arabic.china.org.cn | 22. 06. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الخرطوم 21 يونيو 2025 (شينخوا) لم تكن عودة الشاعر السوداني الكبير عبد الوهاب هلاوي، إلى منزله في حي الحلفايا بالعاصمة الخرطوم بعد ما يزيد عن عامين من الحرب مجرد إنهاء لحالة نزوح طارئة، بل شكلت رجوعا اختياريا إلى قلب المأساة.
علي عتبات منزله، بدت ملامح الخراب والدمار، فالأشجار التي كان يرعاها ماتت بتأثير العطش، وبقايا من خزانه ملابسه الخاصة تقبع في فناء المنزل بعد أن تم إستخدام أجزاء منها كبيرة كحطب للطبخ.
وقال هلاوي، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، "كانت عودتي للمنزل بمثابة إحياء للمأساة التي تعرضت لها، كل التفاصيل التي رأيتها كانت بمثابة صفعة للتذكير بهول ما جري".
لكن أكثر المشاهد قسوة، تمثلت في إحراق المكتبة الخاصة للشاعر هلاوي، فقد كانت تضم أكثر من 160 قصيدة تغني ببعضها أبرز المغنيين في السودان.
وأضاف "كم هو مؤلم أن تري حصاد ما يزيد عن 40 عاما من الإبداع قد تم إستخدامه كمجرد أوراق لإشعال النار وطبخ الطعام".
وأوضح "لم تكن مكتبتي تضم فقط الدواوين الشعرية، بل احتوت علي كتب نادرة ومخطوطات تاريخية وقصاصات قيمة تلخص مشواري الإبداعي، لقد تحول كل هذا الإرث إلى رماد".
وتابع "هناك تفاصيل أخري بمنزلي فقدتها ايضا، لقد أفتقدت أشياء لن تعود، أشعاري، مكتبتي وحتي صور عائلتي واحلي ذكرياتي".
وواصل بأسي "لم يتركوا لي في الدار من شيء، لقد أخذوا كل شيء، فقط عجزوا عن أخذ قلبي، إيماني وثقتي في القادم من الأيام".
ولم تقتصر خسارة الشاعر هلاوي علي تلك الأشياء والمقتنيات والذكريات فقط، ولكنه فقد ايضا شريكة عمره بسبب الحرب.
وخلال إحدي رحلات السودانيين عبر البر إلى مصر هربا من الحرب، توفت زوجة الشاعر عبد الوهاب هلاوي في الصحراء نتيجة الرحلة المرهقة، وتم دفنها في مدينة أسوان المصرية.
وقال "لقد فقدت زوجتي وشريكة عمري بسبب الحرب، إنها ترقد الآن بعيدا عن الأرض التي ألفتها"، ولم يود الشاعر الإسهاب في سرد تفاصيل ما حدث.
ورغم مرارة الفقد، وتأثيرات الحرب، يبدو الشاعر هلاوي مصمما علي مواصلة رسالته كشاعر ومبدع، ويري أن الشعر بمقدوره التعبير عن آمال الشعب السوداني ورغبته في السلام.
وأضاف "مازلت أقف صامدا ورافضاً للحرب التي فُرضت علي بلادنا، وأومن أن بامكاننا أن نمثل خط دفاع متقدم".
وأوضح "لا قدرة للحرب علي تدمير إبداع أمة، صحيح أن الشعر لا يمكنه إيقاف الحرب، ولكنه قادر على الوقوف ضد قبح الحروب، ومطلوب منا كشعراء أن نحدث حالة من الوعي الجمعي".
ورغم ما يعيشه الشاعر عبد الوهاب هلاوي من وحدة وتأثير نفسي للحرب، إلا إنه ما يزال متشبثا بأوراقه ليكتب أغنيات للحياة والأمل والتفاؤل.
وقال هلاوي "مطلوب من أي شاعر أن يلبس سترة واقية من الرصاص ليكتب عن جرح الوطن وآمال الناس ورغبتهم في العودة وحقهم في الحياة".
وأضاف "لن نضع أقلامنا، ولن نسمح بأن يتم نهبنا للمرة الثانية، فقد تم نهبنا عبر السلاح في المرة الأولي، فليس مقبولا أن يتم نهبنا ثانية بمصادرة أقلامنا ومنعنا من الكتابة".
