share
arabic.china.org.cn | 03. 06. 2025

مقالة خاصة: "نريد فقط أن نعيش".. أطفال غزة ترهقهم كوابيس الحرب وسط حياة الخيام وأنين الفقدان

arabic.china.org.cn / 09:51:44 2025-06-03

غزة أول يونيو 2025 (شينخوا) في حي تل الهوى المدمر غرب مدينة غزة، اندثرت أحلام الطفل الفلسطيني كمال مهدي تحت قماش خيمة مؤقتة ممزقة، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

يجلس الطفل مهدي (14 عاما) بهدوء على بطانية رطبة، تتجول عيناه يمينا ويسارا وهو يتفحص الشارع المهجور أمامه، كما لو كان يبحث عن نسخة من حياته الماضية التي لم تعد موجودة.

وقال مهدي، بينما كان يلف ذراعيه حول ركبتيه وبالكاد يُسمع صوته، لوكالة أنباء ((شينخوا)): "قبل الحرب، كانت الحياة بسيطة. كنت أستيقظ مبكرا، وأرتدي زيي المدرسي، وأسرع إلى المدرسة. بعد ذلك، كنت ألعب كرة القدم في الزقاق مع الأصدقاء. وفي عطلات نهاية الأسبوع أو العطلات، كنا نجتمع حول جدي... كان يسرد قصصا عن النكبة، وكيف أُجبر شعبنا على ترك دياره عام 1948".

وأضاف بصوت متقطع: "كنت أظن أن هذه مجرد قصص من الماضي. لكنني الآن أعيشها. أعرف معنى فقدان المنزل، والهروب بما تستطيع حمله فقط. أعرف معنى أن تنام وتستيقظ على دوي القنابل والصواريخ والقصف".

تغير المستقبل الذي تخيله مهدي لنفسه في يوم من الأيام، عندما ضرب صاروخ إسرائيلي الحي الذي وُلد وعاش فيه، إيذانا ببداية حرب لا هوادة فيها.

وتذكر الطفل مهدي بحسرة: "لقد هربنا عدة مرات. في كل مرة كنا نترك شيئا ما وراءنا: ألبوم صور، لعبة، دفاتر مدرستي، ذكرياتي، حتى قبر جدي، تركناه وحيدا ولم نستطع أن نودعه قبل الهروب من المكان الذي كنا نعيش فيه".

بجانبه، جلست ابنة عمه كاميليا، البالغة من العمر 10 أعوام، ملتفة على حصيرة بلاستيكية، وأصابعها ممسكة بإحكام بحقيبة مدرسية بالية.

وقالت بصوت مرتجف لـ((شينخوا)): "كنت أحب المدرسة، ورائحة الكتب الجديدة، وكم شعرت بالفخر وأنا أرتدي زيي المدرسي". وتذكرت بعينين حالمتين: "كانت معلمتي دائما تقول إنني أملك صوتا جميلا للقراءة. كنت أحلم أيضا بأن أصبح معلمة".

وأضافت وهي تمسح دموعها بظهر يدها وتنظر إلى سقف الخيمة الممزق: "الآن، حتى الريح تخيفني. أحيانا عندما أسمع هزيز الريح أظن أنها طائرة. أغلق أذني وأنتظر صوت الانفجار". وتابعت بصوت خافت: "قبل الحرب كنا نلعب القفز على المربعات والغميضة. الآن نحن نختبئ خوفا من القصف. لكن لا يوجد مكان آمن للاختباء".

ووضع مهدي ذراعه حول ابن عمه الأصغر، وكان وجهه يحمل مزيجا من الحزن والعزيمة، وقال: "نحن مجرد أطفال، لكن هذه الحرب تُهلكنا. كل يوم، نفقد جزءا من كياننا".

وتابع قائلا: "نحن فقط نريد أن نعيش بأمان وأن نكبر كما يكبر الأطفال حول العالم".

