share
arabic.china.org.cn | 05. 05. 2025

شي جين بينغ: مهندس السلام والتنمية العالمية صاحب الرؤية المستقبلية

arabic.china.org.cn / 03:41:54 2025-05-05

بكين 4 مايو 2025 (شينخوا) في مبنى المؤتمرات المهيب بمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، يتلألأ وعاء برونزي فاخر يبلغ ارتفاعه 65 بوصة تحت ضوء خافت، وتشتعل مينا الكلوازوني الخاصة به بلون أحمر صيني زاهٍ.

هذا الوعاء، المعروف باسم "تسون أوف بيس" والذي قدمه الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر 2015 كهدية خاصة بمناسبة الذكرى الـ70 لتأسيس الأمم المتحدة، ليس مجرد قطعة فنية دقيقة؛ بل يجسد طموح الشعب الصيني وقناعته بالسعي من أجل السلام والتنمية والتعاون والنتائج المربحة للجميع، وفقا لما قاله شي أثناء إزاحة الستار عنه.

وبعد عقد من الزمن، وبينما يسافر الرئيس الصيني إلى موسكو للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ80 للانتصار في الحرب الوطنية العظمى، فإن حضوره يحمل في طياته عبء التاريخ ويجدد في الوقت ذاته رؤية نحو المستقبل.

إن شي جين بينغ، الذي يقود أمة تتوق دوما إلى السلام والوئام عبر تاريخها الطويل وتعززت قوتها من معاركها ضد العسكرية والإمبريالية والفاشية في ماضيها القريب، يتمتع ببصيرة فريدة حول قيمة السلام، وقد دافع بإصرار عن بناء عالم يسوده السلام، وهي قضية ذات أهمية بالغة في ظل التوترات والصراعات على الساحة العالمية اليوم.

ــ التَطَلُُّع إلى السلام

يرى شي أن التاريخ مرآة يجب على البشرية أن تستخلص منها الدروس لتفادي تكرار الكوارث الماضية.

ويوافق هذا العام الذكرى الـ80 للانتصار في ما يعرف في الصين باسم "الحرب العالمية ضد الفاشية"، أو كما تُعرف عالميًا بالحرب العالمية الثانية. فقد شاركت معظم أنحاء العالم فيها، وراح ضحيتها أكثر من 100 مليون شخص بين قتيل وجريح، في ما وُصف بأنه الصراع الأكثر تدميرا في تاريخ البشرية.

وقد لعبت شجاعة الشعب الصيني وتضحياته الجسيمة دورا حاسما في دحر الفاشية اليابانية، ووفرت دعما استراتيجيا للحلفاء في ساحات المعارك في أوروبا والمحيط الهادئ.

وقال شي ذات مرة: "علّمنا التاريخ أن نكون دائمًا في حالة تأهب للحرب، التي تشبه الشيطان والكابوس، وتجلب الكوارث والآلام للشعوب". وأضاف: "كما علّمنا التاريخ أن نحافظ على السلام بعناية فائقة، فالسلام، كحال الهواء وأشعة الشمس، لا يشعر به الناس أثناء استفادتهم منه، لكن لا أحد يستطيع العيش بدونه".

وتتجلى هذه الرؤية التاريخية بوضوح في سعي شي الدؤوب نحو السلام، إذ أكد مرارًا التزام الصين بالتنمية السلمية، متعهدًا بألا تسعى الصين أبدا إلى الهيمنة أو التوسع أو بسط النفوذ، مهما بلغت قوتها.

وخلال زيارته إلى فرنسا عام 2014، أعاد شي تشكيل استعارة نابليون الشهيرة التي تصف الصين بأنها "أسد نائم" سيهز العالم عند استيقاظه. وقال شي: "الآن استيقظ الأسد الصيني، لكنه أسد مسالم وودود ومتحضر"، موضحا بذلك البعد السلمي لـ"الحلم الصيني".

وتنبع فلسفة شي من الثقافة الصينية القديمة المتجذرة منذ آلاف السنين. وبوصفه قارئا نهما للكتب الصينية الكلاسيكية، شرح ذات مرة كيف تنظر الحكمة الصينية القديمة إلى الحرب والسلام، مستشهدًا بكتاب "فن الحرب" الذي كُتب قبل أكثر من ألفي عام.

وقال شي في كلمة رئيسية ألقاها في مكتب الأمم المتحدة بجنيف عام 2017 إن الرسالة الجوهرية للكتاب "هي أن كل جهد يجب أن يُبذل لمنع الحرب، وأنه لا بد من توخي الحذر الشديد عند خوضها".

