arabic.china.org.cn | 19. 05. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم: هلال تشانغ
القاهرة 18 مايو 2025 (شينخوا) في مدينة القيروان التاريخية التي تبعد نحو 155 كيلومترا جنوب العاصمة تونس، تقف صفوف من الهياكل الداعمة لألواح الطاقة الكهروضوئية لتشكل "غابة فولاذية" على الأراضي الصحراوية، مما يضيف بيئة تنمية حديثة ومنخفضة الكربون وخضراء في هذه المدينة القديمة المشمسة.
وتمثل "الغابة الفولاذية" التي تغطي مساحة تبلغ نحو 200 هكتار، جانبا من مشروع القيروان للطاقة الكهروضوئية قيد الإنشاء بقدرة 100 ميغاوات، والذي يعد الأكبر من نوعه في تونس.
ويجري تنفيذ المشروع من قبل شركتين صينيتين بالاشتراك، وهما شركة تيانجين المحدودة لإنشاءات الطاقة الكهربائية التابعة لمجموعة هندسة الطاقة الصينية، وشركة معهد شمال غرب المحدودة لتصميم الطاقة الكهربائية التابعة مجموعة استشارات هندسة الطاقة الصينية.
كما ستتولى الشركتان تشغيل المشروع وصيانته.
وبعد اكتمال بناء المشروع، والذي من المتوقع أن يتم في أكتوبر من العام الجاري، يمكن تشغيله لمدة 25 عاما، حيث يستطيع توليد 5.5 مليار كيلووات ساعة من الكهرباء، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 5 ملايين طن، وهو ما يعادل زراعة 12 مليون شجرة في الصحراء الكبرى.
وفي موقع بناء المشروع، عمل مئات الموظفين الصينيين والتونسيين تحت أشعة الشمس الحارقة، حيث قاموا بضبط زاوية ميل الهياكل الداعمة للألواح الكهروضوئية بدقة تصل إلى مستوى المليمتر، لضمان قدرة كل لوحة كهروضوئية على تلقي الضوء بالزاوية المثلى.
وأثناء توجيه الفنيين التونسيين لأعمال تركيب المعدات، قال مهندس صيني إن "هذه المعدات قادرة على تتبع نقطة الطاقة القصوى تلقائيا، مما يحسن بشكل كبير من كفاءة توليد الكهرباء".
وقال مدير المشروع من شركة تيانجين المحدودة لإنشاءات الطاقة الكهربائية شيوي تشي يونغ لمراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) إن المشروع أدخل عددا من التقنيات الصينية، ويوفر الخبرة الصينية لشبكة الكهرباء في تونس للوصول إلى نسبة عالية من الطاقة المتجددة وتعزيز التحول الذكي لهذه الشبكة.
وأشار شيوي إلى أن المشروع درب أكثر من 300 موظف فني وإداري محلي، وترجم معايير صناعة الطاقة الكهروضوئية الصينية إلى اللغتين الفرنسية والعربية للترويج لها، في سبيل غرس "بذور" المواهب والمعايير لتطوير الطاقة الجديدة في تونس.
وبعد مرور عام على انضمامه إلى المشروع، قال مفتش سلامة المشروع حسام نفتي "لم تقع أي حوادث كبرى منذ بدء المشروع، وهو أمر غير مسبوق في حياتي المهنية".
وأضاف نفتي أن النظام الذكي للمشروع والتدريب الأسبوعي مكنه من إتقان مهارات خاصة بإدارة مخاطر مشاريع الطاقة الكهروضوئية.
من جهتها، أشارت مديرة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس بدرة قعلول إلى الحاجة الملحة لتونس لتطوير الطاقة المتجددة في حالة نقص الطاقة وعدم استقرار إمدادات الكهرباء في البلاد.
وقالت بدرة إن المزايا التكنولوجية وخبرة البناء التي تكتسبها الصين في مجال الطاقة الجديدة هي "المفتاح الذهبي" لمساعدة تونس في حل معضلة الطاقة لديها، معربة عن تطلعها إلى تعزيز التعاون بين الجانبين بشكل أكبر في هذا المجال.
وتتمتع دول شمال إفريقيا بمناخ دائم الإشعاع الشمسي مع وفرة الرياح عند سواحلها، مما يجعلها أكثر قابلية لتطوير الطاقة المتجددة، لكنها لطالما اعتمدت بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري.
ومع تسارع تحول الهيكل العالمي للطاقة نحو اتجاهات خضراء ومنخفضة الكربون ومتنوعة ومستدامة، بدأت كل من تونس والجزائر والمغرب، تولي أهمية كبيرة لتطوير الطاقة النظيفة خلال السنوات الماضية، لتحدد بالإجماع عام 2030 كنقطة محورية لتحول الطاقة.
وتخطط تونس لزيادة نسبة الكهرباء المنتجة من الطاقة الجديدة إلى 30 بالمائة من إجمالي الكهرباء في البلاد بحلول عام 2030، وتتطلع الجزائر إلى تلبية 40 بالمائة من الطلب المحلي على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام نفسه، بينما يعتزم المغرب زيادة نسبة القدرة المركبة للطاقة المتجددة في إجمالي قدرة توليد الكهرباء في البلاد إلى 52 بالمائة.
وفي إطار البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق ومنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، لعبت الشركات الصينية، دورا مهما في ضخ زخم قوي في التنمية الخضراء بالدول الثلاث المذكورة، إذ تمكنت من تشييد عدد من محطات الطاقة الكهروضوئية في هذه الدول استنادا إلى التقنيات المتقدمة والإدارة العلمية والشعور بالمسؤولية.
