share
arabic.china.org.cn | 04. 07. 2025

تحقيق ميداني: الخرطوم تحاول التعافي من آثار الحرب واستعادة حياتها الطبيعية

arabic.china.org.cn / 23:26:31 2025-07-04

الخرطوم 4 يوليو 2025 (شينخوا) بخطوات بطيئة تحاول العاصمة السودانية الخرطوم التعافي من آثار الحرب واستعادة حياتها الطبيعية، والنهوض من تحت الركام الذي جثم علي صدرها لنحو عامين.

في معظم أرجاء المدينة، ما تزال معالم القتال باقية إذ ينتشر الدمار الواسع، بينما يرسم الرصاص لوحات دامية على جدران منازل المدينة ومبانيها الشاهقة.

ولكن العودة المتزايدة لسكان المدينة تساهم في استعادة نسبية للحياة بالخرطوم، فيما تتواصل جهود رسمية وشعبية لتوفير الخدمات الضرورية ولاسيما في مجالات المياه والكهرباء والخدمات الصحية.

-- أم درمان أكثر مدن العاصمة نشاطا

من مدن العاصمة الثلاث، تعتبر مدينة أم درمان، وهي مقر الحكومة المحلية، هي الأسرع في استعادة الحياة الطبيعية، إذ أن غالبية مناطق المدينة تمت السيطرة عليها من قبل الجيش السوداني منذ مطلع العام 2024.

واستطاعت حكومة ولاية الخرطوم، التي ظلت متواجدة بمدينة أم درمان، توفير الخدمات الأساسية لسكان المدينة والعائدين اليها.

وقال وزير التنمية الإجتماعية بحكومة الخرطوم صديق فريني "لقد تمكنت مدينة أم درمان من مقاومة ظروف الحرب لعدة أسباب، واستعادة الحياة الطبيعية بفضل الجهود الحكومية وكذلك مبادرات المجتمع المحلي".

وأضاف فريني، في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، "لقد لعب المجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني دورا كبيرا في تجاوز آثار الحرب بأم درمان، وبفضل تكامل الجهدين الرسمي والشعبي تمكنا من توفير الخدمات الضرورية كخدمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم".

واستأنفت المستشفيات الرئيسة بمدينة أم درمان نشاطها، وأبرزها مستشفى أم درمان التعليمي ومستشفي (الدايات) للنساء، والمستشفى السعودي، بعد عمليات تأهيل وصيانة ساهمت فيها وزارة الصحة بولاية الخرطوم، وتجمعات طبية سودانية.

ووفقا لتقرير صادر أمس (الخميس) عن وزارة الصحة بولاية الخرطوم، فأن 7 مستشفيات رئيسة بمدينة أم درمان تعرضت للقصف المتعمد والنهب المنظم، 4 منها عادت للعمل أخيرا.

وتدريجيا تشهد خدمات المياه بأم درمان تحسنا نسبيا، بعد أن نجحت حكومة ولاية الخرطوم في إدخال محطات مياه جديدة للخدمة لتخفيف الضغط علي محطة (المنارة) وهي المحطة الرئيسة للمياه في أم درمان.

وأعلنت هيئة مياه ولاية الخرطوم في بيان صحفي أمس، عن دخول محطتي مياه (القماير) و (أبو سعد) للخدمة، وقالت إنها بصدد صيانة نحو 5 محطات قديمة تعرضت للدمار الجزئي بسبب الحرب.

-- الخرطوم الأكثر تأثرا بالحرب

تبدو مدينة الخرطوم الأكثر تأثرا بالحرب، وما تزال آثار المعارك بادية علي معظم مناطق المدينة، وتنتشر السيارات المدمرة بجانب الطرقات الرئيسة، وتتكدس أكوام النفايات داخل الأحياء.

ورغم انعدام الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وإنترنت، وارتفاع كبير في أسعار السلع الضرورية وندرة بعضها، إلا أن سكان المدينة يكافحون من أجل التغلب علي صعوبات الحياة.

ولمعالجة أزمة المياه الواسعة التي يعانيها سكان مدينة الخرطوم، تمكنت هيئة مياه ولاية الخرطوم من استئناف العمل بمحطة مياه سوبا، وهي المحطة الرئيسة التي توفر مياه الشرب لمناطق واسعة بالمدينة، وقد وصل الإمداد المائي إلى بعض أحياء جنوب الخرطوم، فيما يستمر العمل من أجل تغطية بقية الأحياء تدريجيا.

وقال صلاح حمد، وهو مواطن من منطقة شرق الخرطوم لـ((شينخوا)) "إيقاع عودة الحياة بالخرطوم بطئ للغاية، مشكلات عدة ما تزال قائمة وخاصة انعدام المياه والكهرباء وشبكات الاتصالات".

وأضاف "صحيح هناك عودة متزايدة لسكان الخرطوم وخاصة في أحياء جنوب وشرق الخرطوم، ولكن انعدام الخدمات الأساسية يجعل من العيش في هذه الأماكن صعبا للغاية".

وتبرز مبادرات شعبية في بعض أحياء مدينة الخرطوم من أجل إعادة إعمار بعض المؤسسات الخدمية كآبار المياه وبعض المرافق الصحية.

وتقود لجان مقاومة جنوب الحزام، وتتكون من متطوعين شباب، مبادرة شعبية لإصلاح وصيانة مركز صحي (الأزهري) والذي تعرض للدمار والنهب، وهو مرفق صحي مهم في ظل توقف غالبية المستشفيات بمنطقة جنوب الخرطوم.