وعن تأثيرات الحرب والنزوح والتشرد علي قدرة المبدع، سواء كان شاعرا أو كاتبا أو مغنيا، علي مواصلة الإبداع، قال هلاوي "هناك تأثيرات كبيرة علي المبدعين تمثلت في التشرد والنزوح وفقدان الممتلكات وحتي الأرواح".
وأضاف "ليس سهلا أن تكتب وأنت خائف على حياتك وعلي حياة عائلتك، تأثيرات الحرب استثنائية ومخيفة ومثيرة للقلق والتوتر، ولكن علينا أن نقاوم".
وتابع "لقد وضعت الحرب بصمتها على أهل الفن، هناك مبدعون ودعوا الدنيا وقد منع رصاص الحرب محبيهم من توديعهم كما درجت العادة، وهناك مبدعون تشردوا في المنافي، وآخرون مرضي لا يجدون الرعاية الصحية".
وخلال الحرب في السودان، وبسبب سقوط قذائف في منازلهم، أو أماكن تواجدهم، أو لعدم حصولهم على العلاج والرعاية الصحية بسبب الظروف الأمنية الخطيرة، توفي خلال فترة الحرب الحالية 15 من كبار الشعراء والموسيقيين والفنانين في البلاد.
وكان أبرز الراحلين من الشعراء، الصادق اليأس الذي توفي بعد معاناة مع المرض فاقمها انعدام الدواء والعلاج بسبب الحرب لتتوقف مسيرته التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي، وضمت قائمة الراحلين الشاعر عبد العزيز جمال الدين الذي توفي بعد الدخول في نوبة صحية حزنا على وفاة شقيقته بسبب القتال في الخرطوم.
كما رحل الشاعر السوداني الكبير هاشم صديق، وقد عاني صديق من ويلات الحرب بعد أن حاصرته المعارك العنيفة في مقر سكنه في مدينة أم درمان، وكان خروجه من المدينة حديث الوسط الفني إذ خرج شارع الحلم والثورة والحداثة محمولا على ظهر "عربة كارو" يجرها حصان، قبل أن تدركه يد الموت بسبب المرض والإهمال.
ووصف هلاوي الحرب بأنها "كائن بشع، يعيش علي القتل ويشيع الخراب، ويفسد بهجة الحياة ويمحو كل ما يمت للإنسانية بصلة".
وقال "في ظرفنا الراهن، فإن هناك التباس للعامة، ومثلما يعبر البعض عن رفضه للحرب، فهناك مؤيدون، يتوجب علينا كأدباء أن نبين أن شهوة الدم لا ترتوي، وأن الحرب تفتح ضروبا من المعاناة لا تستثني أحدا".
ويبدو هلاوي مقتنعا بأن الحرب ستنتهي في السودان، وهي القناعة التي عبر عنها شعرا في آخر قصيدة له بعنوان "بكرة راجعين"، وما يزال هلاوي يتغني لـ(حاجة آمنة) وهي امرأة افتراضية، تعاني الآن ويلات الحرب وآلام النزوح وقسوة الحياة، ويدعوها هلاوي لأن تتمسك بالصبر.
ومع المحنة التي يمر بها السودان الآن، ما يزال صوت هلاوي يدوي بقصيدة (بلدنا نعلي شانا… سودانا نادانا)، والقصيدة تناسب الظرف الراهن، وتؤكد صحة مقولة "ديباجة الشعر لا تعرف تاريخ صلاحية، ولا تفقه التبديل".
هلاوي، شاعر سوداني بارز ومتعدد المواهب، وله مسيرة حافلة في مجالات الشعر، والإذاعة والصحافة والتلفزيون.
وكتب هلاوي أكثر من 160 قصيدة، توزعت ما بين أكثر من 30 مغنيا سودانيا، وهو عضو بلجنة النصوص بالمجلس القومي للمصنفات الأدبية، والفنية بالسودان.
وهلاوي، صاحب رصيد من الشعارات البرامجية والمقدمات الدرامية في الإذاعة والتلفزيون آخرها شعار برنامج (هنا السودان). /نهاية الخبر/
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |