arabic.china.org.cn | 06. 05. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم: هلال تشانغ
القاهرة 4 مايو 2025 (شينخوا) عندما تجولنا بالسيارة في وسط الجزائر العاصمة مؤخرا، رأينا برجا شاهقا ملفتا للنظر على شكل حرف "H"، وقد بدا وكأنه يرتدي "معطفا" رماديا وأزرق، مزينا بزخارف ذهبية ومنقوشا عليه باللغة العربية "وزارة السكن والعمران والمدينة".
ويشكل هذا البرج المكون من 26 طابقا، إلى جانب مبنيين أقل ارتفاعا يتألف كل منهما من 9 طوابق، ومبنى مخصص للمؤتمرات من 6 طوابق، المقر الجديد لوزارة السكن والعمران والمدينة الجزائرية.
ومن المتوقع تسليم هذا المقر الذي شيده فرع الشركة الصينية العامة للهندسة الإنشائية (CSCEC) في الجزائر، قبل الموعد المحدد للطرف الجزائري خلال أربعة أشهر تقريبا.
وبجدران زجاجية زرقاء مُثبتة في الأعلى وعلى ما يقرب من نصف الجدران على الجوانب لإدخال الضوء الطبيعي، يبدو برج المقر مثل حاوية عملاقة مليئة بضوء الشمس ذات جمال وبكفاءة في توفير الكهرباء. وعند دخول طابقه الأول، وجدنا الضوء ساطعا وناعما ولا حاجة إلى تشغيل المصابيح للإضاءة.
وفي معرض إشارتها إلى الوظيفة المتميزة للجدران الزجاجية، قالت الشابة الصينية هوانغ شي جيه، ذات الـ26 ربيعا، خلال جولة تعريفية بالمقر الجديد الذي تتولى شركتها تنفيذه، "لا يستطيع هذا الزجاج الخاص تصفية الأشعة فوق البنفسجية في شمال إفريقيا فحسب، بل يسمح أيضا بإدخال الضوء الطبيعي بلطف إلى أماكن العمل في كل طابق".
وتابعت بنبرة يملؤها الاعتزاز أنه بالتعاون مع نظام التحكم الذكي في درجة الحرارة، الذي تم إدخاله من الصين، يمكن الحفاظ على درجة حرارة الغرفة داخل البرج دائما عند حوالي 22 درجة مئوية.
وأضافت أنه وفقا للتقديرات، وبعد تشغيل البرج، من المتوقع أن يتم تقليل استهلاك الكهرباء للإضاءة أثناء النهار بنسبة تتراوح بين 30 و35 بالمائة مقارنة بالمباني التقليدية، فيما قد يساعد في خفض إجمالي استهلاك الكهرباء بنحو 40 بالمائة.
وفي الطابق العلوي المخصص للمشاهدة السياحية بالبرج، أطال ضوء الشمس ظلال عدد من المهندسين الصينيين والجزائريين بينما كانوا يتكئون على الزجاج ويتناقشون بسعادة. وعلى مسافة بعيدة، يمكن رؤية جامع الجزائر الأعظم، ثالث أكبر جامع من نوعه في العالم، وملعب 5 جويلية 1962 اللذين تم بناؤهما أيضا من قبل شركات صينية، بوضوح.
وبالنظر إلى المشهد أمامه، توقف بوكابوس عادل، الموظف الجزائري المسؤول عن فحص الجدران الزجاجية، عن عمله قبل أن يبدي إعجابه، قائلا "بفضل الزجاج، أصبح العمل هنا متعة".
وفي وادي ملاق بولاية الكاف شمال غربي تونس، يقع سد خرساني يبلغ ارتفاعه عشرات الأمتار، كأنه تنين رمادي فضي عملاق يحرس النهر شبه الجاف.
وفي موقع بناء السد شاهدنا مؤخرا موظفين صينيين وتونسيين يرتدون خوذات أمان بيضاء، وهم منشغلون بشكل منظم أمام السد الرئيسي وخلفه، بينما كانت شاحنات الرش تقوم بإزالة الغبار بانتظام.
وباعتباره أكبر مشروع للحفاظ على المياه في تونس خلال العقد الماضي، فإن مشروع سد ملاق، الذي شيدته الشركة الصينية لإنشاءات الطاقة الكهربائية (POWERCHINA)، يحمل "الجينات الخضراء" منذ مرحلة التصميم.
وبعد اكتمال بنائه، من المتوقع أن يلعب السد دورا هاما في تنظيم الجفاف والفيضانات في تونس، فضلا عن ضمان الري الزراعي وتوفير المياه اللازمة لمعيشة السكان.
وبوصفها دولة تعاني من نقص المياه، تولي الحكومة التونسية أهمية كبيرة لتخزين وتخصيص الموارد المائية.
وقال لو مينغ جون، مدير مشروع السد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لقد اعتمدنا على عملية "لا حفر ولا انفجار في الجبل أثناء البناء، مما يسبب أضرارا أقل بكثير من حيث الدمار والتلوث للبيئة الطبيعية المحلية".
وتابع أن سد ملاق يعتمد على تقنية الخرسانة المضغوطة بالأسطوانة (Beton compactat cu role) ويتطلب استهلاكا أقل للأسمنت.
وأضاف لو، أن المشروع قد تضمن أيضا خزان ترسيب ووحدات تنقية مياه من الصين لإعادة تدوير المياه المستخدمة.
وقد تجاوز التقدم في بناء سد ملاق 90 بالمائة، ومن المتوقع أن يكتمل بحلول نهاية العام الجاري.
ويمنح السد، الموظف التونسي محمد علي، البالغ من العمر (32 عاما)، الأمل.
ويعمل علي، بالمشروع منذ ثماني سنوات، وعلى الرغم من أنه يتعين عليه قطع نحو 15 كيلومترا كل يوم للوصول إلى موقع البناء لربط قضبان الفولاذ، إلا أنه لا يشعر بالتعب الشديد.
وقال علي، إنه بسبب الجفاف المستمر في السنوات الأخيرة، انخفض إنتاج المحاصيل في الحقول بشكل كبير قبل أن يمسح عرقه ويتنهد، قائلا "يمنحنا السد الأمل، ولم نعد نعتمد كليا على الطقس في معيشتنا".
وتتابع مديرة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس بدرة قعلول، مشروع السد عن كثب منذ بدئه، وتصف المشروع بأنه صديق للبيئة بحق، إذ أنه لا يمنع الفيضانات ويخزن المياه فحسب، بل يحمي أيضا البيئة المحيطة إلى أقصى حد.
وقالت بدرة لمراسلي ((شينخوا)) في مكتبها الواقع في العاصمة التونسية، إن هناك عديدا من السدود بتونس قديمة وفي حالة سيئة، متمنية أن يكون مشروع سد ملاق مجرد بداية التعاون الثنائي، فيما تتمكن الشركات الصينية من مساعدة المزيد من السدود القديمة في تونس على استعادة حيويتها في المستقبل.
وفي مدينة الناظور شمال شرقي المغرب، يوجد مصنع ضخم لإنتاج شفرات توربينات الرياح، هو أول مصنع خارج الصين تابع لشركة ((أيولون)) المحدودة للتكنولوجيا (.Aeolon Technology Co. Ltd)، وهي شركة صينية متخصصة في مجال تصنيع شفرات توربينات الرياح.
وقد دخل بناء مبنى المصنع المرحلة النهائية، وسيتم وضعه في الإنتاج التجريبي في نهاية شهر مايو الجاري، بقدرة إنتاجية سنوية مخططة تبلغ 750 مجموعة من شفرات توربينات الرياح.