وقال عضو لجان مقاومة جنوب الحزام احمد إسماعيل "هذه إحدي المبادرات الشعبية لإعادة إعمار المنطقة، وقد تم اختيار هذا المشروع إيمانا منا بأهمية إعادة المركز الصحي للعمل من أجل تقديم الخدمات العلاجية لآلاف السكان بحي الأزهري والأحياء المجاورة".

وعلي واجهة المركز الصحي ما تزال آثار الرصاص ترسم حجم المعارك التي شهدتها المنطقة، بينما يتناثر داخل المركز فوارغ الذخيرة لأنواع مختلفة من الرصاص، فيما تزال قذيفة اربي جي (وهي قاذفة صاروخية مضادة للدبابات) مغروسة في جدران أحد غرف المركز الصحي.

أما في مجال الكهرباء، فإن حجم الدمار الذي تعرضت له منشآت الكهرباء بمدينة الخرطوم يبدو أكبر من الجهود الشعبية والرسمية التي تحاول إعادة التيار الكهربائي إلى المنطقة.

ويعتمد جزء من سكان المنطقة علي الطاقة الشمسية والمولدات الكهربائية، ولكنها لا توفر خدمة مستقرة علي مدار اليوم، وقال الصادق عبد الجليل، وهو مواطن من منطقة الكلاكلة بأقصي جنوبي الخرطوم "نستخدم المولدات الكهربائية لساعات معدودة".

وأضاف "هذه المولدات تعمل بالجازولين وهو أيضا غير متوفر، ويباع في السوق السوداء إذ يبلغ سعر الجالون الواحد أكثر من 30 ألف جنيه سوداني (نحو 11 دولارا أمريكيا)".

ورغم غياب النشاط التجاري في معظم مناطق مدينة الخرطوم، إلا أن أسواقا قليلة استعادت نشاطها، ودب فيها ضجيج الحياة من خلال حركة الباعة والمتسوقين.

وفي السوق المركزي، وهو أحد أكبر أسواق جنوب الخرطوم، تعيد أصوات الباعة، وجدال المتسوقين إلى الأذهان ما كان عليه الحال قبل إندلاع القتال في منتصف أبريل 2023.

وقال سمير إبراهيم، وهو صاحب كشك صغير لبيع الخضروات في السوق المركزي "شيئا فشيئا تعود الحياة إلى هذا السوق العريق، هناك حركة متزايدة نسبيا منذ خروج قوات الدعم السريع من الخرطوم".

وأضاف إبراهيم لـ((شينخوا)) "صحيح حركة البيع ليست كبيرة، والإقبال ما يزال ضعيفا، وحتي حركة المتسوقين قليلة، ولكن نقول في السودان (العافية درجات)، ومن المؤكد أن مدينتنا تتعافي".

-- الخرطوم بحري تتمسك بأمل العودة

في مدينة الخرطوم بحري، وهي الضلع الثالث للعاصمة السودانية، ما تزال آثار الحرائق تغطي واجهات المدينة ومحالها التجارية وشوارعها الرئيسة.

ورغم استمرار المعاناة بسبب غياب خدمات المياه والكهرباء، إلا أن من يتواجدون بالمدينة يتمسكون بأمل العودة للحياة الطبيعية.

وفي أطراف المدينة من الناحية الجنوبية، يبدو تواجد المواطنين أكبر نسبيا من المناطق الشمالية من مدينة الخرطوم بحري.

وفي منطقة جسر الحلفايا، تنشط حركة المواصلات التي تربط بين مدينة الخرطوم بحري وشمالي مدينة أم درمان، وقال عبد الباسط ارباب، وهو سائق حافلة للنقل "هذه المنطقة من الخرطوم بحري هي أكثر مناطق المدينة انتعاشا الآن".

وأضاف لـ((شينخوا)) "تنشط الحركة بين جنوب الخرطوم بحري وشمال أم درمان، ونقوم بنقل المواطنين ما بين المنطقتين، وتبلغ قيمة التذكرة للراكب نحو 2500 جنيه، حوالى (دولار واحد)".

وأكمل الجيش سيطرته على مدينة الخرطوم بحري في فبراير الماضي بعد معارك استمرّت شهورا منذ إطلاق الجيش عملية برية واسعة لاستعادة السيطرة على العاصمة في سبتمبر 2024.

وحتي الآن، لا توجد إحصاءات حكومية بحجم الدمار الذي طال العاصمة الخرطوم، ولكن تقارير غير رسمية تشير إلى أن الدمار قد طال أكثر من 70 بالمئة من شبكات المياه والكهرباء، إضافة إلى تخريب كبير طال المرافق الصحية والتعليمية، وتدمير 4 جسور، و200 مبنى عام واثري، وتعرض مئات الآلاف من المنازل لتدمير كلي وجزئي.

وقال الخبير الاقتصادي السوداني عبد الخالق محجوب "إن إعادة إعمار الخرطوم ستحتاج إلى سنوات عدة، وإلى موارد اقتصادية غير متاحة حاليا".

وأضاف محجوب لـ((شينخوا)) "لا توجد تقديرات رسمية حول حجم الدمار ولا تكلفة الإعمار، ولكن هناك تقديرات غير رسمية تشير إلى أن عملية إعادة الخرطوم قد تصل إلى 300 مليار دولار".

وتابع "في ظل تأثيرات الحرب، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 40 في المائة، وفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن عملية إعادة الإعمار ستواجه صعوبات تتعلق بتوفير التمويل اللازم".

وأعلن الجيش السوداني في 20 مايو الماضي، اكمال سيطرته الكلية علي ولاية الخرطوم بوسط البلاد وخلوها تماما من قوات الدعم السريع، بعد ما يزيد عن عامين من القتال.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت عشرات آلاف القتلى وملايين النازحين داخل وخارج البلاد. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号