share
arabic.china.org.cn | 14. 05. 2025

المباحثات التجارية الصينية الأمريكية تضخ الثقة في الاقتصاد العالمي

arabic.china.org.cn / 17:16:25 2025-05-14

14 مايو 2025 / شبكة الصين / جذبت المباحثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة التي عُقدت ما بين 10 و11 مايو الجاري بجنيف، اهتماما دوليا واسع النطاق. فبعد جهود مشتركة من الجانبين، توصلا إلى مجموعة من الاتفاقات وأحرزا أوجه تقدم جوهرية بعد تواصلهم بشكل صريح ومعمق وبناء في شتى المجالات، في خطوة أولى نحو تسوية الخلافات عبر الحوار والتشاور على قدم المساواة، مما وضع الأساس وهيأ الظروف لردم الخلافات وتعميق التعاون على نحو متزايد.

ولا تتمتع العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة بأهمية بالغة بوصفهما أكبر اقتصادين في العالم فحسب، بل تتحلى كذلك بتأثير كبير على استقرار الاقتصاد العالمي ونموه، إذ يجاوز حجم اقتصاديهما ثُلث الإجمالي العالمي، ويشكل حجم التبادل التجاري بين الطرفين نحو خُمس الإجمالي العالمي.

وفي ظل تعثر التعافي الاقتصادي العالمي وكثرة الصراعات الجيوسياسية، من الجلي أن الحفاظ على قنوات التواصل المفتوحة بين الصين والولايات المتحدة يتحلى بأهمية بالغة. وعودة أكبر اقتصادين في العالم إلى طاولة التفاوض بحد ذاتها تمثل إشارة إيجابية للمجتمع الدولي.

وتعد مباحثات جينف بين البلدين وتحقيقها تقدم جوهري تجربة مهمة للجانبين الصيني والأمريكي، حيث يسعيان لإدارة الخلافات بينهما والبحث عن أرضية مشتركة للتوافق في ظل الأوضاع الاقتصادية الدولية المعقدة. وقد اتفق الجانبان على إنشاء آليات للتشاور التجاري والاقتصادي، وأشادت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو-إيويلا بأن المباحثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة حققت نتائج إيجابية، ووصفتها بالخطوة المهمة إلى الأمام.

واستعراضا لما حدث في الشهر الماضي، تسببت حرب الرسوم الجمركية التي شنتها الولايات المتحدة بشكل أحادي في صدمات شديدة للاقتصاد العالمي، وخاصةً اقتصادي الصين والولايات المتحدة. ويُعتبر المستهلكون والشركات الأمريكية أول من تحمل التكلفة الإضافية الناجمة عن تلك الحرب، في حين شهدت سلاسل التوريد في عدة قطاعات تشويشا بالتزامن مع تصاعد ضغوط التضخم.

وعلى نطاق أوسع، لم تشوش حرب الرسوم الجمركية هذه على استقرار سلاسل الصناعة والتوريد فحسب، بل قوضت النظام التجاري المتعدد الأطراف القائم على القواعد، وفاقمت مخاطر التراجع الاقتصادي العالمي. وقد حذرت منظمات دولية، بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مرارا وتكرارا من أن الحمائية تشكل أحد أهم التهديدات التي تواجه التعافي الاقتصادي العالمي. وأسهمت هذه المباحثات في تبديد الغيوم التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي الواقع في مفترق الطرق.

وبرهنت هذه المباحثات التي أحرزت نتائج إيجابية مجددا على أن الحوار على قدم المساواة ينبغي أن يكون نهجا أساسيا للدول الكبرى لحل المشاكل بينها. ومن الطبيعي أن توجد خلافات بين الصين والولايات المتحدة، بحكم تباينهما من حيث ظروف الدولة. وتكمن ناصية الأمر في إيجاد طريق لتسوية المشاكل بشكل لائق على أساس احترامهما المصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية للجانب الآخر.

ومن خلال آليات الحوار على قدم المساواة، يمكن لكل من الجانبين الصيني والأمريكي إبداء مواقف واضحة تجاه القضايا الرئيسية التي تهمهما، وإظهار الحقائق المعنية بها، وشرح أسباب الهموم الناجمة عنها، وإجراء النقاش حول الأسباب التي تؤدي إليها، والتشاور حول الحلول المحتملة.

ويجب حل التحديات المترتبة على مسار التنمية من خلال التنمية، فلا تعُد الصعوبات التي نشأت على المدى القصيرة إشكاليات مزعجة في حال قراءتها بنظرة متوسطة وبعيدة المدى.

