share
arabic.china.org.cn | 05. 06. 2025

دور المبادرات الصينية في تعزيز التنمية وصياغة الحوكمة العالمية

arabic.china.org.cn / 10:53:33 2025-06-05

بقلم د.أُنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية

6 يونيو 2025 / شبكة الصين / شهد العالم في السنوات الأخيرة تحولات اقتصادية وسياسية عميقة، برزت خلالها الصين كقوة اقتصادية ذات دور اقتصادي وسياسي هام على المستوى الإقليمي والعالمي. وتسعى الصين إلى تعزيز تعاونها العالمي من خلال عدة إستراتيجيات مع مختلف دول العالم، وذلك على أساس التعاون والحوكمة الشاملة، حيث لعبت مجموعة من المبادرات التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، دورا مهما لتعزيز الاقتصاد الصيني والنمو العالمي وتحقيق تعاون دولي يعود بالنفع على مختلف شعوب العالم، ومن أبرز هذه المبادرات الصينية نذكر مبادرة "الحزام والطريق" ومبادرة التنمية العالمية والالتزام بالحيد الكربوني وكل هذه المبادرات تهدف إلى تحقيق مبدأ "مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية".

تم إطلاق مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013 وهي مشروع ضخم يهدف إلى تعزيز الترابط بين مختلف القارات والدول، من خلال مشاريع كبرى في البنية التحتية والتجارة والاستثمار، كما شملت هذه المبادرة التبادلات الثقافية والشعبية بين الصين ومختلف الدول التي انضمت إلى المبادرة، والتي تعكس فلسفة الرئيس شي في تحقيق تنمية مشتركة قائمة على التعاون بعيدا عن الصراعات والمواجهات. وتهدف المبادرة إلى إقامة شبكة عالمية للتنمية وساهمت في ربط أكثر من 150 منظمة ودولة. وقد نجحت مبادرة "الحزام والطريق" في إقامة أكثر من 3000 مشروع تنموي حتى نهاية العام الماضي، وحققت استثمارات تقترب من ترليون دولار أمريكي، وقد ساهمت هذه المبادرة في تحسين البنية التحتية في الدول النامية، ومن بين أهم المشاريع التي أقامتها الصين في إطار المبادرة هي سكة حديد مومباسا-نيروبي والتي تُعتبر من أهم المشاريع الصينية في إفريقيا، كما ساهمت سكة حديد الصين-لاوس في تعزيز الترابط بين الصين وجنوب شرق آسيا، وساهم الاستثمار الصيني في ميناء بيرايوس في اليونان، في تعزيز الخدمات اللوجستية في أحد أهم الموانئ الأوروبية. كما دعمت مبادرة "الحزام والطريق" قطاع الطاقة في مختلف المناطق، حيث أنشأت الصين العديد من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في عدة دول. وفي إطار مبادرة "الحزام والطريق"، أقامت الصين العديد من المشاريع الصناعية والتكنولوجية مثل المدن الذكية، مع دعم مشاريع الاتصال والبنية التحتية في إطار "الحزام الرقمي".

من بين أهم المبادرات التي أطلقتها الصين أيضا في العصر الجديد، هي مبادرة التنمية العالمية، والتي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر عام 2021، وذلك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتركز على دعم الدول النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتشمل هذه المبادرة ثمانية مجالات رئيسية وهي الحد من الفقر، والأمن الغذائي، والتنمية الرقمية، ومكافحة الجائحة والصحة العامة، والتمويل من أجل التنمية، والتغير المناخي والتنمية الخضراء، والتصنيع والربط الصناعي، والتنمية الشاملة والتي تشمل تمكين المرأة ودعم الشباب وإدماج الفئات الضعيفة والمهمشة وضمان المساواة في الفرص بين جميع شرائح المجتمع. وقد حظت مبادرة التنمية العالمية بدعم من قبل أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية ودعمت أكثر من 200 مشروع في الدول النامية حتى عام 2024. كما تم إنشاء "صندوق التنمية العالمي"، والذي ضخت فيه الصين بنحو ملياري دولار أمريكي. تبرز أهمية هذه المبادرة كونها تسعى إلى إعادة التوازن في النظام العالمي بعيدا عن الأحادية وسياسة الأقطاب والمجموعات الصغيرة. كما تتميز هذه المبادرة أيضا بأنها تستقطب مختلف الدول من خلال مقاربة تشاركية غير مشروطة لا سياسيا ولا اقتصاديا.

تقود الصين بنشاط مبادرتها في الالتزام بالحياد الكربوني، حيث أعلن الرئيس الصيني شي في سبتمبر عام 2020 أن الصين ستصل إلى ذروة الانبعاثات الكربونية قبل عام 2030، ومن خلال هذه المبادرة أعلنت الصين أنها تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني الكامل بحلول عام 2060. وقد حققت الصين العديد من الإنجازات في هذا المجال، إذ تحتل الصين المرتبة الأولى عالميا في إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وقد حققت الصين توسعا كبيرا في الطاقة المتجددة، وهي الأولى عالميا في إنتاج الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات لتخزين الطاقة. كما أنشأت الصين شبكات ضخمة لنقل الكهرباء الخضراء، من خلال شبكات نقل كهرباء ذكية وعالية الجهد تربط مختلف المناطق، وأصبحت الصين أكبر سوق للمركبات التي تعمل بالطاقة المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، أبرزت الصين مجهودات كبيرة للخفض من الاعتماد على الفحم بشكل تدريجي، وأدخلت تقنيات احتجاز الكربون لتقليل الانبعاثات الكربونية. كما طورت التكنولوجيا منخفضة الكربون وتبنت معايير للبناء الأخضر والمدن المستدامة وتعزيز مشاريع التشجير والحفاظ على البيئة. ومن خلال كل ذلك، أبرزت الصين مسؤوليتها كقوة كبيرة في التعاون مع بقية دول العالم لحماية البيئة وتعزيز تنمية عادلة وشاملة والتعاون في مواجهة تغير المناخ.

منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، أدلى الرئيس الصيني شي جين بينغ بسلسلة من التصريحات المهمة بشأن تعزيز الحوكمة العالمية ودفع التغييرات في نظام الحوكمة العالمية، وطرح سلسلة من المبادرات والاقتراحات الرئيسية، مساهما بالحكمة الصينية والحلول والقوة الصينية في إصلاح وتحسين نظام الحوكمة العالمية والتشارك بين مختلف الدول من أجل بناء "مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية". وتُبرز مختلف المبادرات والإستراتيجيات التزام الصين كقوة كبيرة بمسؤولياتها من أجل تحقيق تنمية شاملة مع مختلف الدول، وهذه المبادرات هي ترجمة فعلية لفلسفة الصين والمتمثلة في التعاون بدلا من الصراع والتنمية المشتركة بدلا من الهيمنة. ومع تحقيق المزيد من الإنجازات العالمية للمبادرات الصينية، تضطلع الصين بدور ريادي في التنمية العالمية قائمة على الحوكمة الشاملة متعددة الأطراف وعلى الاحترام المتبادل.


______________

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة

 

 


 


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号