مكسيكو سيتي 12 مايو 2025 (شينخوا) في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد العالمي، انطلقت أعمال الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى الصين-سيلاك (مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي) في بكين اليوم (الثلاثاء).

وتمثل عودة المنتدى إلى بكين بعد عشر سنوات من انعقاد أول اجتماع وزاري له علامة بارزة. ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في دفع رؤية بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وأمريكا اللاتينية إلى الأمام وتعزيز التعاون بين الدول النامية في الجنوب العالمي.

ومتحدين بالتزامهم بالتعددية والتحسين الذاتي كدول من الجنوب العالمي، حققت الصين وأمريكا اللاتينية الكثير على مدى العقد الماضي. وفي هذا السياق، تطور المنتدى ليصبح منصة حيوية تعزز الثقة السياسية المتبادلة، وتنسق إستراتيجيات التنمية، وتقوي الروابط بين الشعوب.

وعلى مر السنوات الماضية، ساهمت الاتصالات رفيعة المستوى والتواصل الإستراتيجي على نحو وثيق في توجيه علاقات الصين مع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي من خلال مشهد دولي متغير، لتمهد الطريق نحو مرحلة جديدة تقوم على المساواة والمنفعة المتبادلة والابتكار والانفتاح، بما يحقق فوائد ملموسة لكلا الشعبين.

وقد تجلت الثقة السياسية العميقة في إقامة أو استئناف بنما والسلفادور وجمهورية الدومينيكان ونيكاراغوا وهندوراس العلاقات الدبلوماسية مع الصين، وكذلك في قيام فنزويلا والأوروغواي وكولومبيا ونيكاراغوا بتطوير أو إقامة شراكة إستراتيجية مع الصين.

ومن الجدير بالذكر أن العلاقات بين البرازيل والصين شهدت نقلة نوعية في سبيل بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك من أجل عالم أكثر عدالة وكوكب أكثر استدامة. وتسهم مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين في دعم التنمية في أكثر من 20 اقتصادا في دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ويتجلى ذلك في عدد من مشروعات التعاون البارزة التي يجري تنفيذها حاليا.

وتعد الصين حاليا ثاني أكبر شريك تجاري لأمريكا اللاتينية، فيما أصبحت المنطقة ثاني أكبر وجهة للاستثمارات الخارجية الصينية، إذ بلغت قيمة الاستثمارات التراكمية 600.8 مليار دولار أمريكي في نهاية 2023. وفي الوقت الحالي، لدى الصين 5 شركاء في التجارة الحرة في المنطقة. كما أنها السوق الأكبر للكرز التشيلي منذ سنوات، وتستحوذ الشركات الصينية على 37 بالمائة من السيارات المباعة في الإكوادور.

كما يتوسع التعاون بين الصين ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي إلى قطاعات جديدة، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية والتجارة الإلكترونية العابرة للحدود، بديناميكية مدفوعة من المنتديات الثنائية الناجحة في مجالات الابتكار العلمي والتكنولوجي والتعاون في التكنولوجيا الرقمية والتعاون في مجال الفضاء، وذلك في إطار منتدى الصين-سيلاك. وأسهمت تقنيات الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي الصينية في دفع قدرات الصناعات المحلية، مما سهل عملية التحول الرقمي.

كما يساعد تنفيذ مشاريع عالية المستوى في إطار مبادرة الحزام والطريق في دفع عملية التحديث الصناعي في المنطقة، من بينها تجهيز منطقة فينيكس بارك الصناعية في ترينيداد وتوباغو بشبكة متطورة من الجيل الخامس "5 جي".

وأدى تعميق العلاقات بين الصين ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي إلى تعزيز فرص العمل، بما في ذلك توفير وظائف ذات دخل أعلى من خلال مشروعات مبادرة الحزام والطريق. ومن بين الأمثلة الحديثة على ذلك، إعادة افتتاح الخط الأول الرئيسي لمترو مدينة مكسيكو سيتي في أبريل، وهو مشروع تم تنفيذه بدعم من الخبرات الصينية ويهدف إلى تحسين تجربة التنقل للسكان.

في الوقت نفسه، عززت مجموعة واسعة من البرامج التبادلات الثقافية والروابط الشعبية، مثل المنح الدراسية الحكومية الصينية، وبرامج التدريب المهني للدول الأعضاء في سيلاك، ومنتدى تنمية الشباب بين الصين ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وعام التبادل الثقافي بين الصين ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، إلى جانب مشروعات المساعدات الخارجية الصينية التي تهدف إلى تحسين سبل المعيشة.

مع الوقوف عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة، من المتوقع أن تبني العلاقات والتعاون بين الصين ودول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي على ما تحقق من إنجازات سابقة، وأن تدخل عصرا جديدا زاخرا بالفرص مع آفاق أوسع.

ويبعث اجتماع منتدى الصين-سيلاك في بكين برسالة قوية من دول الجنوب العالمي تجدد التأكيد على الوحدة، لا سيما في مواجهة تزايد حالة عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ الناتجة عن صعود الأحادية، والحمائية، والممارسات التسلطية.

ولا شك أن تعزيز علاقات الصين مع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والتعاون بينهم سيسهم في ترسيخ الاستقرار ويعزز الزخم الإيجابي في عالم يشهد اضطرابات متزايدة.