بالنسبة لأطفال غزة، قلبت الحرب حياتهم اليومية رأسا على عقب، واستبدلت الفصول الدراسية بالملاجئ، والضحك بالخوف، حيث قال الطفل كمال: "نحن مجرد أطفال، لكن الحرب جعلتنا كبارا في السن".

منذ بدء الحرب الإسرائيلية واسعة النطاق على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، تسبب القصف الإسرائيلي في دمار واسع النطاق في القطاع.

ووفقا لمكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس، قُتل ما لا يقل عن 17400 طفل، وجُرح عشرات الآلاف، ويعاني الكثير منهم من بتر الأطراف والحروق والصدمات النفسية.

في مخيم النصيرات للاجئين، يعيش عيسى أحمد، البالغ من العمر تسع سنوات، في خيمة على أنقاض منزله. قبل أشهر، بترت غارة جوية ذراعيه. كان طفلا مرحا يعشق الرسم وكرة القدم، وهو الآن يعتمد على والدته في كل مهمة.

وقالت والدته، سارة، في حديثها لـ((شينخوا)): "كان يرسم على جدراننا رسومات للطيور والبحر. أما الآن، فلا يستطيع حتى مسح دموعه".

وأضافت، وهي التي فقدت زوجها في الغارة الجوية نفسها وتكافح لرعاية عيسى وإخوته: "يسألني إن كانت ذراعاه ستنموان مجددا. لا أعرف كيف أجيب. أقول له فقط إنه قوي".

وقال عيسى: "أحلم بأن لديّ ذراعين من جديد. أركض إلى والدتي وتحملني. لكن عندما أستيقظ، أتذكر ما حدث".

مع عدم توفر الأطراف الاصطناعية أو الرعاية النفسية، تعيش الأسرة على المساعدات والدعم من الجيران. لكن التعافي، وخاصةً للأطفال مثل عيسى، لا يزال بعيدا.

وتقف لجين شحادة، البالغة من العمر عشر سنوات، والتي تعيش في مأوى مؤقت في دير البلح، في طابور يومي للحصول على الماء مع والدتها.

وقالت لـ((شينخوا)): "ننام على الأرض. ظهري يؤلمني. قدماي باردتان. أفتقد سريري ومدرستي".

لا يواجه الأطفال الآن النزوح والإصابة فحسب، بل يواجهون أيضا انهيار نظام التعليم في غزة.

فقد صرح وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني، أمجد برهم، لـ((شينخوا)) بأن أكثر من 95% من المدارس في غزة مغلقة الآن، مشيرا إلى أنه "توجد بعض البدائل التعليمية، ولكن مع انعدام الكهرباء والأمان، لا يستطيع معظم الأطفال الدراسة".

ووفقا لمنظمات مناصرة حقوق الأطفال، تسبب الصراع في أزمة صحة نفسية بين شباب غزة، وتشمل الأعراض: الاكتئاب، القلق، واضطرابات النوم. ويكتب بعض الأطفال أسماءهم على أيديهم خوفا من الموت دون أن تعرف هويتهم.

من جانبها، قالت روان غياضة، أخصائية نفسية من غزة: "الصدمة هنا عميقة. يعاني الأطفال من ضغوط نفسية مزمنة، واضطراب ما بعد الصدمة، وانطواء اجتماعي. وقد توقف بعضهم عن الكلام تماما، ويصرخ آخرون أثناء نومهم".

وأضافت: "هؤلاء الأطفال يريدون ما يريده أي طفل: الشعور بالأمان، والذهاب إلى المدرسة، واللعب. لكنهم حُرموا من هذه الفرصة".

في جميع أنحاء غزة، لا تزال العائلات تبحث عن الضروريات الأساسية، من ماء وطعام ودواء، وسط دمار البنية التحتية ومحدودية الوصول الإنساني. وتعيش العائلات النازحة في ملاجئ مكتظة أو خيام مؤقتة، وكثير منها معرض لعوامل الطقس.

وتقول الأمم المتحدة إن الأطفال يشكلون أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. ومع استمرار الحرب، لا تزال آمال العودة الآمنة إلى الحياة الطبيعية غير مؤكدة. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号