وتتجلى نظرة شي إلى الحذر في الحروب أيضًا في حواراته المتبادلة مع قادة ومسؤولين أجانب، إذ قال خلال لقائه وزير الدفاع الأمريكي آنذاك جيمس ماتيس في بكين عام 2018: "من المعروف منذ زمن بعيد أن الخبراء الحقيقيين في الشؤون العسكرية لا يرغبون في استخدام الوسائل العسكرية لحل القضايا".

ومن مظاهر تأملات شي الواضحة أيضا تقديره للتاريخ وتكريمه للأبطال. وقال ذات مرة: "الأمة التي تتطلع إلى المستقبل لا يمكن أن تخلو من الأبطال". ومنذ عام 2014، دأب شي على تكريم أبطال الصين الذين سقطوا في "يوم الشهداء" الذي يوافق 30 سبتمبر، أي قبل يوم من العيد الوطني للبلاد.

وفي عام 2015، خلال الاحتفال بالذكرى الـ70 لانتصار الصين في الحرب العالمية الثانية، قدم شي ميداليات لقدامى المحاربين الصينيين ولممثلين من روسيا ودول أخرى ساندت الجنود الصينيين في المعارك.

وكان نيكولاي تشويكوف، حفيد الجنرال السوفيتي المارشال فاسيلي تشويكوف، من بين من تسلموا "وسام السلام" من شي، وقال تشويكوف: "من بين جميع الأوسمة التي نلتها، أعتبر وسام السلام الأرفع مكانة".

ــ شُعلة التعددية

تحت قيادة شي، التزمت الصين بسياسة خارجية مستقلة قائمة على السلام، ولعبت دورا نشطًا في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وعززت صداقاتها وشراكاتها مع مختلف الدول حول العالم.

وفي ظل عودة الهيمنة والحمائية إلى الواجهة، فإن العالم يواجه مجموعة معقدة بشكل متزايد من التحديات والشكوك. وفي نظر شي، فإن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأوضاع هو ممارسة التعددية الحقيقية، وقد شبهها ذات مرة بشعلة يمكن أن تنير الطريق أمام البشرية.

وحث الرئيس الصيني المجتمع الدولي مرارا على حماية النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة والذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، ويرتكز على القانون الدولي.

وقال: "يجب أن نروج للتعددية، والتي تتمثل جوهرها في أن الشؤون الدولية ينبغي أن تُحسم عبر التشاور بين جميع الدول، وليس من قبل دولة أو عدد قليل من الدول فقط".

لقد قاد شي، وهو من أشد المدافعين عن التعددية الحقيقية، الصين على مر السنين إلى الاضطلاع بدور استباقي وبنّاء في معالجة القضايا الساخنة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وفي سبيل إنهاء أزمة أوكرانيا في وقت مبكر، قدم شي مقترحا من أربع نقاط، يؤكد فيه على احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول، والتمسك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ومراعاة الشواغل الأمنية المشروعة لكافة الدول، ودعم كل الجهود التي تسهم في التسوية السلمية للأزمة.

وتحت قيادته، مارست الصين دبلوماسية مكوكية ومساعي وساطة لتعزيز محادثات السلام، وأطلقت مجموعة "أصدقاء السلام" بالتعاون مع البرازيل ودول الجنوب العالمي الأخرى، بشأن أزمة أوكرانيا في الأمم المتحدة.

وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، دعم الرئيس الصيني السلام والاستقرار في المنطقة المتقلبة. وبفضل وساطة الصين، اتفقت السعودية وإيران في مارس 2023 على استعادة العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة دامت سبع سنوات. وفي المرحلة التي سبقت المفاوضات، تحدث شي بشكل منفصل مع زعيمي كلا البلدين.

وخلال مكالمة هاتفية مع شي بعد وقت قريب من تحقيق هذا الإنجاز، أشاد ولي العهد السعودي رئيس الوزراء محمد بن سلمان آل سعود بدور الصين متزايد الأهمية والبنّاء في الشؤون الإقليمية والدولية.

في مواجهة قتامة الصراع التي تلوح في الأفق، دافع شي عن نهج تحويلي نحو الأمن الجماعي، ففي مايو 2014، صاغ رؤيةً للأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام لآسيا. وبعد ثماني سنوات، قدّم مبادرة الأمن العالمي للعالم.