وفي الحقيقة فإن جميع الدول لن تتخلى عن مصالحها التنموية المعقولة للتملق إلى دول أخرى وتلبية مطالبها غير المعقولة، ولكن ذلك لا يمنع الدول من إيجاد حل محتمل للمشاكل عبر الحوار على قدم المساواة.

وسبب جوهري وراء قدرة الجانبين الصيني والأمريكي على التوصل إلى مجموعة اتفاقات، وهو طبيعة العلاقات التجارية والاقتصادية الصينية الأمريكية التي تتصف بالمنفعة المتبادلة والفوز المشترك. فعلى مدى العقود الماضية، أفضى التعاون الصيني الأمريكي إلى مكاسب مشتركة، فيما خلقت المواجهة بينهما خسائر متبادلة.

ويتمتع البلدان بقدر عال من التكامل من حيث البنية الاقتصادية ومزايا الموارد وطلبات السوق وغيرها، مما فتح آفاقا للتعاون تفوق حجم الخلافات بكثير. وسواء تجارة السلع والخدمات أو الاستثمارات البينية، فقد جلب التعاون مكاسب فعلية لشعبي البلدين ومؤسساتهما.

وظلت الصين تؤكد أن الطريق الصحيح الوحيد لحل الخلافات والنزاعات في العلاقات الاقتصادية والتجارية بينها وبين الولايات المتحدة يمثل إيجاد حلول مقبولة للطرفين من خلال الحوار والتشاور على أساس المساواة والعقلانية وتبادل الاحترام. وأي تحرك لفرض ضغوط أحادية أو الابتزاز لن يساعد في تسوية القضايا، بل سيعقّد الوضع ويلحق أضرارا بمصالح الجانبين الأساسية.

وتُعتبر هذه المباحثات فرصة جديدة لتوضيح الجانب الصيني وجهات نظره المحورية للجانب الأمريكي. ومن خلال التواصل الدوري وحتى المواجهات، مكَنت المباحثات الولايات المتحدة من الإدراك بوضوح أنه لا رابح في الحرب التجارية، ولا يرغب الجانب الصيني في خوضها، ولكنه لن يرضخ أمامها، وستلتزم الصين دوما بالحفاظ على مصالحها الجوهرية والعدالة الدولية.

وقد أتاحت هذه المباحثات فرصة للجانب الأمريكي للإمعان في العلاقات الثنائية بنظرة بعيدة المدى، والإدراك بشكل كامل أن الحفاظ على التنمية السليمة والمستقرة والمستدامة للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين يخدم المصالح الأساسية للبلدين والشعبين ويدفع نمو الاقتصاد العالمي.

ومقارنة مع احتواء تنمية الصين من خلال فرض الضغوط، يكون في مصلحة الولايات المتحدة الطويلة الأجل إجراء تعاون بناء مع الصين وبذل جهود مشتركة لتوسيع التبادلات معها. كما أن دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى مسار سليم ومستقر ومستدام يتطلب جهودا مشتركة من الجانبين.

وتمثل مباحثات جنيف زخما إيجابيا في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وترسي أساسا متينا للتواصلات والمفاوضات اللاحقة. ولكن "روما لم تُبن في يوم وحد"، خاصة أن التناقضات الهيكلية والخلافات العميقة الأبعاد بينهما مازالت موجودة، فمن المستبعد حلها خلال وقت وجيز. ويتعين الحفاظ على التوقعات العقلانية تجاه هذه المباحثات واتجاه تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في المستقبل.

وأظهر جلوس البلدين على طاولة التفاوض موقفهما المتمثل في ضرورة تجنب تصعيد التوترات، ولكن من غير الواقعي تعليق الأمل على تسوية كل الخلافات عبر جلسة أو جلستين.

نرحب باستئناف الحوار بين البلدين، ولكن نمتلك استعدادا نفسيا شاملا لمهمة طويلة الأمد ومعقدة وشاقة لردم الخلافات بين الصين والولايات المتحدة. ويتعين على الجانبين الحفاظ على زخم الحوار الحالي وإدارة الخلافات وحشد التوافق وتقوية الثقة عبر الحوار على قدم المساواة.

وتُعتبر مباحثات جنيف خطوة أولى على طريق طويل يتوجب على الصين والولايات المتحدة استكشافه معا وتمهيده بحكمة وشجاعة.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号