقطنها ما يقارب ألفي لاجئ فلسطيني.

وفي مخيم جنين، لا تزال الجرافات تعمل على هدم المنازل وشق الطرق، وقال بشير مطاحن الناطق باسم بلدية جنين إن نحو 600 منزل هُدم بشكل كامل، وتم إنشاء 8 طرق جديدة داخل المخيم ومحيطه.

وأضاف لـ((شينخوا)) أن نحو 22 ألف شخص نزحوا من المخيم نتيجة العمليات، فيما تعرضت البنية التحتية للتدمير الكامل، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.

واعتبر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح أن استهداف المخيمات يشكل "ضربا مباشرا لجوهر القضية الفلسطينية وحق العودة"، داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف ما وصفه بـ"محو رمزي ومادي لوجود اللاجئين الفلسطينيين".

من جهته، قال مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني في بيان إن عمليات الهدم في شمال الضفة الغربية "منهجية وواسعة النطاق"، وتسببت بـ"تأثير غير مسبوق على حياة اللاجئين"، مشيرا إلى أن الناس "يواجهون احتمال عدم وجود مكان للعودة إليه".

وأضاف أن ما يجري يمثل "أكبر موجة نزوح فلسطيني منذ العام 1967".

وفي مارس الماضي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الجيش سيواصل انتشاره في مخيمات شمال الضفة الغربية حتى نهاية العام الجاري على الأقل، معتبرا أن "احتلال المخيمات" ضرورة لضمان الأمن، وفق ما نقلته الإذاعة العبرية العامة.

وبينما تستمر العمليات العسكرية وتتوسع رقعة الدمار، يبقى عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين دون مأوى في ظل غياب أي أفق واضح للعودة، وقلق متزايد من أن تكون هذه الخطوات مقدمة لتغيير دائم في هوية المخيمات وشكلها.

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号