share
arabic.china.org.cn | 12. 05. 2025

تحليل إخباري: جولة ترامب المرتقبة تعكس ثقل دول الخليج في معادلة الأمن والاقتصاد العالمي

arabic.china.org.cn / 23:17:14 2025-05-12

عواصم عربية 12 مايو 2025 (شينخوا) يبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولته الخليجية، التي تشمل السعودية وقطر والإمارات، غدا الثلاثاء في أول زيارة خارجية له منذ بدء ولايته الرئاسية الثانية في يناير 2025.

وسيصل ترامب إلى السعودية غدا للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن المتوقع أن يحضر اجتماع قمة مع قادة دول الخليج في الرياض الأربعاء، قبل أن يسافر في اليوم نفسه إلى قطر، ثم ينهي جولته الخميس في الإمارات.

وتعكس هذه الجولة المرتقبة للرئيس ترامب "ثقل دول الخليج في معادلة الأمن والاقتصاد العالمي"، وفق محللين سياسيين خليجيين.

وأوضح المحللون، أن ترامب اختار دول الخليج لجولته الخارجية الأولى بسبب تصاعد الدور الجيوسياسي لهذه الدول، التي تلعب "دورا فاعلا في الوساطة في القضايا الكبرى"، حتى أصبحت "مركز تفاهمات إقليمية عابرة للمحاور"، فضلا عن "القدرات الاستثمارية الهائلة" لهذه الدول، ورغبة ترامب في إبرام "صفقات ضخمة"، تخفف الضغوط الداخلية التي يواجهها بسبب سياساته الاقتصادية.

-- ثقل خليجي

وقال الباحث في مركز الرياض للدراسات السياسية والاستراتيجية عبد العزيز الشعباني، إن زيارة ترامب المرتقبة إلى الدول الخليجية "ليست عفوية أو مجاملة بروتوكولية بل تعكس إدراكه لثقل دول الخليج في معادلة الأمن والاقتصاد العالمي".

وأضاف الشعباني، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "ترامب كما يعرف الجميع رجل صفقات، يعرف أن دول الخليج ليست فقط سوقا بل مفصل توازن إقليمي، ومفتاح في ملفات الطاقة ومكافحة الإرهاب والتحالفات".

وتابع أن ترامب تجاوز البروتوكول الخاص للرؤساء الأمريكيين، وجعل السعودية ودول الخليج محط السمع والبصر العالمي بالتوجه إليها في زيارته الأولى.

وكانت السعودية أيضا أول دولة يزورها ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، مخالفا بذلك العرف لدى رؤساء الولايات المتحدة، الذين بدأت زياراتهم بالمملكة المتحدة أو كندا أو المكسيك.

وأردف الباحث السعودي أن "أهمية دول الخليج اليوم لم تعد فقط في النفط أو الاستقرار الداخلي، بل في دورها المتصاعد كوسيط سياسي ذكي"، مشيرا إلى أن "دولة مثل السعودية أصبحت تلعب أدوارا فعالة في ملفات معقدة مثل الملف الإيراني والحرب الروسية الأوكرانية".

واستطرد قائلا إن "ترامب يدرك أن فهم الرياض أولا قد يجعل من صوته مسموعا في دول المنطقة وما حولها، فهي لم تعد مجرد حليف تقليدي بل أصبحت منصة توازن تقرأ من خلالها تحولات الإقليم، أضف لذلك أن ترامب لا يختار دول الخليج فقط كموقع استراتيجي بل كمركز تفاهمات إقليمية عابرة للمحاور".

بدوره، رأى الدكتور أحمد خميس أستاذ العلاقات الدولية والإعلام في كليات التقنية العليا بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن اختيار ترامب للدول الخليجية كوجهة لزيارته الخارجية الأولى "يحمل دلالات متعددة، حيث تعكس هذه الزيارة أهمية الدور الذي تلعبه دول الخليج في الوساطة بين القوى الكبرى، بالإضافة إلى قدرتها الاستثمارية الضخمة".

وأضاف خميس، أن الدول الخليجية تعتبر "شريكا استراتيجيا (للولايات المتحدة الأمريكية) في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، مما يجعلها وجهة مثالية لزيارة الرئيس الأمريكي".

أما المحلل السياسي الإماراتي الدكتور أحمد المنصوري، فرأى أن اختيار ترامب دول الخليج لزيارته الخارجية "يعكس أهمية هذه الدول في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ودورها الفاعل في الوساطة في القضايا الكبرى".

وقال المنصوري إن "دور هذه الدول في الوساطة في قضايا مثل الملف الإيراني والحرب الروسية الأوكرانية كان وراء اختيار ترامب زيارة هذه الدول، التي تلعب دورا محوريا في هذه الملفات خاصة في ظل التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط".

-- قدرات استثمارية ضخمة

وأكد خميس، أن "ترامب يسعى من خلال هذه الزيارة لتحقيق إنجازات ملحوظة خاصة في الجانب الاقتصادي، حيث أبدى اهتمامه بإبرام صفقات استثمارية ضخمة مع الدول الخليجية، والتي قد تخفف الضغوطات الداخلية والخارجية، التي يواجهها بسبب سياسته المتعلقة بالرسوم الجمركية".

وفي يناير الماضي، صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأن بلاده سوف تستثمر 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة.

وفي مارس الفائت، أعلن البيت الأبيض أن دولة الإمارات سوف تستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الـ 10 المقبلة، وذلك بعد لقاء ترامب مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.

وأشار خميس، إلى أن "هذه الاستثمارات (الخليجية) قد تساعد ترامب في تهدئة ردود الفعل العنيفة للرأي العام الأمريكي تجاه سياساته".

لكن الشعباني رأى أن "القدرات الاستثمارية الخليجية بالتأكيد عنصر مهم، لكنها ليست السبب الوحيد ولا حتى الأهم" لاختيار ترامب دول الخليج لزيارته الخارجية الأولى.

وقال الشعباني، إن "ترامب رجل أعمال صحيح، لكنه أيضا رجل حسابات جيوسياسية، خصوصا أنها فترته الثانية وقد اكتسب أبعاداً ورؤى أوسع، وأعتقد أنه يرى اليوم في دول الخليج عدة أمور مهمة مجتمعة: ثروة ونفوذ سياسي متزايد ومرونة في التحالفات، فالسعودية مثلا، لا تمثل فقط قوة مالية بل حاضنة لمشاريع استقرار إقليمي، ومفتاح لملفات عالمية مثل الطاقة، والإسلام السياسي".

وردا على سؤال حول احتمالات توقيع ترامب صفقات استثمارية ضخمة مع الدول الخليجية التي ستشملها زيارته، أوضح الباحث السعودي أن "ترامب دائماً يحرص على أن يظهر بمظهر من جاء ليأخذ شيئا كبيرا، سواء حدث ذلك فعلا أم لا، ودول الخليج من جانبها تعرف هذا الأسلوب، وتجيد إدارة هذا الأمر بذكاء، والسعودية على وجه الخصوص، أصبحت أقل اندفاعا تجاه العناوين الاستثمارية الضخمة، وأكثر ميلا إلى المصالح المتبادلة المستدامة".

وتابع أن "ترامب سيتحدث عن صفقات، لكن هل سيكون منها ما ينفذ فعلا؟، هذا يعتمد على اللغة التي يتحدث بها ترامب، وعلى مدى احترامه للواقعية الخليجية الجديدة".

وأشار إلى أن "الشارع الأمريكي قد لا يهدأ من مجرد توقيع صفقات" مع دول الخليج، لكن "ترامب يعرف كيف يسوّق أي اتفاق خارجي كإنجاز اقتصادي داخلي، فإذا نجح في إظهار أن استثمارات الخليج تعني وظائف في أمريكا أو توازن في الميزان التجاري، فربما يخفف ردود الفعل تجاه سياساته الاقتصادية، ودول الخليج اليوم غير الأمس، فقد أصبحت تصوغ الشروط بما يتناسب معها، وهذا الفارق سيجعل أي صفقة اليوم أكثر إتزانا وأكثر فهماً لمعادلة الربح السياسي من الطرفين".

إلا أن المنصوري أوضح أن "دول الخليج تمتلك قدرات استثمارية هائلة مما يجعلها شريكا مهما للولايات المتحدة، وهذه القدرات الاستثمارية الضخمة سبب رئيسي في اختيار ترامب لها لزيارته الخارجية الأولى".

وأشار إلى أن "ترامب يواجه تحديات داخلية تتعلق بالاقتصاد، لذا فإن الاستثمارات الخليجية يمكن أن تخفف الضغوط التي يتعرض لها، وتعزز من دعمه السياسي".

ونوه بأنه "من المحتمل جدا أن تعقد صفقات استثمارية كبيرة خلال هذه الزيارة خاصة أن ترامب يحتاج إلى إنجازات ملموسة لتعزيز صورته الداخلية، والصفقات مع دول الخليج تعتبر خطوة استراتيجية في هذا الاتجاه".

وأكد المنصوري، أنه "إذا تمكن ترامب من توقيع صفقات ناجحة (مع دول الخليج)، فقد يساعد ذلك في تخفيف حدة الانتقادات الموجهة له" من قبل الرأي العام الأمريكي.

-- تهدئة شكلية

وأوضح الشعباني، أن "دول الخليج تسعى بجدية نحو استقرار إقليمي شامل، لكنها تدرك أن ترامب لا يأتي وهو يحمل حلولا عادلة لأزمات المنطقة، بل أولويات تخدم مصالحه وتحالفاته التقليدية، وفي ملفات مثل غزة واليمن، دول الخليج تدفع باتجاه التهدئة، بينما ترامب ينظر إليها بمنظار داخلي انتخابي أو إسرائيلي بالدرجة الأولى، لذا المتوقع ألا تكون الزيارة منصة لأي حلول مباشرة بل مجرد تفاهمات أو رسائل تهدئة شكلية".

وشاطره الرأي الخبير الإماراتي الدكتور أحمد خميس بقوله إن "دول الخليج تسعى لتحقيق استقرار في المنطقة، وهناك انتقادات عربية واسعة لانحياز ترامب لإسرائيل، وهذه الزيارة قد تشكل فرصة لترامب لطرح حلول لأزمات المنطقة، لكن يبقى من المهم مراقبة مدى جدية التزامه في معالجة هذه القضايا".

وأشار إلى أن زيارة ترامب للدول الخليجية تحمل في طياتها العديد من الأبعاد السياسية والاقتصادية، ونتائجها ستنعكس بشكل كبير على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، وعلى الوضع الإقليمي بشكل عام.

بينما أوضح الخبير الإماراتي الدكتور أحمد المنصوري أن زيارة ترامب يجب أن تتناول الأزمات الإقليمية مثل غزة واليمن، لأن تحقيق تقدم حقيقي يتطلب الاستماع لمطالب الدول الخليجية بشأن حل الأزمات القائمة.

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号