6 مايو 2025 / شبكة الصين/ في شركة لإنتاج الأسمدة ببلدة تامن التابعة لمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم شمال غربي الصين، تخرج طلبيات الأسمدة من خط الإنتاج بانتظام، ويحملها العمال بمهارة ويُكدسونها استعدادا لشحنها لأماكن مختلفة. ويتنقل مؤسس هذه الشركة، داني كاميل، بين خط الإنتاج والمكتب، ويتلقى الكثير من المكالمات على هاتفه. 

ويبلغ داني من العمر أكثر من 60 عاما، لكن طموحه لم يخفت، حيث ينشغل بإنهاء تفاصيل الطلبيات مع العملاء بلغة صينية فصيحة، ويتصفح بين الحين والآخر بيانات الإنتاج التي تظهر أمامه على الشاشة الإلكترونية.

وفي عام 1988، اتبع داني، الذي تخرج لتوه من الجامعة، نصيحة أستاذه وجاء إلى الصين من مسقط رأسه بلجيكا للعمل كمختبر أعلاف في مدينة شنتشن التابعة لمقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين. ولاحقًا، انضم إلى شركة فنلندية في مدينة تشانجيانغ لإنتاج الأسمدة القابلة للذوبان في الماء، وعمل هناك لأكثر من عشر سنوات.

وفي عام 2005، زار داني منطقة شينجيانغ لأول مرة بهدف الترويج للأسمدة. وحينها، عرّفه أحد العملاء على تقنية الري بالتنقيط على نطاق واسع في المنطقة.

ويتذكر داني قائلا "للسوق الزراعية الصينية آفاق واعدة، فالأسمدة تتبع الماء، وتستخدم شينجيانغ تقنية الري بالتنقيط، ما يجعل الطلب على الأسمدة القابلة للذوبان في الماء في السوق هائلا، فسرعان ما قررت البقاء في شينجيانغ".

وفي عام 2006، أسس داني أول مصنع للأسمدة القابلة للذوبان في الماء في مدينة شاوان التابعة لمنطقة شينجيانغ. وطوّر هو وفريقه تركيبات تعتمد على خصائص التربة المختلفة لمساعدة المزارعين على تحسين جودة الأراضي الملحية والقلوية.

وقال داني "في الماضي، كانت الأراضي الملحية والقلوية تعاني ترسيبات الملح الأبيض التي تظهر كالثلج". مضيفا أنه بعد تحسين التربة، نمت شتلات القطن الخضراء في تلك الأراضي. 

وأوضح داني أنه على مدار العقد الماضي، توسعت قاعدة إنتاج المصنع من 1 إلى 4 قواعد، بمبيعات سنوية تتجاوز 40 ألف طن، تغطي أكثر من مليوني مو (مو واحد يساوي حوالي 667 مترا مربعا) من الأراضي المُحسّنة. كما حصلت الشركة على شهادة "مؤسسة عالية التقنية".

ومن خلال تحسين التربة، وتقنيات الري الموفر للمياه، وتطبيقات الحصاد الآلي، شاهد وشارك داني في التغييرات التاريخية التي شهدتها صناعة القطن في منطقة شينجيانغ.

ولم يتوقف داني عن الاستكشاف، حيث رأى أن شينجيانغ، باعتبارها منطقة زراعية وتربوية رئيسية، تُغذي الأسمدة العالية الجودة محاصيلها ما يوفر أعلافا أفضل لتكاثر الماشية؛ ويمكن تحويل النفايات العضوية الناتجة عن صناعة تربية الماشية إلى أسمدة طبيعية لتغذية التربة.

وبدأ داني محاولة إدخال الماشية البلجيكية العملاقة، وقال "هناك دائمًا فرص جديدة في شينجيانغ، حيث تنمو الماشية البلجيكية بسرعة وتعد من الأفضل في إنتاج اللحم، وإذا أمكن تهجينها مع الأبقار المحلية في شينجيانغ، فستُحسّن جودة المنتجات بالتأكيد وتزيد المنافع الاقتصادية".

وبعد جهود حثيثة، تحوّلت رؤية داني إلى واقع، حيث تضم مزرعته حاليا أكثر من 300 رأس ماشية، كما روج لتقنية السائل المنوي المُجمّد في منطقة منغوليا الداخلية ومقاطعة شاندونغ ومناطق أخرى. ويخطط لإنشاء مركز لزراعة الأجنة لتعزيز جودة وكفاءة صناعة أبقار اللحم.

وبعد 20 عامًا في شينجيانغ، اندمج داني تمامًا في الحياة المحلية. فخلال عيد الربيع، كان هو وموظفو شركته يوزعون زينة العيد ويعدون ويتناولون فطائر "جياوتسي". وعندما يكون مرهقا من العمل، يجلس ويعد لنفسه إبريقا من الشاي الأخضر للاسترخاء. وعندما يكون متفرغًا، يذهب إلى سوق محلية. ويتناول طبقا كبيرا من الدجاج والكعك المخبوز عندما يشعر بالجوع.

وتأثر داني بشدة بالتغييرات التي شهدتها شينجيانغ وقال "عندما وصلتُ إلى شينجيانغ لأول مرة، لم يكن هناك سوى عدد قليل من المطارات في المنطقة بأكملها، وكان الوصول إلى جنوب شينجيانغ يستغرق عدة أيام من رحلات برية شاقة". مضيفا أن المنطقة تشهد الآن أكثر من 20 مطارًا تربط جميع أنحاء شينجيانغ، والطرق السريعة مترابطة بشكل جيد، وقد وصلت السكك الحديدية إلى صحراء تاكليماكان. 

وأكثر ما أثار إعجاب داني هو التغييرات التي شهدتها بلدة تامن. فقد كانت بلدة صغيرة ذات شارع رئيسي واحد، أما الآن فتشهد تشييد مجمعات سكنية جديدة واحدة تلو الأخرى، والسيارات الخاصة متوقفة أمام كل منزل، ولا توجد حتى مواقف سيارات كافية.

وقال داني "جئتُ إلى شينجيانغ في الوقت المناسب، وقد منحني ذلك فرصة لبدء مشروعي التجاري". مشيرا إلى أنه مع استمرار شينجيانغ في التقدم كمنطقة رئيسية في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، فستكون هناك المزيد من الفرص وقال "في المستقبل، لن نبيع الأسمدة والماشية فقط إلى المقاطعات الأخرى، بل أيضًا إلى دول آسيا الوسطى". مؤكدا أن أمنيته تتحول الآن إلى حقيقة خطوة بخطوة مع تطور هذه المنطقة الواعدة.