القاهرة 2 يونيو 2025 (شينخوا) انتهت الجولة الثانية من المفاوضات الروسية والأوكرانية اليوم (الإثنين) في اسطنبول باتفاق على أكبر عملية تبادل أسرى بين الجانبين.

وأجريت الجولة، التي انطلقت في تمام الساعة 14:45 بالتوقيت المحلي، على مدار أكثر من ساعة في قصر تشيراغان الواقع على الجانب الأوروبي من المدينة، بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.

وترأس الوفد الأوكراني خلال الاجتماع وزير الدفاع رستم عمروف، في حين ترأس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي مساعد الرئيس الروسي.

وفي 15 و16 مايو الماضي، استضافت اسطنبول جولة أولى من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، انتهت بالتوصل إلى اتفاق على تبادل ألفي أسير بين البلدين.

-- نتائج إنسانية ملموسة

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن الهدف الأساسي لمفاوضات اسطنبول هو تحقيق سلام مستدام بين روسيا وأوكرانيا.

وأوضح فيدان، في كلمة ألقاها في مستهل الاجتماع الثلاثي التركي الروسي الأوكراني، أن السلام بين موسكو وكييف سيساهم في حل العديد من القضايا العالمية مثل أمن الطاقة والغذاء والنقل، بحسب وكالة الأنباء التركية (الأناضول).

وأكد الوزير التركي، استعداد بلاده لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة لتيسير المفاوضات بين الجانبين، وأشار إلى استمرار المفاوضات بناء على الإرادة المشتركة لقادة الدول الثلاث.

وتابع أن الرئيس رجب طيب أردوغان يتواصل بشكل مستمر مع نظيريه الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين، ويبذل قصارى جهده لدفع المفاوضات نحو الأمام.

وأشاد فيدان بالنهج البناء والنتائج التي تمخضت عن الجولة الأولى من المفاوضات، وقال "لقد اتخذت الأطراف خطوات مهمة لتنفيذ القرارات المتخذة في الاجتماع الأول، وتم تبادل 1000 أسير من كل طرف في وقت قصير، وحدد الطرفان موقفهما من وقف إطلاق النار والخطوات اللاحقة كما وعدا".

وأكد فيدان أن الهدف من اجتماع اليوم هو متابعة تقييم شروط وتصورات البلدين بخصوص وقف إطلاق النار، وتعزيز عملية تبادل الأسرى ومناقشة التحضيرات اللازمة لاجتماع القادة.

ولفت إلى أن تركيا تتقاسم نفس الجغرافيا مع روسيا وأكرانيا، وأشار إلى وجود روابط تاريخية وثقافية واقتصادية وسياسية تربطها مع البلدين، مؤكدا أن ثقتهما تجاه أنقرة لا تقدر بثمن.

وأعرب عن ثقته بأن روسيا وأوكرانيا ستستغلان هذه الفرصة إلى أقصى حد، وستحققان نتائج ملموسة تقرب السلام خطوة أخرى.

وفي أعقاب المحادثات، صرح وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، الذي ترأس الوفد الأوكراني، في مؤتمر صحفي بأن الجانبين توصلا إلى نتائج إنسانية ملموسة في المحادثات.

وأضاف عمروف للصحفيين، "اتفقنا على تبادل أسرى الحرب المصابين بجروح خطيرة والمرضى، على أساس الكل مقابل الكل، والجنود الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما، كما اتفقنا على أن يعيد كل طرف 6000 جثة لجنود سقطوا في المعارك".

-- أكبر عملية تبادل أسرى

وأعلن رئيس الوفد الروسي في مفاوضات اسطنبول فلاديمير ميدينسكي، أن موسكو وكييف اتفقتا على تنفيذ عملية تبادل أسرى جديدة كبيرة خلال المفاوضات في تركيا.