وفي المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية بولاية المغير جنوب الجزائر، دفعت الشركات الصينية بعمق صفوفا من الأعمدة الفولاذية المستخدمة كهياكل داعمة لوضع ألواح الطاقة الكهروضوئية بواسطة آلات بناء، لتبدو من مسافة بعيدة، وكأنها غابة فولاذية رمادية تغطي مساحة واسعة.
وكان أكثر من مائة موظف صيني وجزائري يباشرون عملهم بين الأعمدة وهم يرتدون سترات برتقالية وخوذات بيضاء ويتعاونون بشكل وثيق، بينما يتألق الجزء العلوي العاكس للأعمدة تحت ضوء الشمس.
وضمن خطة تطوير الطاقة الكهروضوئية بقدرة 2 غيغاوات، التي أطلقتها الحكومة الجزائرية عام 2023، بدأ تشييد مشروع محطة توليد الكهرباء بالطاقة الكهروضوئية بقدرة 200 ميغاوات في تندلة بولاية المغير، الذي ينفذه فرع الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية (CSCEC) في الجزائر، منذ مارس 2024، مما وفر نحو 500 فرصة عمل محليا.
وفي معرض إشارته إلى وجود مشروع آخر يبنيه فرع الشركة المذكورة لمحطة توليد الكهرباء بالطاقة الكهروضوئية بقدرة 300 ميغاوات في ولاية الوادي المجاورة للمغير، قال المهندس الصيني بالشركة هان بوه إنه بعد تشغيل المحطتين بالكامل، من المتوقع أن تولدا نحو 850 مليون كيلووات ساعة من الكهرباء في السنة، وهو ما يعادل توفير نحو 205 آلاف طن من مكافئ النفط وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 550 ألف طن سنويا.
وأضاف هان "هذا لن يساعد الجزائر على تحقيق أهدافها المتمثلة في تطوير الطاقة النظيفة والتنمية المتوازنة لولاياتها فحسب، بل يوفر أيضا دعما قويا لوفاء البلاد بالتزاماتها المتعلقة بالمناخ".
ولفت المهندس الجزائري المسؤول عن الصحة والسلامة والبيئة في المشروع وليد ياسين إلى العديد من تحديات العمل في الصحراء كارتفاع درجة الحرارة والعواصف الرملية، مبديا إعجابه بمستوى إدارة السلامة ودقة التركيب المطلوبة للوحدات الكهروضوئية لدى المشروع.
وتابع قائلا "لقد شاركت في عدد غير قليل من مشاريع البنية التحتية والصناعة، ولم أدرك أهمية التنمية المستدامة إلا خلال هذا المشروع، ويمكنني المساهمة في مستقبل أنظف لبلدي هنا".
وبالإضافة إلى كونها مطورة للطاقة المتجددة في دول شمال إفريقيا، تبادر الشركات الصينية أيضا في شراء الكهرباء الخضراء، ما أسهم في مساعدة هذه الدول على إنشاء حلقة مغلقة لسلسلة صناعية متكاملة من توليد الكهرباء بمصادر الطاقة المتجددة إلى استهلاكها.
وتعد المجموعة الصينية ((سيتيك ديكاستال))، المتخصصة في إنتاج قطع غيار السيارات من الألومنيوم، إحدى أبرز الشركات المستهلكة للكهرباء الخضراء.
وفي مصنع ((سيتيك ديكاستال))، الواقع في المنطقة الحرة الأطلسية بمدينة القنيطرة الساحلية شمال غرب المغرب، ينهمك العمال في تشغيل معدات حديثة بدقة وانتظام.
ووسط ضجيج الآلات، تُصهر سبائك الألومنيوم وتُشكّل وتُعالج وتُطلى لتتحول في نهاية المطاف إلى عجلات معدنية لامعة جاهزة للطرح في الأسواق.
ويهدف هذا المصنع الذكي الحديث إلى بناء مصنع قياسي أخضر ومنخفض الكربون في القارة الإفريقية، وذلك من خلال إجراءات تضم استخدام الكهرباء الخضراء بنسبة 100 بالمائة.
ويعتبر المصنع أول "منارة صناعية" في إفريقيا معتمدا من قبل شبكة المنارات العالمية التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، وهي شبكة تكرّم المنشآت الصناعية المتقدمة على مستوى العالم.
وقال نائب رئيس مصنع ((سيتيك ديكاستال)) تشو هونغ جي لمراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الشهادات الشهرية خير دليل على أن المصنع هو الوحيد في هذه المنطقة الحرة الذي يشتري 100 بالمائة من الكهرباء الخضراء بشكل مباشر"، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يساعد في خفض انبعاثات الكربون بنحو 96 ألف طن سنويا".
علاوة على ذلك، شاركت ((سيتيك ديكاستال)) أيضا مع المعهد المغربي للتقييس (إيمانور) في إعداد المعايير الوطنية المغربية لسلسلة الإمداد الخضراء وبناء المصانع الخالية من الكربون، لتعزيز التحول الأخضر للصناعات المحلية. وفي يوليو عام 2024، فاز المصنع بجائزة إزالة الكربون والصناعة النظيفة المغربية.
ويشعر الثلاثيني عبد الكريم بالفخر لتمكنه من العمل في مصنع يتمتع بالتكنولوجيا المتقدمة ويهتم بالتنمية الخضراء.
وقال عبدالكريم، والذي تمت ترقيته ثلاث مرات خلال 7 سنوات بعد انضمامه إلى مصنع ((سيتيك ديكاستال))، "كلما مررت بمحل بيع أو إصلاح السيارات، أتباهى دائما أمام الموظفين: قد تكون قطع غيار السيارات هذه من صنع يدي".
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |