share
arabic.china.org.cn | 08. 07. 2025

دخان حرب لم يتبدد.. تحديات تواجه مستقبل المفاوضات الأمريكية الإيرانية

arabic.china.org.cn / 13:12:46 2025-07-08

8 يوليو 2025 / شبكة الصين / انقضى أسبوع كامل على الهدنة بين إيران وإسرائيل بعد حرب الـ12 يوما، إلا أن الوضع العام في الشرق الأوسط لم يشهد استقرارا أو هدوءا، حيث أعلنت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران الانتصار في الحرب، وصادق الرئيس الإيراني على قانون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما واصل الحوثيون استهداف إسرائيل بالصواريخ. وردا على ذلك، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي بـ"معاملة اليمن مثل إيران".

ويمكن القول إن إيران مازالت تواجه وضعا أمنيا خطيرا ومعقدا. وخلف كل هذه التشابكات والتعقدات، هناك ثلاثة مسائل تؤثر على اتجاه تطور الوضع.

أولا، هل ستعيد الولايات المتحدة شن ضربات ضد إيران؟

على المدى الطويل، هناك احتمالات كبيرة لحدوث ذلك. ونظرا لأن الولايات المتحدة لم تتعرض لضربات انتقامية عنيفة بعد قصفها المنشآت النووية الإيرانية التي تُعتبر الأكثر حساسية على الأراضي الإيرانية، انحسرت القيود "النفسية" الأمريكية على شن ضربات ضد إيران بشكل واسع. وصرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيشن ضربات ضد إيران بلا شك، في حال خلصت وكالة الاستخبارات الأمريكية أن مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران وصل إلى درجة "مقلقة".

ولكن هناك احتمالات محدودة لشن الولايات المتحدة ضربات جديدة ضد إيران على المدى القصير. إذ إن ترامب يصر على أن القصف الأمريكي قد دمّر المنشآت النووية الحيوية في إيران. وإذا شنت الولايات المتحدة ضربات جديدة ضد إيران في وقت قريب، فقد يُشتبه أن ذلك تعويض لقصفها السابق إلى حد معين، ليصبح برهانا على أن الضربات السابقة لم تحقق نتائج جيدة، وأن ترامب بالغ في نتائجها.

إضافة إلى ذلك، بمجرد شن الضربات العسكرية الجديدة ضد إيران، يُحتمل أن يجر ذلك الولايات المتحدة إلى مستقنع الحرب ويجعلها تواجه مخاطر الحرب بلا نهاية في الشرق الأوسط. بيد أن ذلك ليس ما تسعى إليه إدارة ترامب.

ثانيا، هل تستأنف المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن الملف النووي؟

لم يمثل وقف إطلاق النار إلا هدنة، بدلا من السلام، في حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي عبر المفاوضات. وفي الوقت الراهن، هناك دوافع تشجع الجانبين الأمريكي والإيراني على مواصلة المفاوضات، حيث تنوى الولايات المتحدة أن تقيّد قدرة إيران على إنتاج الأسلحة النووية بأكبر قدر ممكن، فيما لدى ترامب رغبة شخصية شديدة في نيل جائزة نوبل للسلام.

وفي المقابل، لا بد لإيران من بذل جهود مكثفة لإقناع الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات عليها، من أجل دفع عجلة إعادة الإعمار وتخفيف حدة الأزمة المالية التي تواجهها. غير أن استئناف المفاوضات بين الجانبين في وقت قريب مازال يواجه عقبات واقعية عديدة.

وطرحت إيران، باعتبارها طرفا أضعف نسبيا في الصراع، شروطا مسبقة واضحة لاستئناف المفاوضات، من أجل تجنب اضطرارها إلى قبول "معاهدة غير متكافئة". وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه من اللازم أن تحصل إيران على ضمانات تؤكد عدم شن الولايات المتحدة ضربات جديدة ضد إيران أثناء المفاوضات بينهما، إذ إن إسرائيل وجهت ضربة مفاجئة على إيران في 13 يونيو الماضي، قبل يومين من انطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات. وبعد الضربة، لا تعتبر إيران ما وصفته بـ"المفاوضات" إلا بمثابة "تخدير إستراتيجي" قادته الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران. وبناءً على ذلك، ترغب إيران في نيل ضمانات أهمها أن الولايات المتحدة لن تسعى إلى دفع المفاوضات من خلال توجيه الضربات.

إلا أن ما تطلبه إيران هو بالضبط ما لا ترغب الولايات المتحدة في الالتزام به. فمن ناحية، يمكن للولايات المتحدة توجيه ضربات عسكرية ضد إيران بنفسها أو من خلال إسرائيل. وكلما زادت الثقة الأمريكية في قدرتها على تقييد قدرات إيران على إنتاج الأسلحة النووية من خلال النهج العسكري، تتراجع نيتها الصادقة تجاه المفاوضات.

ومن ناحية أخرى، فمن المحتمل أن تشن إسرائيل هجوما جديدا على إيران، في حال لم تستهدف الولايات المتحدة إيران. إذ إن القدرة الأمريكية على كبح جماح إسرئيل مازالت موضع شك.

ثالثا، ما هي أبرز التحديات التي تواجه المفاوضات الأمريكية الإيرانية؟

تقع المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن الملف النووي، حتى لو اُستؤنفت، في وضع: "عدم حل القضايا القديمة، وزيادة المشاكل الجديدة تعقيدا". وتتمثل القضايا القديمة في تخصيب اليورانيوم، حيث تطالب الولايات المتحدة بامتناع إيران عن التخصيب بشكل مستقل، بحجة أنها لا تثق في التزام طهران بتطوير أسلحة نووية. وفي المقابل، ظلت إيران ملتزمة بتخصيب اليورانيوم على أراضيها بشكل مستقل، باعتبارها دولة موقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وبعد اضطرارها إلى خوض الحرب، على الأرجح أنها لن ترغب في تقديم تنازلات بشأن إبقاء قدرتها على تخصيب اليورانيوم.

أما المشاكل الجديدة فتتمثل في اتجاه الولايات المتحدة إلى وضع مزيد من الشروط بشأن المفاوضات، بوصفها "منتصرة في الحرب"، وذلك بتشجيع إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، تحرض الأصوات المتشددة داخل الولايات المتحدة على وضع شروط قاسية في المفاوضات، مثل تقييد قدرة إيران على إنتاج الصواريخ وتحجيم الدعم الإيراني للقوى المعادية للولايات المتحدة، مثل الحوثيين في اليمن، والحد من التعاون بين إيران وروسيا وغيرها من الشروط.

وما ترغب الولايات المتحدة في تحقيقه ليس مفاوضات جديدة بشأن الملف النووي الإيراني، بل صفقة تتحلى بطابع "تهديد" واضح، وتمس بالسياسات الخارجية الإيرانية، حتى أنها تتدخل في شؤونها الداخلية.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号