وقال في مؤتمر صحفي عقب انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات، "اتفقنا على تبادل أوسع نطاقا للأسرى"، لافتا إلى أن الحد الأقصى للتبادل بين روسيا وأوكرانيا لن يقل عن 1000 شخص وربما أكثر، بحسب الموقع الإلكتروني لقناة (آر تي) الروسية الحكومية.

وأضاف ميدينسكي، أنه "سيتم تبادل المرضى والمصابين بجروح خطيرة وفق مبدأ الكل مقابل الكل، كما سيتم تبادل المقاتلين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما وفقا لنفس صيغة الكل مقابل الكل".

وتابع "اتفقنا على إنشاء لجان طبية دائمة، وبناء على نتائجها، سيضع الطرفان، دون انتظار قرارات سياسية حاسمة، قوائم لتبادل الجنود المصابين بجروح خطيرة، وستجري عمليات التبادل هذه بانتظام وبترتيب عالي المستوى".

وأكد أن موسكو ستسلم جثثا لجنود أوكرانيين قتلى، وقال: "أولا، سنسلم من جانب واحد 6 آلاف جثة مجمدة لجنود أوكرانيين قتلى إلى الجانب الأوكراني، وهذه الجثث كانت محفوظة لدينا"، مشيرا إلى أنه تم تحديد هوية جميع جثث الجنود الذين سيتم تسليمهم.

وأشار ميدينسكي، إلى أن "روسيا عرضت على أوكرانيا وقفا ملموسا لإطلاق النار لمدة يومين أو ثلاثة أيام في أجزاء معينة من الجبهة لانتشال الجثث".

وأوضح أن "الجيش الأوكراني وعد بإعداد مقترح لوقف إطلاق النار في مناطق معينة في المستقبل القريب".

-- مذكرة تفاهم بشأن التسوية

وإلى جانب الاتفاق على تبادل الأسرى، أفاد ميدينسكي بأن روسيا سلمت أوكرانيا مسودة مذكرة تفاهم بشأن التسوية خلال المفاوضات في اسطنبول، مشيرا إلى أن مذكرة الجانب الروسي مفصلة ومعدة جيدا، بحسب وكالة (سبوتنيك) الروسية.

وأوضح أن الجانب الأوكراني سيدرس مذكرة التفاهم وسيرد عليها، مشيرا إلى أن المذكرة تتألف من جزئين، الأول يتناول كيفية تحقيق سلام حقيقي طويل الأمد، والثاني يتناول الخطوات اللازمة لتحقيق وقف إطلاق نار شامل.

وأعرب ميدينسكي، عن رضا الوفد الروسي عن نتائج الجولة الثانية من المفاوضات مع أوكرانيا.

في حين اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن انعقاد المفاوضات الروسية الأوكرانية في اسطنبول رغم التصعيد العسكري الأخير "نجاح مهم في حد ذاته".

وعبر أردوغان، في خطاب متلفز عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي، عن أمله في الجمع بين نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي باسطنبول أو أنقرة، وضم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اللقاء.

-- لماذا تركيا؟

وأرجع المحلل السياسي الدكتور مختار غباشي استضافة تركيا للمباحثات بين روسيا وأوكرانيا إلى كونها "محل ثقة الطرفين".

وقال غباشي، الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات، ومقره مصر، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن تركيا سبق أن توسطت في العام 2022 بين روسيا وأوكرانيا، ونجحت جهودها في الوصول إلى اتفاق لتصدير الحبوب الأوكرانية.

وأضاف أن تركيا "مرحب بها كوسيط من قبل الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية"، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع أن تركيا تحاول خلال هذه المفاوضات تقريب وجهات النظر، خصوصا أن الجولة الثانية "صعبة جدا"، لاسيما أنها جاءت بعد تصعيد عسكري بين الطرفين الأوكراني والروسي.

وتوقع غباشي، أن يتم عقد لقاء بين ترامب وبوتين وزيلينسكي في إطار المفاوضات الخاصة بالأزمة الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى أن واشنطن تسعى إلي ذلك.