أتلانتيك، الولايات المتحدة 8 يونيو 2025 (شينخوا) قبل عامين، زرع المزارع بيل بيليت من ولاية آيوا 50 شجرة جوز من أجل أحفاده. واليوم، لا تزال 49 منها منتصبة بقوة - ليس من أجل الحصاد أو الربح، بل من أجل الإرث.

وقال بيليت لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة حديثة إن "هذا شيء يمكنهم التجول فيه ونقله لمن بعدهم"، مضيفا أنه "تذكير بضرورة الاعتناء بالأرض وبالأشياء التي لا يمكن استرجاعها".

في هذه الرقعة من الأرض الواقعة خارج مدينة أتلانتيك بولاية آيوا، تحدث بيليت بإجلال عن التربة وأشعة الشمس وزقزقة الطيور. لكن خلف هذا الهدوء، ترتبط سبل عيشه بالتجارة العالمية، وخصوصا بتأثير التوترات بين الولايات المتحدة والصين.

وقال وهو يحدق في شمس أواخر الربيع إن "الصين دائما ما كانت شريكا عظيما"، مضيفا "لقد بعنا لهم فول الصويا واللحم البقري والحبوب. لقد كنت هناك. وتحدثت إلى المستهلكين. عندما تلتقيهم وجها لوجه، تدرك أننا لسنا مختلفين إلى هذا الحد".

وتعرضت تلك العلاقة لضغوط في أبريل عندما أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة جديدة من التعريفات الجمركية على شركاء بلاده التجاريين، معيدا بذلك إحياء إستراتيجية متشددة من ولايته الأولى.

وشهد كايل، حفيد بيليت البالغ من العمر 24 عاما، كيف يمكن لسياسة التعريفات الجمركية أن تدفع المزارعين لاتخاذ قرارات سريعة. وقال إن "الذرة بدت أكثر ربحية هذا العام. بعض الأشخاص الذين كانوا يخططون لزراعة فول الصويا غيروا في اللحظة الأخيرة لزراعة الذرة. وهكذا تؤثر السياسات التجارية المتسرعة على القرارات الفعلية".

وأبدى إحباطه من أن عدم اليقين في السياسات غالبا ما يتفوق على دورات الاستثمار، قائلا "يمكنك بناء منشأة لإنتاج الديزل المتجدد في غضون 18 شهرا، لكن حربا تجارية يمكن أن تدمر سوقا في 18 ساعة. هذا التفاوت خطير. فهو يترك الناس في حالة من الفوضى".

كانت الصين في السابق أكبر مشتر لفول الصويا الأمريكي. أما اليوم، وبسبب التعريفات الجمركية جزئيًا، أصبحت تستورد كميات أكبر من البرازيل، وهو تحول كلف المزارعين الأمريكيين المليارات وأضعف من تأثيرهم في السوق العالمية.

وقال بيليت بصراحة "لقد فوتنا فرصة. وإذا لم يصلح السياسيون الأمر، فإن جهة أخرى ستسد هذه الفجوة. والبرازيل بدأت بذلك بالفعل".

وبحلول منتصف مايو، اتفقت الصين والولايات المتحدة على تعليق لمدة 90 يوما. واعتبر بيليت أن ذلك يعد بمثابة شريان حياة هش.

وأوضح أن "الأمر لا يتعلق فقط بالذرة وفول الصويا. بل يتعلق بالثقة"، مضيفا "والثقة لا تأتي من البيانات الصحفية. بل تأتي من الناس عندما يتحاورون مع بعضهم البعض".

ويرى أن العالم يتم تعريفه بشكل متزايد ليس من خلال تحركات القوى العظمى، ولكن من خلال كيفية تواصل المواطنين عبر الحدود.

وقال بيليت "لا نريد تبادل الصواريخ. نريد تبادل الغذاء والقيم والأفكار ومنتجات عقول بعضنا البعض".

وفي المزرعة، يتم استهلاك نحو نصف محصول الذرة الذي يزرعه بيليت كعلف لماشيته -- ما يشكل حاجزا وقائيا ضد تقلبات السوق. وتسهم عملية تربية الماشية الآن بحوالي 30 في المائة من إجمالي دخل المزرعة، وهي تُنقل تدريجيا إلى الجيل التالي.

وأفاد بيليت أن "الشباب لا يملكون رأس المال الكافي للشراء دفعة واحدة، لذا غيرنا طريقة تنظيم الأمور. أبنائي وحفيدي يتحملون مزيدا من المسؤولية عاما بعد عام".

ويعتمد بيليت نظام التناوب بين زراعة الذرة وفول الصويا للحد من الآفات وتقليل استخدام المواد الكيميائية. وتوفر له التربة العميقة والخصبة - التي يصل عمقها إلى ثلاثة أقدام - قدرا من المرونة. وهذا العام، قرر الاستغناء عن استخدام الأسمدة، لكنه لن يتهاون في مكافحة الأعشاب الضارة.

وقال إن "مبيدات الأعشاب ضرورية، ومبيدات الفطريات مجدية أيضا، ولكن فقط إذا كانت الأسعار مناسبة".

وعلى الرغم من الضجيج السياسي، يعتقد بيليت أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن تتحسن من خلال التبادل المباشر.

وهو يؤمن إيمانا عميقا بما يسميه "دبلوماسية التواصل بين الأفراد".

وقال بيليت "عندما نصدر فول الصويا، فإننا لا ننقل محصولا فقط، بل نصدر الثقة والعلم والعمل الجاد - جانبنا من القصة".