وقال شي: "نحن كبشر، نعيش في مجتمع أمني لا يتجزأ"، داعيا إلى الحوار بدلا من المواجهة، والشراكة بدلا من التحالفات، والنتائج المربحة للجميع بدلا من نهج المحصلة الصفرية.

ــ "المفتاح الذهبي" للتنمية

يظل السلام الدائم أحد أسمى تطلعات البشرية. وبالنسبة إلى شي، فإن السلام والتنمية لا ينفصلان. وقد قال ذات مرة إن "شجرة السلام لا تنمو في أرض قاحلة، وثمرة التنمية لا تُنتج وسط ألسنة الحرب".

وفي ضوء العلاقات المتشابكة، يصر شي على أن "المفتاح الذهبي" لمستقبل آمن ومستقر هو دفع التنمية المستدامة.

ومنذ توليه رئاسة الصين، وضع شي التنمية في صميم رؤيته لبناء مستقبل أفضل للبشرية. وتشمل المبادرات التي اقترحها لتحقيق ذلك، مبادرة الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية، واللتين تعملان كجسور لتعزيز التنمية المشتركة عبر تعاون أوسع نطاقا.

وقدمت الصين مساعدات إنمائية لأكثر من 160 دولة، وشمل تعاون الحزام والطريق أكثر من 150 دولة. وضمن مبادرة التنمية العالمية، حشدت الصين نحو 20 مليار دولار أمريكي من أموال التنمية، وأطلقت أكثر من 1100 مشروع، ما عزز محركات النمو والتحديث في العديد من الدول، لا سيما النامية منها.

ــ تحديث النظام العالمي

على ضفاف نهر هوانغبو في شانغهاي، تأسس بنك التنمية الجديد عام 2014 من قبل دول البريكس الخمس لتوفير الدعم التمويلي للدول الأعضاء لتعزيز البنية التحتية في مجالات النقل والطاقة النظيفة والبنية الرقمية.

وخلال زيارته للبنك قبل أيام قليلة، لم يرَ شي فيه مجرد مؤسسة مالية، بل وصفه بأنه "مبادرة رائدة من أجل وحدة وتحسين الذات في الجنوب العالمي"، مؤكدًا التزامه الدائم ببناء نظام دولي أكثر عدلا وإنصافا.

وتقف دول بريكس في طليعة دول الجنوب العالمي، وقد دفع شي شخصيا باتجاه التوسع التاريخي لعضوية التكتل في عام 2023 من أجل خلق وحدة أقوى بين دول الجنوب العالمي. وقال إن هذا التوسع سيعزز قوى السلام والتنمية في العالم على نحو أكبر.

وترى الصين أن الدول النامية لا تزال ممثلة تمثيلا ناقصا في منظومة الحوكمة العالمية التي يهيمن عليها الغرب منذ فترة طويلة، وتؤمن بأن التنمية العالمية ستكون أكثر توازنا والسلام العالمي أكثر رسوخا فقط عندما ينعكس صعود الأسواق الناشئة والدول النامية في نظام الحوكمة العالمية.

وخلال قمة مجموعة الـ20 لعام 2022 في بالي بإندونيسيا، دعم شي بشدة انضمام الاتحاد الأفريقي إلى الآلية الرائدة متعددة الأطراف، ما جعل الصين أول وأبرز المدافعين عن تعزيز صوت أفريقيا في الحوكمة العالمية.

وفي السنوات القليلة الماضية، طرح شي مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية بوصفها من المنافع العامة العالمية الرئيسية، بهدف إقامة نظام حوكمة عالمي أكثر عدلا وإنصافا.

وقال الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بان كي مون، الذي تسلّم "تسون أوف بيس" من الرئيس الصيني نيابة عن الأمم المتحدة قبل 10 أعوام، إن مبادرات الصين لتعزيز السلام والتنمية على الصعيد العالمي لا تنفصل عن رؤية شي الثاقبة.

وأضاف بان قائلا: "إن الصين تلعب دورا متزايد الأهمية على الساحة العالمية، وقد أظهر شي قيادة استباقية وحاسمة. إنه يؤمن دوما بأن أداء الصين الجيد مرتبط بأداء العالم الجيد، وعندما تبلي الصين بلاء حسنا، فإن العالم يصبح أفضل أيضا".

وبحسب تعبير شي نفسه: "كلما زادت قوة الصين، زاد أفق السلام في العالم". /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号