23 يونيو 2025 / شبكة الصين/ في الآونة الأخيرة، انتشر هوس دمية "لابوبو" على الساحة الدولية، لتصبح أحد أكثر المنتجات شهرة على مستوى العالم. ومع تزايد شعبيتها، لم يُثِر هذا الوحش الصغير "القبيح اللطيف" اهتمام وسائل الإعلام الدولية ومراكز الفكر الكبرى بتحليل الدوافع الاستهلاكية الكامنة خلفه فحسب، بل كشف أيضًا عن التحول العميق في الصناعة الصينية المدفوعة بالابتكار، حيث بدأت القوة "الناعمة" للثقافة الصينية تكسب إعجاب المستهلكين حول العالم بفضل المنتجات الثقافية العالية الجودة التي تتناغم مع القيم المشتركة والذوق الجمالي العالمي.

وذكرت شبكة CNN الإخبارية الأمريكية أن هذه الدمى المحشوة اللطيفة والغريبة قليلًا حظيت بشعبية واسعة بين "جيل زد" (مواليد 1995ـ2009) وحتى بين الفئات العمرية الأكبر. وأشار أستاذ بجامعة برينستون إلى أنه رغم الصور النمطية التي يحملها المجتمع الأمريكي تجاه الآسيويين، فإن المنتجات اللطيفة القادمة من آسيا تظل دائمًا مفضلة لدى المستهلكين في الولايات المتحدة. وفي ظل بيئة عالمية تتسم بزيادة عدم اليقين، أصبح المستهلكون أكثر استعدادًا لدفع المال من أجل "سعادة صغيرة يمكن تحمّل تكلفتها".

أما صحيفة "نيويورك تايمز" فقد أشارت إلى أن شعبية "لابوبو" تعكس التأثير الدولي المتزايد للقوة الناعمة الصينية. وذكرت أن منتجات ثقافية صينية أخرى مثل لعبة الفيديو "الأسطورة السوداء: ووكونغ" حصدت أيضًا متابعة قياسية في الخارج، كما أصبحت مشاهد السياحة الصينية اتجاهًا رائجًا على مستوى العالم. وساعدت منتجات مثل دمية "لابوبو" على جذب اهتمام المستهلكين الأجانب للأزياء والسلع الصينية الأوسع نطاقًا.

ونشر موقع "فورين بوليسي إن فوكِس" الأمريكي مقالًا تحليليًا، أوضح فيه أن النجاح الكبير الذي حققته دمية "لابوبو" يمثل شكلًا جديدًا من أشكال توسع القوة الناعمة الصينية، والمبنية على التصميم الجذاب، والسرد القصصي، والابتكار المتواصل في الصناعة الثقافية. وأكد المقال أن هذه المنتجات الثقافية، التي نشأت في أوساط المجتمع، تعزز من القوة الناعمة الصينية على الساحة الدولية.

وأضاف المقال أن الأمر لا يقتصر على "لابوبو" فقط، بل إن الصين تسعى لبناء بصمتها الثقافية الخاصة في جميع المجالات: من تطبيق تيك توك الذي أعاد تشكيل الترفيه العالمي وطرق الانتشار، إلى الرسوم المتحركة والأفلام الصينية التي تحظى بمتابعة عالمية، وتأثير الموضة والتصميم الصيني على الصيحات الدولية، وصولًا إلى منصات مثل "شياو هونغ شو" (المعروفة دوليًا بـ"ليتل ريد بوك") التي أصبحت مفضلة لدى المستخدمين في أوروبا وأمريكا. وهذا الصعود للقوة الثقافية غير التصادمية يعتمد على فهم عميق للقيم المشتركة لدى جيل الشاب حول العالم.

واختتم المقال بالتأكيد على أن الانتشار العالمي لـ"لابوبو" يشير أيضًا إلى تحول عميق آخر، حيث تُظهر منتجات مثل "لابوبو"، ولعبة "الأسطورة السوداء: ووكونغ"، وفيلم الرسوم المتحركة "نه تشا2"، الإنجازات التي حققتها الصين في مجال الابتكار وإنتاج منتجات عالية الجودة. فالصين لم تعد فقط "مصنع العالم"، بل تتحول إلى مركز عالمي للابتكار الثقافي، وتسعى من خلال المنتجات الثقافية ذات القيمة المضافة العالية إلى ترقية صناعاتها. 

وأولت الصين دائمًا أهمية كبيرة لتطوير الصناعات الثقافية، وشجعت على تصدير المنتجات الثقافية إلى الخارج، مما عزز تحقيق التكامل العميق بين التنمية الصناعية ونشر الثقافة، وبالتالي بناء قدرة تنافسية ثقافية مستدامة. وتواصل الصناعة الثقافية في الصين الابتكار والنمو، لتحظى بتقدير عالٍ من المستهلكين محليًا ودوليًا.