طرابلس 14 مايو 2025 (شينخوا) اندلعت اليوم (الأربعاء) اشتباكات عنيفة بين تشكيلات مسلحة متنافسة وسط العاصمة الليبية طرابلس التي تشهد منذ يوم الإثنين الماضي توترا أمنيا في أعقاب مقتل عبد الغني الككلي المعروف بـاسم "غنيوة"، الذي يرأس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي.

وقالت وسائل إعلام ليبية محلية "إن هذه الاشتباكات العنيفة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكذلك أيضا الثقيلة على طول طريق الغيران السياحي في العاصمة طرابلس".

وتداول ناشطون ليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر سقوط قذائف عشوائية على منازل المواطنين بالمنطقة، وأخرى تُشير إلى تحرك قوة مشتركة من إدارة إنفاذ القانون التابعة للإدارة العامة للعمليات الأمنية، مدعومة بدوريات شرطة النجدة، إلى نقاط التماس داخل العاصمة طرابلس، في مسعى لتثبيت وقف إطلاق النار ومحاولة فرض التهدئة ميدانيا.

وتزامن ذلك مع إعلان وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بدء تنفيذ خطة لوقف إطلاق النار في جميع محاور التوتر داخل العاصمة طرابلس، تندرج في إطار الحرص على حماية المدنيين والحفاظ على مؤسسات الدولة وتجنيب العاصمة مزيداً من التصعيد.

ودعت وزارة الدفاع في بيان نشرته اليوم وكالة الأنباء الليبية (وال)، جميع الأطراف إلى "الالتزام بوقف إطلاق النار، والابتعاد عن التصريحات التحريضية أو أي تحركات ميدانية من شأنها إعادة التوتر".

وأكدت أن القوات النظامية "باشرت بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التهدئة، بما في ذلك نشر وحدات محايدة في عدد من نقاط التماس لضمان استقرار الوضع ومنع أي احتكاك ميداني".

وشددت على أن "وحدة الصف وتعزيز سلطة القانون وتفكيك مظاهر التسلح العشوائي ستظل أولوية ثابتة، ولن يُسمح بفرض أي واقع بقوة السلاح أو خارج الأطر الرسمية".

ولم تذكر المصادر الليبية الأطراف المشاركة في هذه الاشتباكات، علما وأن العاصمة الليبية شهدت مساء أمس الثلاثاء مناوشات مسلحة بين قوات "اللواء 444 قتال" التابع لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وقوات "جهاز الردع" الذي يتخذ من قاعدة معيتيقة الجوية مقرا له.

ويقود قوات "اللواء 444 قتال" محمود حمزة، بينما يقود قوات "جهاز الردع" عبد الرؤوف كارة.

وشملت تلك المناوشات البوابة الشرقية للعاصمة طرابلس على مستوى منطقة السبعة، بالإضافة إلى البوابة الغربية التي تشمل المنطقة السياحية، إلى جانب أحياء عين زارة جنوبا.

وبدأ توتر الوضع الأمني في العاصمة يوم الإثنين الماضي، في أعقاب مقتل رئيس "جهاز دعم الاستقرار"، عبد الغني الككلي المعروف باسم "غنيوة"، واقتحام عدد من مقراته والسيطرة عليها من قبل "اللواء 444" مسنودا بـ" الكتيبة 111"، التي يقودها وكيل وزارة الدفاع بحكومة الدبيبة، عبدالسلام الزوبي.

ثم ساد بعد ذلك هدوء حذر وسط العاصمة طرابلس، لكنه لم يصمد طويلا، حيث انفجر الوضع الأمني من جديد في أعقاب صدور قرار من حكومة الدبيبة بـ "حل جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة".

يشار إلى أن هذه التطورات تأتي بعد اشتباكات متفرقة شهدتها عدة مدن في الغرب الليبي، منها الخمس والزاوية، اللتان شهدتا اشتباكات عنيفة بين "القوة المشتركة مصراتة" و" جهاز دعم الاستقرار"، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، إضافة إلى تدمير ممتلكات عامة وخاصة.

وكانت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد دعت أمس جميع المواطنين في مناطق العاصمة طرابلس إلى "ضرورة الالتزام بالبقاء في منازلهم، وعدم الخروج، وذلك حفاظاً على سلامتهم".

وكان المجلس الأعلى للدولة الليبية أعرب في بيان رسمي أمس عن بالغ قلقه إزاء التوترات الأمنية التي تشهدها العاصمة طرابلس، محذرا في الوقت نفسه من خطورة التحشيد العسكري، وما يمثله من تهديد مباشر لأمن المواطنين.

وقال المجلس الأعلى إن العاصمة طرابلس سبق وأن عانت من جولات عنف سابقة خلفت آثارا اقتصادية واجتماعية وأمنية عميقة، مشددا على ضرورة تجنب العودة إلى هذا المسار، لما له من تداعيات على مستقبل البلاد.

ودعا في المقابل، القائد العام للجيش ووزير الدفاع ورئيس الأركان العامة إلى ضرورة تحمل مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية، والتحرك على عجل لمنع أي تصعيد.

وتعاني ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في العام 2011 من الفوضى والانقسامات السياسية التي تعمقت بوجود حكومتين، إحداهما تحظى باعتراف دولي، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس، وتدير منها غرب البلاد بالكامل.

أما الحكومة الثانية فكلفها مجلس النواب (البرلمان)، وهي برئاسة أسامة حماد، ومقرها في بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في جنوب البلاد.