تشانغشا 27 مايو 2025 (شينخوا) في شارع مزدحم بمدينة تشانغشا، حاضرة مقاطعة هونان بوسط الصين، يعج مقهى بالنشاط حيث يتوالى خروج قسائم الطلبات من الآلة ويمتد صف من الزبائن نحو الباب.

وما يلفت انتباه الناس أكثر ليس إطلاق المنتجات الجديدة، بل الحمار الوحشي فوق المنضدة. للوهلة الأولى، يبدو شعارا بسيطا مستوحى من الطبيعة، لكن خطوطه تروي قصة من بعيد.

في عام 2018، زار جينغ جيان هوا، مؤسس العلامة التجارية للقهوة "أون ماستر"، أوغندا لأول مرة ضمن وفد حكومي من مقاطعة هونان.

وما إن خرج من مبنى المطار، حتى أذهل جينغ بالتناقض الواضح بين السماء الزرقاء والغيوم البيضاء الممتدة في الأفق. ولكن لم يكن هذا المنظر هو ما ترك انطباعا دائما لديه، "بل صبي صغير يرتدي قميصا مخططا بخطوط حمار وحشي، يطل بفضول من خلف كوخ عشبي"، حسبما ذكر جينغ.

وفي ذلك الوقت، اكتشف جينغ أنه بعد 19 عاما من العمل في صناعة القهوة، لم يكن ثمة أي شيء قد أهَّله لما رآه. فهذه الأرض تعتبر مهدا من مهود القهوة، حيث يعيش مزارعو حبوب البن في فقر، بعيدا عن الرخاء الذي ساهمت محاصيلهم في تحقيقه في أجزاء أخرى من العالم.

وظلت تلك اللحظة عالقة في ذهن جينغ. وأصبحت رمزا ووعدا، وفي النهاية علامة تجارية. ومنذ تلك اللحظة، وضع هدفا واضحا يتمثل في تقديم قهوة أفريقية عالية الجودة للمستهلكين الصينيين ومساعدة مزارعي حبوب البن الأفارقة على تحسين حياتهم من خلال الوصول إلى السوق الصينية.

وكان زخم التجارة الصينية-الأفريقية يتزايد في هونان. وقد منحت منصات مثل المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني-الأفريقي ومنطقة التجارة الحرة المحلية أجنحة لرؤية جينغ. وافتتحت "أون ماستر" حاليا ما يقرب من 100 مقهى، وهي معروفة بنكهاتها المميزة وأسعارها المعقولة.

وصرح جينغ بأنه بفضل سياسة الإعفاء الجمركي التي تنتهجها الصين، انخفضت تكلفة استيراد حبوب البن، ومن ثم فإنه يعمل على جعل القهوة جزءا من الحياة اليومية بأسعار معقولة.

وأصبحت "أون ماستر" الآن علامة تجارية معروفة في مختلف أنحاء الصين. ومع ذلك، بالنسبة لجينغ، هذه ليست سوى البداية. وقال إن هذا العام يصادف العام الـ26 له في مجال القهوة، وما زال مستمرا.

وتقف العلامة التجارية حاليا عند ملتقى التقاليد والتكنولوجيا. وأوضح جينغ أنه في الأسواق غالبا ما تبرد القهوة الساخنة أثناء التوصيل، لذا بدأ في استكشاف حلول من شأنها أن توصل آلة القهوة مباشرة إلى العميل.

وفي عام 2022، دخلت العلامة التجارية مجال القهوة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهو مجال لا يزال ناشئا في الصين. لم يكن الطريق ممهدا، بل مليئا بالعديد من التحديات والنكسات.

وعلى مدار ثلاث سنوات، وبدعم من خبراء من جامعة هونان والجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع وخبراء الصناعة، ثابر جينغ وفريقه على بذل الجهود لتطوير آلة قهوة تعمل بالذكاء الاصطناعي، ما قلل وقت الانتظار إلى أقل من دقيقة مع تقديم قهوة عالية الجودة باستمرار في كل فنجان.

وبفضل أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة التي تحسن خط الإنتاج لديها، تقدم "أون ماستر" أكثر من مجرد فنجان من القهوة، حيث تسرد تفسيرا عصريا للعلاقة الراسخة بين الصين وأفريقيا.

وقال جينغ إنه بالنظر إلى المستقبل، يأمل ألا تصبح الصين محركا رئيسيا للنمو في سوق القهوة العالمية فحسب، بل أن تضطلع أيضا بدور رائد في تطوير هذه الصناعة، مضيفا أنه يهدف إلى تعزيز العلاقات مع مزارعي حبوب البن الأفارقة من خلال تبادل التكنولوجيا والخبرات المشتركة لتحسين جودة القهوة.

وأوضح أن هدفه "البسيط" يتمثل في ضمان أن يجسد كل فنجان النكهة الفريدة للقهوة الأفريقية. ويعتزم جينغ أيضا تعزيز الوعي بالعلامة التجارية والترويج لها. وقال إنه من خلال الجمع بين الجهود على شبكة الانترنت وخارجها، يهدف إلى تعميق فهم المستهلكين وتقديرهم للقهوة الأفريقية، إضافة إلى تعريف المزيد منهم بسحرها الغني والعطري.

وأكد جينغ أنه لم تتزعزع نيته الأصلية أبدا، ولطالما كان هدفه تحسين حياة 30 مليون مزارع لحبوب البن في أفريقيا وجعل عالمهم أفضل من خلال سوق القهوة الصينية النابضة بالحياة، مضيفا أنه يأمل أيضا إنشاء مدرسة للقهوة في أفريقيا حيث يمكن للمزارعين تعلم زراعة حبوب البن وإتقان فن صناعتها وحتى تذوق ثمار عملهم.

ومن قميص بخطوط حمار وحشي في أوغندا إلى فنجان القهوة الساخنة في جميع أنحاء الصين، استخدم جينغ قوة الأعمال التجارية لنسج رابط حميم بين الصين وأفريقيا.

وقال جينغ إنه "في عصر تواجه فيه العولمة تحديات متزايدة، ربما هذا هو بالضبط النوع الذي نحتاجه من فنجان قهوة دافئ وذي معنى".