share
arabic.china.org.cn | 13. 05. 2025

دلالات الاتفاق الأمريكي- الحوثي بشأن وقف إطلاق النار

arabic.china.org.cn / 16:32:15 2025-05-13

بقلم قاو وان ينغ*

13 مايو 2025 / شبكة الصين / أعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في 6 مايو الجاري عن توصل الولايات المتحدة وجماعة الحوثي في اليمن إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، حيث وافق الطرفان على وقف الأعمال العدائية التي تهدد حركة الشحن في البحر الأحمر وباب المندب.

وبدا الاتفاق وكأنه خارج توقعات المجتمع الدولي، إذ إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يتبنى موقفا مشددا تجاه الحوثيين ووجه ضربات مكثفة وعنيفة للجماعة بعد توليه الرئاسة. ولكن هذا الاتفاق بين الولايات المتحدة والحوثيين كان مقبولا بالنظر إلى المطالب الرئيسية للطرفين ودور مسقط وطهران في ذلك.

وقد أجبر الوضع الولايات المتحدة على اختيار الجلوس على طاولة المفاوضات. ففي ظل رفع ترامب مبدأ "أمريكا أولا" بعد عودته إلى البيت الأبيض وحرب الرسوم الجمركية، واصل الحوثيون استهداف السفن التجارية والأسطول الأمريكي في البحر الأحمر، الأمر الذي لم يرفع تكلفة الشحن البحري ويفاقم معدلات التضخم فحسب، بل أجبر الولايات المتحدة على ضخ مزيد من الموارد في الشرق الأوسط.

وتمثل هذه المشاكل عقبات أمام الولايات المتحدة في طريق "عودة العظمة لأمريكا". ولذلك، تبنى ترامب موقفا مشددا تجاه الحوثيين بعد توليه رئاسته الثانية، في محاولة لإجبار الحوثيين على التنازل والاستسلام من خلال استخدام "القوة". ولكن الواقع برهن على أن اتباع هذا النهج في العمل مرهِق وغير مجدٍ في حرب غير متكافئة.

وفي ظل صعوبة تحقيق الضربات العسكرية النتائج المرجوة منها، لجأت إدارة ترامب إلى التفاوض لحل قضية "الحوثيين".

ومقارنة مع سلفه بايدن، أولى ترامب مزيدا من الاهتمام بحل القضايا ذات الصلة بمصالح الولايات المتحدة على نحو مباشر وسريع وبتكلفة قليلة، بل واستهان بما وُصف بـ"الأيديولوجيا" و"الأعراف الدبلوماسية" و"علاقات الحلفاء" وغيرها.

وبالنسبة إلى ترامب، فإن التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين قبل زيارته المزمعة إلى دول الخليج، بما فيها السعودية والإمارات وقطر، لم يمكّنه من الوفاء بتعهداته بشأن "أمريكا أولا" فحسب، بل أيضا إثبات قدرته على حل القضايا الشائكة في المنطقة. ولن يعزز ذلك زخم زيارته الخارجية الأولى خلال ولايته الثانية فحسب، بل سيزيد أوراق المساومة في المفاوضات مع دول الخليج في المستقبل.

وبوصفها طرفا مهما من "محور الممانعة"، كانت جماعة الحوثي الوحيدة في المنطقة التي جرأت على مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل والتصدي لهما، والتزمت باستهداف سفنهما التجارية في البحر الأحمر وتوجيه ضربات داخل الأراضي الإسرائيل بهدف ربط القضية الفلسطينية بمصالحها لرفع شرعيتها في العالم العربي وتوطيد مكانتهم في اليمن وتوسيع تأثيرهم في الشرق الأوسط.

ورغم أن الغارات الأمريكية في الفترة الماضية لم تزعزع حكم الحوثيين على مناطق اليمن الرئيسية، إلا أنها أثرت بشكل فعلي على سيطرتهم على الموانئ والمنشآت العسكرية. والهدنة مع الولايات المتحدة ستُمكّنهم من الحصول على فرصة لالتقاط الأنفاس وتجنب استنزاف قدرتهم القتالية.

وفي الوقت نفسه، رغم تحقيق الهدنة حاليا، فقد أعرب الحوثيون بشكل واضح أن الاتفاق لا يشمل إسرائيل. وهذا النوع من الهدنة "باتخاذ موقفين مختلفين تجاه كل من الولايت المتحدة وإسرائيل" لم يسهم في الحفاظ على قوتهم والتزاماتهم الأيديولوجية فحسب، بل يساعد في إبقاء صورتهم المتمثلة في التصدي للهيمنة الإسرائيلية.

وعلاوة على ذلك، أعلن الحوثيون بشكل صاخب عن فرض حظر جوي على إسرائيل قبل إعلان الاتفاق، ما لم يعزز سرديتهم في مقاومة إسرائيل فحسب، بل ترك كذلك مساحة كافية للتحركات اللاحقة.

ومن اللافت أن عُمان التي رعت المفاوضات بين واشنطن وطهران، كانت كذلك الوسيط في هذه الهدنة. وبوصفها دولة خليجية تتمتع بعلاقات خاصة نسبيا مع طهران، ظلت السلطنة جسرا في الحوار بين الولايات المتحدة وإيران منذ فترة رئاسة أوباما.

وكشفت وسائل إعلام شرق أوسطية أن طهران لعبت دورا في هذه الهدنة، في حين يبدو أن إسرائيل ظلت بعيدة عن مجريات الأحداث.

ومع انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية، يبدو أن واشنطن وطهران ومسقط تجمعهم نية ربط مسألة استقرار البحر الأحمر بالملف النووي الإيراني.

وربما مازال المجتمع الدولي مرتابا في ما إذا كانت واشنطن وطهران تتمتعان بنية صادقة لإجراء المفاوضات، برصد مجريات جولاتهما السابقة بشأن الملف النووي. ولكن هذه الهدنة الجزئية في البحر الأحمر تعكس- من جانب معين- موقفهما العملي، واستعداد الولايات المتحدة لتبادل المصالح مع طهران بصرف النظر، ولو موقتا، عن وجهة نظر حليفها إسرائيل.وأما طهران فوافقت ضمنيا على وقف محور الممانعة عن مضايقة المصالح الأمريكية.

وفي المرحلة الراهنة، توجد تناقضات عميقة الأبعاد يصعب تسويتها فيما بين واشنطن وطهران، ولكن لا يخلو التاريخ من "انعطافات مفاجئة"، بدء من زيارة ريتشاد نيكسون إلى الصين وصولا إلى اتفاقية كامب ديفيد. وربما هناك عدد من القضايا العالقة التي ما زالت تنتظر الحل في المفاوضات الأمريكية الإيرانية، إلا أن المؤشرات الحالية تظهر أن الطرفين تجمعهما رغبة في التوصل إلى اتفاق.

*باحثة في معهد دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري 


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号