وخلال زيارة قمنا بها حديثا، رأينا آلات هندسية تعمل خارج المبنى على تسوية ساحة تستخدم لوضع شفرات توربينات الرياح، بينما يقوم عمال صينيون ومغاربة بتنظيف سطح عدة شفرات توربينات الرياح والتي يبلغ طولها 87.5 مترا، وتبدو كحيتان عملاقة ترقد بهدوء داخل المبنى البالغ طوله قرابة ألف متر.
وقال شيوي ون جيون، نائب المدير العام لمصنع أيولون بالمغرب، إن التعاون بين الجانبين يعد تناغما مثاليا، إذ أن شركة "أيولون" تمتلك معدات وتقنيات رائدة عالميا، بينما يتمتع المغرب بموقع متميز وطلب قوي على تنمية الطاقة المتجددة.
وتابع شيوي، الذي شهد عملية بناء المصنع كاملة من مرحلة اختيار الموقع على ساحل البحر المتوسط إلى قرب اكتماله، قائلا إن المصنع لم يحظ بتقدير كبير من قبل الحكومة المغربية فحسب، بل أشادت به العديد من وسائل الإعلام باعتباره "اللغز الرئيسي في سلسلة صناعة طاقة الرياح في شمال إفريقيا".
وأضاف أن شركة "أيولون" بحد ذاتها شركة طاقة جديدة، فالخضرة جين متأصل فيها.
ويستخدم المصنع مواد بناء صديقة للبيئة، ويقلل استهلاك الطاقة من خلال منصات رقمية أثناء التشغيل، ويتخلص من النفايات عن طريق شركات متخصصة، ساعيا جاهدا إلى استدامة السلسلة بأكملها، وفق شيوي.
ويعد العمل بالمصنع "أمرا رائعا" بالنسبة لأميمة، وهي فتاة مغربية انضمت إلى المصنع لمدة شهرين فقط.
وقالت أميمة على متن حافلة العودة بعد انتهائها من النوبة اليومية إن كلا من المغرب والصين يسعيان إلى التنمية الخضراء، وأنها لم تكتسب معارف جديدة في المصنع فحسب، بل لمست أيضا مسار المستقبل.
وخلال الزيارة إلى الدول الثلاث في شمال إفريقيا، شعرنا بعمق أن هناك العديد من الأمثلة للشركات الصينية التي تمارس المفاهيم الخضراء في هذه القارة، من مشروع تخزين الطاقة الكهروضوئية في ولاية تندوف الجزائرية، إلى محطة معالجة مياه الصرف الصحي في مدينة سوسة تونسية، وحتى المصنع الخالي من الكربون في القنيطرة بالمغرب.
ولا تشكل تلك المشاريع نموذجا حيا للعمل المشترك بين الصين ودول شمال إفريقيا على استكشاف التنمية المستدامة فحسب، بل إنها تشهد أيضا مدى توافق التكنولوجيا والفلسفة الصينية مع احتياجات التنمية في شمال إفريقيا.
وعندما يعبر ضوء الشمس الجدران الزجاجية لمقر الوزارة في الجزائر، ويمتلئ خزان سد ملاق بمياه النهر، وعندما تدور شفرات توربينات الرياح المصنوعة من قبل "أيولون" مع الريح، ترسم الشركات الصينية صورة خضراء للمستقبل مع دول شمال إفريقيا.
ويصف ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الإفريقي-الصيني للتنمية في المغرب، المشاريع الخضراء للشركات الصينية في شمال إفريقيا "بأنها مثل واحة في الصحراء".
وباعتباره مشاركا في مزرعة الصين-إفريقيا التجريبية للزراعة بالمياه المالحة، فإنه يتمتع بفهم عميق في هذا الصدد.
وقال بوشيبة لـ((شينخوا)) إن الشركات الصينية لا تجلب التكنولوجيا المتقدمة فحسب، بل أيضا الأمل في التنمية المستدامة، مضيفا أن دول شمال إفريقيا في حاجة ماسة إلى التنمية الخضراء، وهناك مساحة واسعة للتعاون المتبادل المنفعة بين الجانبين.
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |